أعلن ترامب في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض وإلى جواره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتاريخ 28 يناير/ كانون الثاني 2020 أثناء رئاسته الاولى ،أن خطته “قد تكون الفرصة الأخيرة ” ” للفلسطينين
بهذه الكلمات اختصر ترامب ما يريده كحل للسلام في الشرق الأوسط لحق أُغتصب قبل عقود من الزمن ..
بهذه الكلمات أراد ترامب أن يفرض رأيه على الفلسطينين بعد أنْ تشاور مع نتنياهو على رؤيته او خطته للسلام ..
ولكن لم يكتف بذلك بل ناقش الأمر مع زعيم المعارضة في اجتماع منفصل أيضاً..
وكانت هذه الرؤية محط ترحيب من طرفي المعادلة السياسية في الدولة العبرية. كان ذلك في سنة 2020 ،ومن قرأ بنود هذه الرؤية التي سُميت ب” صفقة القرن” يجدها صُممت لصالح الكيان رغم أنها تدع إلى دولتين ولكن الدولة الفلسطينية المزعومة بلا مقومات وتعتمد كلياً على دولة الكيان .
ترامب أراد إنهاء الصراع بحسب ما رأى على طريقة إنهاء الصراع في أمريكا عندما فرض رعاة البقر معاهدة استسلام على سكان أمريكا الأصليين لضمان حياتهم أنذاك بعد ارتكبت مجازر فظيعة لإنهاء وجود القبائل من سكان ذلك البلد ، ولهذا سماها الفرصة الأخيرة لأنها ليست سلاماً بالمعنى العميق لهذه المفردة بين طرفين ، بل هي فرصة لطرف مقتول لا محالة فيما لو لم يرضخ لها !!.
وَمَنْ أسماها بصفقة يعي أنَّ ترامب يعرض الأمر كما يعرضه رجال الأعمال الفائزون على طرف خاسر لا يملك إلا أنْ يوافق على يمليه الطرف الرابح …
هكذا كانت المعاهدة وهذا ما أراده ترامب أنذاك ، وقد عبر نتنياهو عنها بحسب البي بي سي ” هي فرصة قرن، ولن نفوتها”.
ولم يكتف ترامب بذلك بل دفع وضغط لإعلان معاهدات سلام بين بعض الدول العربية الخليجية على وجه التحديد وبين الدولة العبرية فيما أطلق على هذه الخطة “إتفاقات إبراهم” لكن ظروف 2024 غير ظروف 2020 فنتنياهو بعقليته الصهيونية لم يعد يرض بفرصة القرن كما سماها أنذاك بل يسعى إلى حلم القرن فلا غزة قرب البحر ولا دولة فلسطينية ،وإنْ كانت صفقة قرن قبل اربع سنوات ستكون في عامنا هذا أو العام المقبل “اذلال القرن “.
وهذا ما تفرضه العقلية الصهيونية ، وهناك من العرب من يتماهي مع هذه الرؤية ويراها فرصة لازدهار الشعوب العربية لتنسى فلسطين .
ربما تحاول المملكة العربية السعودية لملمة ما بقي من صفقة القرن في مؤتمرها الأخير لترضى به الأطراف الفلسطينية في نهاية المطاف في الإطار المرسوم لسيناريو الهزيمة وإنهاء المقاومة !!.
سيناريو الهزيمة :
منذ طوفان الأقصى وجولة بلنكين وزير خارجية الولايات المتحدة (حتى الآن) كانت تهيئ الأجواء لفرض هزيمة مذلة لحماس وللشعب الفلسطيني ، وكانت أول شعاراتها حل في غزة بلا حماس، بل زاد نتنياهو وصرح لا حماس ولا منظمة التحرير ،ولا دولة فلسطينية !!!!.
وهنا يأتي التساؤل الذي لن يجيب عليه إلا المقاومون، هل سيرضى الفلسطينيون بصفقة ترامب كانقاذ لما تبقى؟ هل سينجح سيناريو الهزيمة أم لا !؟
دعونا لا نتشاءم كثيراً ، وقد فُهم من كلامي أعلاه أني مُسلمٌ بالواقع المفروض أو الذي ستفرضه الأحداث بعد فوز ترامب وتدمير غزة والجنوب اللبناني .
أول الجواب لإفشال السيناريو إنَّ المعركة لم تُحسم بعد ، وما في الميدان يختلف كثيراً عما نراه في الاعلام ذي الاتجاه الواحد لتعزيز التدمير الصهيوني بتدمير للرفض القلبي لدى لدى الشعوب العربية على أقل تقدير.
وفي المفاوضات يفوز من كان نَفَسَهُ طويلاً ، لهذا تلجأ الولايات المتحدة والكيان إلى المفاوضات تحت النار !.
و أي حل تحت النيران وأثناء الحرب يعني الهزيمة بلحاظ قوته التدميرية !!.
ماالذي يملكه المفاوض العربي؟
لن أتحدث عن ضربات المقاومة في عمق الكيان لأنها حتى هذه اللحظة لم تحدث التغيير المطلوب في الواقع .
و لعل المفاوض يستفيد من نقطة أساسية هو استعجال ترامب للحلول فهو يسعى لحسم الامر في الشرق الأوسط ليفي بتعهداته الانتخابية أو لتعهداته للحكومة العالمية في تسوية ملف الفلسطينيين نهائياً ، وهو صرح بأنه “سينهي ملف الصراع في الشرق الأوسط “.
ليستعد للصين عدوته أو عدوة الولايات المتحدة وهذا ما كان يصرح به، ويرى أن الصين تتغلب تجارياً إو اقتصادياً على الولايات المتحدة وكحل أولي يسعى لفرض رسوم إضافية على الواردات الصينية ، وربما يُشرع قوانين أخرى لموازنة الخلل الذي يراه في المعادلة الصينية الأمريكية.
ونعود إلى استعجال ترامب لسلام في الشرق الأوسط وأي إطالة قد تؤدي إلى ملله واستفزازه أيضاً، فهل يستطيع المقاومون الاستفادة من ذلك أم لا !؟
وان رؤيته لأمريكا أولاً هل تؤثر على رؤيته للسلام في الشرق الأوسط أم لا ؟
تبدو هذه النقطة ضعيفة بلحاظ مهم حينما شاور أركان الكيان الصهيوني في رؤيته أولاً مما يعني أنه لا يتقدم بخطوة على حساب الكيان ..
تعلمنا في الحياة أن العدو لا بمنح الهبات والسلام لا يفرض إنما هي رغبة طرفين متعادلين وإن تم الاتفاق فهو هش ليس له أساس لأن الأساس الصلب يعتمد على العدالة والمساواة وهذا ما لا يتوفر في صفقة القرن أو غيرها.