
بينما تتزاحم الأخبار وتتعدد القضايا الإعلامية حول العالم، قلما نجد صوتًا إعلاميًا يخرج عن السياق العام ليصنع فرقًا حقيقيًا عبر الالتزام اليومي والميداني بقضية عادلة. من صفاقس، المدينة التونسية النابضة بالحياة والثقافة، تطل الصحفية فاطمة مقني من ميكروفون إذاعة صفاقس، لتجعل من صوتها جسرًا يصل إلى فلسطين، ويجد في معاناة غزة نبضًا لا ينقطع.
ونظرًا لإيمانها بعدالة القضية الفلسطينية ورفضها لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، اختارت فاطمة أن يكون الأثير الإذاعي منبرًا لنقل أنين غزة وأصوات الشهداء والمقاومين في حرب إبادة تشنها (إسرائيل) ضد شعب أعزل، وقد برز اسمها كواحدة من أكثر المتضامنين إعلاميًا مع غزة ونُصرةً لها.
منذ أن بدأ جيش الاحتلال حرب الإبادة يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تماهت فاطمة مع نبض الشارع العربي، وتحول وقتها الإذاعي إلى مساحات تضامن ومتابعة يومية لأحداث قطاع غزة بلغة صادقة خالية من التهويل لكنها أيضًا خالية من التخاذل، انطلاقًا من إيمانها أنها صاحبة رسالة، وأن للإعلام دور أبعد من الترفيه وتناقل الأخبار.
تقول فاطمة لصحيفة “فلسطين”: إن “اهتمامي بالقضية الفلسطينية بدأ منذ عشرات السنين وتحديدًا في تسعينيات القرن الماضي، عندما كنت طالبة في التعليم الثانوي.”
وتضيف: “لم أترك فعالية نصرة لفلسطين وشعبها إلا وشاركت فيها تأكيدًا على رفض سياسات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية ودعمًا ومساندة لقضية فلسطين.” واستمرت فاطمة في هذه الفعاليات ولم تنقطع حتى بعد انضمامها إلى مجال الصحافة والإعلام.
تدرك الصحفية التونسية أن القضية الفلسطينية هي قضية كل البلدان العربية والإسلامية، وتعرف جيدًا أن اندثارها يعني انفراط العقد العربي، ولذلك هناك ضرورة ملحة أن يكون الدعم والتضامن الشعبي حاضرين دائمًا لفرض الضغط السياسي على الحكومات العربية من أجل التحرك ودعم القضية.
وعندما سألتها ماذا تمثل لكِ قضية فلسطين، أجابت: إنه “بالإضافة إلى أنها قضية أمة كاملة، باتت اليوم قضية إنسانية بامتياز بسبب الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني الذي يملك حق تقرير المصير”.
ومنذ انضمامها للعمل في إذاعة صفاقس المشهورة في تونس، لم تعد البرامج التي تقدمها مفني مجرد فقرات روتينية، بل تحولت إلى منصات تضامن فعالة، تستضيف عبرها محللين وحقوقيين وصحفيين، وتنقل تقارير موثوقة عن المجازر اليومية، وتسلط الضوء على قصص الشهداء والصامدين.
وعبر صوتها ذو النبرة القوية، صارت فاطمة مرآة تعكس وجع الغزيين في تونس، وتجعل من إذاعة محلية منبرًا عربيًا حيًا.
وترى مقني أن هناك نكسة على مستوى المواقف الرسمية والعربية تجاه القضية الفلسطينية، وصفتها أنها “طعنة في الظهر” لكنها قوبلت بصلابة على مستوى الدعم الشعبي لغزة وفلسطين.
وأضافت حول سبل مناصرة القضية الفلسطينية: يجب مواصلة الضغط الشعبي والإعلامي الذي يدعم القضية ويحب أن تتواصل حملات الدعم وتوفير كل مستلزمات الحياة للمواطنين الذين يتعرضون للإبادة وضرورة وقف الحرب كذلك.
وتشدد على أهمية التضامن العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية في ظل ما تتعرض له من مؤامرات إسرائيلية وأمريكية.
وتتابع: “على البلدان العربية مواصلة الضغط الشعبي على حكوماتهم من أجل توفير الدعم المناسب لفلسطين وشعبها وكذلك في العواصم الغربية دعمًا للضمير الإنساني من أجل حق الحياة ورفض الإبادة الجماعية المسلطة من آلة الاغتصاب الصهيوني، وعلى الحكومات العربية وخاصة البلدان الخليجية ومصر والأردن أن تستخدم ملفات الضغط التي تملكها من أجل النجاح في التفاوض لصالح الفلسطينيين.”
ومنذ بدء حرب الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، استشهد ما لا يقل عن 212 صحفيا في غزة، بحسب إحصاءات رسمية، فيما يراه مراقبون محاولة إسرائيلية لإخفاء صورة جرائمه عن العالم.
المصدر : فلسطين أون لاين