إدوارد سعيد ونقده للاستشراق : كتاب عن مركز الحضارة لفهم الواقع اليوم | بقلم الإعلامي والصحافي غالب سرحان
“إدوارد سعيد ناقد الإستشراق ، قراءة في فكره وتراثه” الصادر عن “مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي ” في 220 صفحة يحاول فيه خالد سعيد تقديم إحاطة شافية لفكر هذا المفكر الفلسطيني العالمي إدوارد سعيد وسبر أغواره العميقة من خلال جواهر كتبه وذلك في بابين :
الباب الاول “سعيد الانسان ” والذي يدخلنا الى ثلاثة فصول :
– الفصل الاول “محطات حياة إدوارد سعيد” من خلال كتابه “خارج المكان” الذي يكاد يختصره شعوره الدائم انه في غير مكانه . ومن ماهية إسمه مروراً بميلاده في القدس وتأثره بوالده ومقولته “لا تستسلم أبداً” الى ” خلق الذات بالذات” وصولاً الى مراحل التعليم وبيئته ، يوضح المؤلف كيفية صقل شخصية سعيد ورحلة البحث الدائم عن المكان والهوية في الشرق كما في الغرب .
– في الفصل الثاني من الباب الاول معالم ” البيئة الفكرية لسعيد” وروافد التكوين من الأسرة والعائلة مروراً بالمدرستين البريطانية والاميركية ونفوره من الكولونيالية وصولاً الى تأثير نكبة 48 على فكره .
– وفي الفصل الثالث من الباب الاول ” مصادر فكر سعيد” الدينية والرأسمالية والاشتراكية والماركسية وصولاً الى مناهضة العنصرية .
أما الباب الثاني من الكتاب فيفتح على ” إسهامات سعيد الفكرية ” في ثماني فصول :
– الفصل الاول كتابه الأهم
” الاستشراق ” الذي أدخله العالمية و”لو لم يكتب سواه لكفاه” لما شكله من بناء فكري لإشكاليات العلاقة بين الغرب والشرق ما جعله كشفاً للتكوين المؤسسي للإستشراق وارتباطه بالمصالح السياسية الغربية كأسلوب للسيطرة على الشرق بدءاً من كيفية بدء الاستشراق ثم مجاله ثم خطابه ولهذا احدث الكتاب صدمة كبيرة ولا يزال محوراً لسجال .
– الفصل الثاني يتناول كتابه ” الثقافة والامبريالية” حيث يرتبط تعريفه للثقافة بمدى ولائها للانسانية الشاملة حيث العمليات المؤسساتية والسياسية والاقتصادية لا تعد شيئاً دون سلطة الثقافة وليس التعددية المهجنة . ومن القراءة الطباقية يعود ادوارد سعيد الى الجذور مذكراً بما ارتكبه الغرب من مجازر مهولة في بلاد كثيرة كقتله 100 مليون انسان عندما اكتشف اميركا . وبين الجغرافيا والامبريالية يخلص سعيد الى ان كتابه ” كتاب منفى ” .
– في الفصل الثالث عرض لكتابه ” صورة المثقف” بدءاً من تعريفه كرسالة الى دوره الذي لا يختزل بوظيفة ولهذا يتبنى سعيد سياسة التوسع الفكري وصولاً الى ” المثقف والسلطة” حيث يطالب باستقلاله عنها وعدم قبول الحلول الوسطى معها بل مقاومة كل اشكالها معتبراً المثقف المتخلي عن رسالته خائناً لشعبه .
– في الفصل الرابع كتابه ” الانسنية والبعد الديمقراطي” دعوة لمنع اضمحلال الماضي وبناء حقول تعايش بدلاً من ميادين قتال وصدام حضارات .
– في الفصل الخامس كتابه ” العالم والنص والناقد ” والذي يوفر عدسات تمكن من قراءة اعماله بفائدة اكبر ويمثل المفتاح لأهميته النظرية المعاصرة.
– الفصل السادس مخصص لكتابه المهم “تغطية الاسلام” الذي يعالج العلاقة بين الغرب من جهة وعوالم الاسلام والعرب والشرق من جهة ثانية وهي العلاقة التي لازمته الى جانب القضية الفلسطينية حتى رحيله ، متناولاً فيه الاسلام كأخبار وقصة ايران والمعرفة والقوة وحوار الاديان ، مسجلاً جهل اميركا بالاسلام وجهل العقل العربي بها معتبراً فكرة وجود راعٍ او حكم اميركي خرافة ايديولوجية.
– الفصل السابع عن سعيد والقضية الفلسطينية من خلال كتابه “غزة اريحا-السلام الاميركي ” والذي تلخصه عبارته “اوسلو سلام بلا ارض ” وتركيزه على مخاطبة العقل الغربي لتوضيح الظلم الصهيوني وصولاً الى مبادئ متناقضة يراها المؤلف في سعيد ضمن عناوين “سعيد والسلطة الفلسطينية ” و” سعيد والاصلاح الداخلي الفلسطيني ” .
– اما الفصل الثامن والاخير فهو “سعيد في عيون اسرائيلية” ويليه رأي “في نقد سعيد ” وتناقضاته في التعايش وحق العودة والكفاح المسلح وحل الدولتين ليختم الكاتب في النهاية بان سعيد مشروع فكري متكامل جمع ثلاث خصال في آن :
– - اتساع وعمق المعرفة .
– الرصانة التاريخية والاكاديمية.
– والبعد القيمي والاخلاقي في الموقف السياسي .
ختاماً ربما يكفي لمن يريد ان يفهم إدوارد سعيد ، ان يقرأ كتاب خالد سعيد لما فيه من عمق وشمولية مكثفة باختصار لموسوعات كبار .
وقراءة هذا الكتاب اليوم مهمة جدا لفهم ما يجري في فلسطين والمنطقة من صراع مع العدو الصهيوني.