الاحدثمراجعة كتب
مراجعة لكتاب عبد الوهاب المسيري من المادية إلى الإنسانية الإسلامية| بقلم لمى عطوي
من ضمن سلسلة إعلام الفكر والإصلاح في العالم الإسلامي صدر عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي كتاب بعنوان “عبد الوهاب المسيري من المادية إلى الإنسانية الاسلامية” للكاتب والصحافي المصري ممدوح الشيخ.
والعودة الى هذا الكتاب اليوم مهمة جدًا نظرًا للدور الذي لعبه المسيري في شرح مخاطر الصهيونية والموسوعة التي أصدرها حول اليهود وذلك في ظل الصراع القائم اليوم في فلسطين والمنطقة والعالم.
ونظرًا لأهمية الدكتور عبد الوهاب المسيري و من إنجازاته في الكتابة والأدب، في السياسة وفي التطرق لقضايا مهمة كالعلمانية والصهيونية وبسبب تأثيره على صعيد المجتمع العربي كان لا بد من نشر كتاب من قبل مركز الحضارة للتعرف على شخصيته وأهم إنجازاته و تأثيره في مختلف المجالات.
فالكاتب في مقدمة الكتاب يتكلم كم ان الكتابة عن الدكتور المسيري ليست بالسهلة فهو صاحب مشروع متكامل لإعادة تأسيس العلوم الإنسانية وفق رؤية عربية إسلامية وكانت لديه انتاجات كبيرة وعديدة منها: دراسات في الظاهرة الصهونية، أعمال في النقد الأدبي، الأدب الإنجليزي، العلمانية وغيرها……وأهمية عبد الوهاب المسيري انه يشكل مرجعًا فكريًا مهمًا واستثانئيًا وسيتطرق لذلك الكتاب من خلال فصوله.
الباب الأول بعنوان “المسيري الإنسان” ويتألف من ثلاثة فصول هي : “التكوين”، “التحولات”، “نظرة على المسيرة والمراجعات”.
في الفصل الأول يتم التحدث بدايةً بشكل عام عن حياة الدكتور المسيري وأنه ولد سنة 1938 في مدينة دمنهور المصرية، إلتحق بقسم اللغة الانكليزية بكلية الأداب بالجامعة الاسكندرية ومن ثم سافر الى الولايات المتحدة لدراسة الماجستر وبعدها حصل على درجة الدكتوراه ومن ثم عاد الى مصر.
عام 1970 أصبح مسشتارًا لوزير الإرشاد القومي، عام 1972 صدر له ما يقال إنه أول مؤلفاته الحقيقية وهو كتاب ” مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني” قام بالانتقال إلى السعودية أيضًا حيث دَرسَ هناك في جامعة الملك سعود وبعدها علم في الكويت وفي عام 1990 توقف عن التدريس وتفرغ للكتابة….طبعًا في هذا الفصل هنالك معلومات كثيرة مهمة عن حياته الخاصة والمهنية وأهم المحطات التي مر بها في مسيرته العلمية والأدبية.
الفصل الثاني الذي بعنوان “تحولات” ففي هذا الفصل يتم التطرق أولاً لمفهوم “المراجعة الفكرية” وهو تعبير يقصد به الانتقال من معسكر فكري إلى معسكر آخر وحيث يتبنى الشخص رؤية فكرية مغايرة عما كان يؤمن به ان صح التعبير. ففي هذا الفصل يتم التطرق بشكل مفصل وعميق كيف تغيرت الرؤية الفكرية وبل حتى على مستوى الروحي والنفسي وكيف تغير تفكير الدكتور المسيري ويمكن اختصار الأمر بما ذكر عن ما قاله المسيري والذي وضِعَ في اخر الفصل بأنه اولاً في أول حياته إلتحق لفترة قصيرة بالإخوان المسلمين ومن ثم اتجه إلى الماركسية ولكن مع احتفاظه بقيم الخير، الحق والإيمان…..وبعدها عاد إلى الاسلام ولكن هذه المرة ليس كعقيدة دينية فقط حسب ما قال بل كرؤية للكون وللحياة وكإيديولوجيا.
هذا الفصل مهم جداً ويجب قرائته بعمق لفهم رحلة المسيري ورحلة الإنسان مع أفكاره والتغييرات التي تطرأ عليه.
الفصل الثالث يتم عرض بكل بساطة القضايا التي يمكن أن نأخذها من سيرة الدكتور المسيري ويعرض الكاتب هنا القضايا التي بنظره تشكل تقاطع بنبغي الوقوف عنده والذي عبره يمكن الولوج إلى أفكار الدكتور في الفصول التالية.
ويتحدث الكاتب انه هنالك ثلاث مفاتيح لهذا التقاطع:
1- هنا يتكلم على ان المسيري يخبر ان الفرد قبل المجتمع ولكنه في دمنهور تعلم ان المجتمع يسبق الفرد دون ان يلغيه.
2- كان يرى في سبل النهضة والتنمية للبلد الحزب الواحد واذا يكشتف بفشل هذه الرؤية.
3- الكلام على السيرة الهلالية حيث هنالك من قيم ما تتجاوز الماديات.
نصل الى الباب الثاني الذي يتكم عن عبد الوهاب المسيري كناقد أدبي ففي الفصل الأول يتم التكلم عن الملامح العامة لرؤيته النقدية، هذا الفصل مهم يتحدث عن اهتمامه بالأدب في حياته وعن انه حبه الاول ولكنه في حياته اتجه إلى أمور أخرى وهنا في الفصل يتحدث الكاتب عن أعماله مما ترجم ونقل وكل ما يتعلق بعمله الأدبي وافكاره. الفصل واضح ويختصر لنا مسيرة المسيري الأدبية.
في الفصل الثاني يتم التكلم عن عبد الوهاب المسيري كناقداً للتفكيكية والتفكيكية مصطلح ينتمي الى عائلة من المصطلحات المتداولة في الدراسات النقدية المعاصرة وهو مصطلح مثير للجدل بسبب ما يتضمنه معناه من مفاهيم معادية للغيبيات والتفكيكية ظهرت على يد الفيلسوف الفرنسي دريدا عام 1967. وفي هذا الفصل يتم شرح كل ما هو متعلق بنظريته ويتم التكلم عن نظرة المسيري إلى التفكيكية مما يمكننا من معرفة تاريخ فكره بشكل جيد.
الفصل الثالث هو عبارة عن نموذج من النقد التطبيقي، والنموذج يتعلق بشعر المقاومة الفلسطيني .
الباب الثالث يحمل عنوان “قضايا المنهج في فكر المسيري التحيز والموضوعية والنماذج الإدراكية”
ففي الفصل الأول يتم عرض الرؤية العامة لقضايا المنهج في الفكر المسيري، ولقد ذكر الكاتب ان المدخل لفكري المسيري في قضايا المنهج ما قاله مسيري عن نفسه انه ليس مهتما بالفلسفة بل بتاريخ الافكار ولقد عرض عديد من الافكار في هذا الاطار وفي الاخير قيل عن المسيري انه تخلص مما تفرضه النماذج الغربية وخلق اطار معرفي يرتب بالحقل التداولي العربي….بالانتقال الى الفصل الثاني الذي تكلم بشكل مفصل وكما في كل فصل وبمعلومات وفيرة عن كيف تعاطى المسيري مع قضايا الموضوعية والتحيز وهنالك تحديد للمسيري للتحيزات الاساسية للنموذج المعرفي والحضاري الغربي بعدة نقاط.
في الفصل الثالث الذي تحت عنوان ” الخريطة الادراكية والنماذج: نموذج العلمانية الشاملة مثالاً” في هذا الفصل تم التكلم عن كثير من النقاط المهمة مثل تعريف النموذج والانواع وصياغتها وبعدها التكلم عن العلمانية…
الباب الرابع يتكلم عن المشروع الفكري للدكتور المسيري والفصل الاول يلخص الاطار العام والملامح الرئيسة فعبد الوهاب المسيري من المتخصصين في الشأن الصهيوني وما يميز عالمه الفكري موسوعيته وتعدد مجالات عطائه وتكامل خبراته فهو يكتب الموسوعات ويكتب للأطفال….الفصل يتكلم عن التحولات في فكره ونظرته للأمور وبشكل عالم عن رأيه بالقضايا مثل العلمانية وغيرها ويفصل كل ما كان هاجساً عنده وما يبحث عنه اذا صح التعبير.
الفصل الثاني ينتقل الى تقديم عبد الوهاب المسيري في سياق الفكر الإسلامي وهنا يتم التحدث عن دراسة مميزة تناولت مشروعه الفكري وهي ” التوحيد : كيف ينسج خيوط كتابات عبد الوهاب المسيري؟” للدكتور عبد القادر مرزاق ويحاول من خلالها الكشف عن حقيقة مفهوم التوحيد في مشروع المسيري ويتم عرض اهم نقاط هذا البحث وكل الافكار المتعلقة بهذا الموضوع.
الفصل الثالث يتم عرض بكل بساطة مؤلفات المسيري من المنشوارات العربية مثل نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بينة الفكر الصهيوني، العنصرية الصهونية، الاميرة والشاعر : قصة للأطفال، الفلسفة المادية وتفكيك الانسان… وغيرهم ويتم التكلم عن كل كتاب وعما يتحدث وايضا هنالك جزء لأسماء المؤلفات الانكليزية والمؤلفات التي ترجمت الى لغات اخرى. في الاخير ملحق بشهادات التقدير والجوائز التي حصل عليها والمراجع في اخر الكتاب.
نلاحظ طبعاً كثرة المراجع لان حياة المسيري مليئة بكثير من المحطات والمؤلفات كما ذكر الكتاب فكان من الضروري الاستعانة بهذه المراجع لوضع كلام دقيق وموثوق في كل فصل وشرح للقارئ حياة المسيري ومنهج حياته وطريقة تفكيري وبطريقة غير معقدة.
الكتاب حقاً يعُرف بالمسيري وبإنجازته واهمية الاطلاع على حياته وكم يمكن الاستفادة من رحلته الفكرية ومن طرحه وبحثه في القضايا الكبرى.