دولي

أزمة الولايات المتحدة تستدعي البحث عن أجوبة لتحديات كبرى داخلية وخارجية كثيرة بقلم د. خليل حسين

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

بدأ الرئيس الأميركي جون بايدن في العشرين من يناير/كانون الثاني الحالي، بتحديات ذات أبعاد متصلة بفلسفة النظام الأميركي وما يتركها من تداعيات مفترضة في الداخل الأميركي وعلى المستوى الدولي ايديولوجيا وسياسيا واقتصاديا، لاسيما وان ما رافق عملية الانتخاب وما تلاها تعتبر سوابق في الحياة السياسية الأميركية تستدعي ردم فجوات ما خلفته سريعا، باعتبارها مظاهر تهدد فلسفة النظام برمته، وفي طليعتها ديموقراطية السلطة وتداولها بطرق محددة ومتوارثة عبر عشرات العقود، وهي جزء رئيسي من أيديولوجيا النظام القائم وأحدى مفاخرها.

هي سابقة ان تتعرض منظومة السلطة لضربة موجعة وفي عرينها الديموقراطي المتمثل في الكابيتول، الذي بدت مظاهرة لا تختلف ابدا عن أي مظهر انقلاب في أي دولة من دول العالم الثالث حيث العزل والاستيلاء على السلطة يتم بالقوة، والاشد غرابة ان تظهر هذه السلوكيات بمظهر المخطط لها يهدف الوصول الى نهايات سوداوية كما ظهر في التحقيقات الأولوية، التي ذهبت الى حد البدء في إجراءات عزل الرئيس، وهي سابقة أيضا لجهة الأسباب والخلفيات التي تمس وتلامس جوهر الكيان بعد النظام.

فالرئيس جون بايدن والحال هذه، سيبدأ ولايته بأزمة ثقة انتشرت وتوسعت في العقل الجمعي الباطني للأميركيين، مفادها ازمة نظام تعدّت ازمة حكم متصلة بسلوكيات سياسية يومية معتادة بين الجمهوريين والديموقراطيين، وهي بذلك تتطلب جهودا مضاعفة لتخطي بعض تداعياتها، سيما وان بعض الأمور ذهبت الى مسارات تصعيدية كالعزل قبل الانتفال المفترض للسلطة بأسبوع واحد تقريبا، وهو عمليا غير فعَّال، انما يشكل صورة من صور التحدّي للرد بحزم على ما حصل، بصرف النظر عن القدرة على تنفيذه في هذا الوقت الضيق جدا ام لا.

ان احد ابرز مرتكزات فلسفة الحكم هي الانتقال السلمي وتداول السلطة بصور ديموقراطية وحضارية، وهو بمثابة الوصايا اتي يستحيل التغاضي عنها او تجاوزها، وهو ما سيحاول الرئيس بايدن إعادة رسمه في عقول الاميركيين ومؤسساتهم التي تلقت صدمة غير مسبوقة عبر تاريخها الحافل بتداول السلطة بمختلف أنواعها ومستوياتها.

كما ان أزمة النظام تمتد أيضا الى حجم السيطرة الأميركية على النظام الدولي ووسائل التحكم به، ففي العقل الباطني للكثير من المفكرين والمتابعين ربطوا التحدّيات الأميركية بما سبق ومرَّ به الاتحاد السوفياتي وصولا الى التفكك والانهيار، ثمة بعض الوقائع تنحو الى ذلك السيناريو، لكن التدقيق اكثر يظهر ان النظام السياسي الأميركي وان بدا هشا في هذه الازمة، الا انه يملك من أدوات ووسائل الاستمرار والحماية الذاتية ما يمكنه من إعادة التموضع في الأماكن المناسبة لإعادة الانطلاق ولو بدا الامر صعبا وتشوبه الكثير من عوامل الثقة. فالتداعيات الداخلية وحجمها، جعلتا أسئلة أخرى تطرح حول قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار في قيادة النظام العالمي، بخاصة ان السلوكيات الأميركية في التعاطي مع حلفائها وغيرهم، اثبت البرغماتية المفرطة التي تتعامل واشنطن بها مع حلفائها القريبين والبعيدين. وهو مؤشر واضح على ضعف القيادة الأميركية في اتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب.

ورغم ذلك، لا يعني ان الولايات المتحدة ذاهبة بنفسها للتخلي عن القيادة الريادية للنظام العالمي، وان بدا ان ثمة منافسين فعليين لها، وان لم يخرجوا من عباءتها السياسية، رغم التوتر الظاهر في مواجهة ومعالجة بعض القضايا المشتركة. الا انه لا يمكن انكار المنافسة الجادة والخطرة مع بعض اللاعبين الآخرين كالصين وروسيا كمثالين واقعيين حاليا.

كما ان الأمر لا يقتصر فقط على الجوانب المادية، بل يمتد أيضا الى شبكة الحماية الفكرية الأيديولوجية للنظام السياسي الأميركي القائم على قاعدة الليبرالية الجديدة، وهو فكر طري العود جدد شبابه في العقد الأخير. وفي حقيقة الأمر من الصعب تخيل نظام سياسي لا يستند الى خلفية فكرية وهو تحدِ إضافي للنظام المؤسساتي الأميركي عليه اثباته مع كل انعطافه يمر بها وبخاصة في الأزمة الحالية. ربما لم تمر الولايات المتحدة بأزمة كبرى كالتي تمر بها اليوم، وهي تستدعي البحث عن أجوبة لتحديات كبرى داخلية وخارجية كثيرة.

د.خليل حسين

خليل حسين الجنسية : اللبنانية تاريخ الولادة: بيروت 17/8/1957 متأهل من الدكتورة ابتسام بدران ولي ولدان علي وليان المؤهلات العلمية دكتوراه دولة في العلوم السياسية / فئة أولى ،تخصص العلاقات الدولية والقانون الدولي،كلية الحقوق والعلوم السياسية،الجامعة اللبنانية،1990. حائز على رتبة "بروفسور" من الجامعة اللبنانية.2001 . دبلوم القانون الدولي الإنساني،المعهد العربي للدراسات القانونية ، جامعة الدول العربية،2007. الماجستير في الدراسات الإسلامية، جامعة المقاصد الاسلامية المعهد العالي للدراسات الإسلامية،1986. دبلوم علاقات عامة وإعلام، الجامعة الأمريكية في بيروت، ، 2002دكتوراه. الخبرات العملية مدير الدراسات في مجلس النواب اللبناني 1993- 2008. رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في كلية الحقوق والعلوم السياسية /الفرع الأول/، 2018. أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي والمنظمات الدولية والدبلوماسية في كلية الحقوق والعلوم السياسية / الجامعة اللبنانية منذ العام 1993. أستاذ مشرف في كلية القيادة والأركان في الجيش اللبناني منذ العام 2001 أستاذ مشرف في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة بيروت العربيةمنذ العام2006 . أستاذ مشرف في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة الإسلامية في لبنان منذ العام.2009 . أستاذ التنظيم الدبلوماسي والدولي في كلية الحقوق في جامعة بيروت العربية منذ العام 2006. مدير المركز اللبناني للبحوث والتوثيق والإعلام (1988 – 1993). رئيس تحرير مجلة مقاربات (1988 – 1993). مدير مركز دراسات السياسة الخارجية (1993- 1997). رئيس تحرير مجلة قضايا دولية ( 1993 – 1997). عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين منذ العام 1990. عضو اتحاد الكتاب العرب منذ العام 1990. عضو الجمعية العربية للعلوم السياسية منذ العام 2003. أمين سر الجمعية اللبنانية للاقتصاد 1999. مدير التوثيق والتحرير في مركز دراسات الوحدة العربية ( 1986 – 1988). باحث لدى المعهد العالي للدراسات الإسلامية (1985 – 1986). رئيس دائرة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للعلاقات الاقتصادية الخارجية (1983 – 1985). المؤلفات موسوعة المنظمات العالمية ،الجزء الأول: النظرية العامة ، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، 2017. موسوعة المنظمات العالمية ،الجزء الثاني: عصبة الأمم والأمم المتحدة والوكالات المتخصصة ، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، 2017. موسوعة القانون الدولي العام، الجزء الأول: أشخاص القانون الدولي،منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، 2013. موسوعة القانون الدولي العام،الجزء الثاني، قانون البحار والحرب والحياد،منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، 2013. موسوعة المنظمات الإقليمية والقارية ،الجزء الأول: النظام الإقليمي العربي وتجمعاته، منشورات الحلبي الحقوقية،الطبعة الثانية ، بيروت، 2012. موسوعة المنظمات الإقليمية والقارية ،الجزء الثاني: الاتحادت الأوروبية والإفريقية والأمريكية والأسيوية والمنظمات العسكرية والاقتصادية، منشورات الحلبي الحقوقية،الطبعة الثانية ، بيروت، 2012. الجغرافيا الاقتصادية والسياسية والبشرية والجيوبولتيكا، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت ، الطبعة الثانية ، 2012. التاريخ السياسي المعاصر للوطن العربي، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، 2012. قضايا عربية معاصرة، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، 2012. التنظيم الدبلوماسي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2011. التنظيم القنصلي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2011. المراسم والتشريفات الدبلوماسية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2011. العلاقات الدولية: النظرية والممارسة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010. الفكر السياسي في العصور القديمة والوسطى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2011. ذرائع الإرهاب الدولي وحروب الشرق الأوسط الجديد، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،2011. مكافحة الإرهاب الدولي : الاتفاقيات والقرارات الإقليمية والدولية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2011. التنظيم الدولي:النظرية العامة والمنظمات العالمية ،دار المنهل اللبناني،بيروت،2009 التنظيم الدولي،المنظمات القارية والإقليمية ، دار المنهل اللبناني،بيروت،2009. الجرائم والمحاكم في القانون الدولي الجنائي ،دار المنهل اللبناني،بيروت،2008. النظام العالمي الجديد والمتغيرات الدولية،دار المنهل اللبناني، بيروت، الطبعة الثانية ،2009. الجغرافيا السياسية، دار المنهل اللبناني، الطبعة الثانية،2008. الصراعات الإقليمية والدولية في لبنان،دار المنهل اللبناني،2008. قضايا دولية معاصرة، دار المنهل اللبناني،2006. السياسات العامة في الدول النامية ، دار المنهل اللبناني،2006. العدوان الإسرائيلي على لبنان:الخلفيات والأبعاد، دار المنهل اللبناني،2006. يوميات الحرب الإسرائيلية على لبنان:وقائع ووثائق، دار المنهل اللبناني،2006. حروب إسرائيل ضد لبنان،مجلس النواب اللبناني،1997،(بالاشتراك مع آخرين) سوسيولوجيا النظام العالمي الجديد، المركز اللبناني للبحوث والتوثيق والأعلام،الطبعة الأولى،2000 . السياسات العامة وصناعة القرار، المركز اللبناني للبحوث والتوثيق والأعلام ،الطبعة الأولى،1998. نظام الحياد في القانون الدولي ومدى مناسبته للبنان، مكتبة ، بيسان،1994. أثر المتغيرات الدولية في وحدة أوروبا،مركز دراسات السياسة الخارجية،1993. الكومنولث الروسي:مشروع اتحاد أم انحلال،مركز دراسات السياسة الخارجية،1993. المفاوضات العربية – الإسرائيلية،وقائع ووثائق،مكتبة بيسان،1993. مؤتمر مدريد وآفاق السلام،المركز اللبناني للبحوث والتوثيق والأعلام،1991. عهد الحكومتين في لبنان، المركز اللبناني للبحوث والتوثيق والأعلام،1991. شهادات الهزيمة: إسرائيل في لبنان،المركز اللبناني للبحوث والتوثيق والأعلام،1991. أثر المشاركة في سياسة لبنان الخارجية، المركز اللبناني للبحوث والتوثيق والأعلام،1988 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى