أثارت الحرب في إثيوبيا جدلاً حادًا في إسرائيل بشـأن نقل بقية يهود الفلاشا في إثيوبيا، بين من يطالبون بالإسراع في ذلك وبين الذين لا يرون ضرورة لنقلهم أصلا ويشككون في يهوديتهم.
ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريرًا ذكر أن الآلاف من الفلاشا ينتظرون حاليًا نقلهم جوًا إلى إسرائيل، فيما لا ترى الحكومة الإسرائيلية ضرورة ملحة لذلك.
وأوضح التقرير أنه مع تصاعد أزمة الحرب في إثيوبيا حاليا بدأ القلق يزداد لدى يهود الفلاشا في إسرائيل، وبدؤوا يضغطون على الحكومة الإسرائيلية لتخليص الآلاف من أقاربهم من مخاطر الحرب الأهلية.
وأضاف التقرير أن مصير بقية الفلاشا أصبح غارقا في خلافات حادة حول الوضع في إثيوبيا، وشرعية الادعاءات بيهوديتهم، وأعداد المؤهلين للحصول على الجنسية الإسرائيلية، والاتهامات بالعنصرية.
ويقول معارضو المزيد من عمليات لمّ شمل الأسر إن يهود إثيوبيا الأصليين وأحفادهم -الذين تحول الكثير منهم إلى المسيحية من قبل المبشرين الأوروبيين في أواخر القرن الـ18- قد غادروا بالفعل منذ فترة طويلة، وإن الذين يملؤون معسكرات الانتظار الآن هم في الأغلب أقارب لمتحولين لم يتغيروا أو تربطهم علاقة ضعيفة باليهودية، وبمجرد أن يهاجروا سيرغب أقارب الأقارب في القدوم، مما يحول الهجرة من إثيوبيا إلى مسلسل لا ينتهي.
ويقول العديد من الإثيوبيين الإسرائيليين وأنصارهم إن أعدادا كبيرة ممن اعتنقوا المسيحية فعلوا ذلك تحت الإكراه وبقوا في مجتمعات منفصلة في إثيوبيا وحافظوا على تقاليدهم. ويتهم هؤلاء الحكومة الإسرائيلية بالعنصرية والتمييز وتشجيع الهجرة اليهودية من الدول الغنية.
يذكر أن مسألة “من هو اليهودي؟” ارتبطت بسياسة الهجرة الإسرائيلية والعلاقات مع الشتات، وقد شكل التاريخ القديم والمعقد ليهود إثيوبيا المعروفين باسم “بيتا إسرائيل” تحديا خاصا، فهم -وفقا لبعض التقاليد- من نسل قبيلة دان المفقودة، واعترفت إسرائيل رسميا بيهوديتهم، مما جعلهم مؤهلين للحصول على الجنسية تلقائيا منذ السبعينيات.
وكانت إسرائيل قد أعلنت أن مهمة نقل بقية يهود إثيوبيا قد اكتملت عدة مرات، كان آخرها في عام 2013، ولكن بعد ذلك بعامين وتحت الضغط مرة أخرى قالت الحكومة إنها قررت إحضار آخر أفراد الفلاشا المنتظرين في أديس أبابا وغوندار إلى إسرائيل بحلول عام 2020.
وكان الإجراء المطلوب للنقل يبدأ من دعوة المرشحين من قبل قريب من الدرجة الأولى في إسرائيل، والوصول إلى المخيمات قبل نهاية عام 2010، والالتزام بإجراء تحول ديني إلى اليهودية مرة واحدة في إسرائيل.
وقُدّرت أعداد المؤهلين آنذاك بنحو 9 آلاف، وصل 4 آلاف منهم منذ ذلك الحين، بمن في ذلك ألفان خلال العام الماضي، ووافقت الحكومة هذا الأسبوع على تسريع نقل الـ5 آلاف المتبقين دون تحديد أي إطار زمني.
لكن يقال إن عدد المنتظرين في المخيمات الآن لا يقل عن 8 آلاف، بسبب زيادة عدد أفراد العائلات خلال سنوات الانتظار.
ومما زاد الطين بلة أن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي قدّر أنه لا توجد حاجة ملحة لإنقاذ فوري، وذلك على الرغم من أن وزارة الخارجية الإسرائيلية قد سحبت للتو عائلات دبلوماسييها من أديس أبابا، وحذرت الإسرائيليين من السفر إلى هناك.
وقال وزير شؤون الشتات الإسرائيلي نحمان شاي -في إشارة إلى الخلافات داخل الحكومة- “لا يمكنك أن تلعب لعبة مزدوجة، فإما هذا أو ذاك، إما أن تكون هناك حالة طارئة أو لا توجد، إنهم بحاجة إلى اتخاذ قرارات “، مضيفا أن موقفه هو إحضارهم بأسرع ما يمكن “وبعد ذلك يمكننا القول إن هذه العملية التي استمرت 40 أو 50 عاما قد انتهت”.
احتجاجات اليهود الأثيوبيين الفلاشا في إسرائيل
ونيابة عن دائرتها الانتخابية الأساسية دافعت وزيرة الهجرة والاندماج الإسرائيلية بنينا تامانو شطا -وهي نفسها عضوة في بيتا إسرائيل- عن أولئك الذين تخلفوا عن الركب.
أما وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد الحارس المحافظ للدولة فهي أكثر حذرا، وتقوم بمراجعة معايير الهجرة الإثيوبية.
وجاءت انتكاسة أخرى مع ظهور خبر غامض في وسائل الإعلام الإسرائيلية هذا الأسبوع عن مجموعة من 61 إثيوبيا -معظمهم من التيغراي- تم إحضارهم سرا إلى إسرائيل من السودان في يوليو/تموز الماضي، وقد تم ذلك بناء على طلب من أحد أفراد الجالية اليهودية الإثيوبية في إسرائيل، وسط مزاعم بأن حياتهم كانت في خطر.
وذكرت وثيقة لوزارة الداخلية الإسرائيلية صادرة في أغسطس/آب الماضي استعرضتها صحيفة نيويورك تايمز أن 61 شخصا ليست لديهم روابط عائلية واضحة في إسرائيل، ولا -في معظم الحالات- أي صلة باليهودية، وأنهم لم يكونوا في خطر ولكنهم ببساطة استغلوا النظام.
وشكك نشطاء في توقيت التسريب، قائلين إنه كان يهدف إلى الإضرار بجهود جلب بقايا يهود إثيوبيا إلى إسرائيل.
وقال رئيس منظمة هجرة يهود إثيوبيا أوري بيريدنيك “إنها تدليس، هذه المجموعة لا علاقة لها بالفلاشا في أديس أبابا أو غوندار”.
وقال بن درور يميني (كاتب العمود البارز في صحيفة يديعوت أحرونوت) واصفا الهجرة المستمرة بالاحتيال “لا نهاية لها، بعد الـ10 آلاف هذه سيكون هناك 10 آلاف آخرين مع أقارب من الدرجة الأولى، ثم المزيد من أقارب الأقارب”.
مصدر المقال : اضغط هنا