السفير الصيني في لبنان يكتب: العمل سويا على هزيمة الوباء والتغلب على الصعوبات
للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
العمل سويا على هزيمة الوباء والتغلب على الصعوبات
لقد دخلنا في الشهر الخامس من عام 2020م، ولكن وباء كوفيد-19 الذي امتد إلى مختلف مناطق العالم لا يزال ينتشر. وفي الوقت الحالي، انتشر الوباء في أكثر من 210 دول ومناطق، وأثر على أكثر من سبعة مليارات شخص وحصد أرواح أكثر من 300 ألف. يعاني الشعوب في المناطق الوبائية وتضرر الاقتصاد العالمي.
بعد الذعر والارتباك في المرحلة المبكرة، عادت معظم الدول إلى العقلانية وتم تنفيذ تدابير الوقاية والسيطرة بصرامة. ويشهد الوضع للوباء تطورا نحو استقرار في كثير من الدول بما فيها لبنان بفضل السيطرة الفعالة من قبل الحكومة والتعاون النشط من قبل الجماهير. لكن ظهور اللقاحات والأدوية الخاصة بالمرض لا يزال بعيدا والوضع الوبائي العالمي لا يزال قاتما. في وجه أزمة الصحة العامة التاريخية تبين أن لا دولة في العالم مهما كانت قوتها قادرة على تحصين نفسها دون مراعاة الآخرين إذ أنه لا يمكن رفع الإنذار العالمي طالما هناك دول لم تتمكن من احتواء الوباء.
وفي ظل هذا الوضع أصبح التضامن والتعاون وإقامة مجتمع الصحة المشترك للبشرية أكثر إلحاح وأهمية. نحن سعداء بأن التعاون لمكافحة الوباء أصبح صوتا سائدا في المجتمع الدولي. ومن أبرز المؤشرات له الخطابات التي وجهها رؤساء والمسؤولين إلى الدورة الـ73 لجمعية الصحة العالمية والإشارة الايجابية التي بعث بها قادة مجموعة العشرين في القمة الخاصة بشأن الاستجابة لجائحة كوفيد-19 التي عقدت في نهاية أذار عن ضرورة التعاون في مكافحة الوباء والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي، والبيان الذي أصدرته مجموعة الـ77 والصين أخيرا عن ضرورة تعزيز التضامن والتعاون الدولي في الحرب على الوباء.
تلعب منظمة الصحة العالمية باعتبارها المؤسسة الدولية الأكثر موثوقية واحترافية في مجال الأمن الصحي العالمي دورا رئيسيا لا غنى عنه في الاستجابة لأزمة الصحة العامة العالمية. في هذا المنعطف الحاسم، إن دعم منظمة الصحة العالمية بمثابة دعم للتعاون الدولي وللمعركة من أجل إنقاذ الأرواح أيضا. وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوافق الآراء قرارا يؤكد الدور القيادي لمنظمة الصحة العالمية في التعاون العالمي لمكافحة الوباء. كما عقد الاتحاد الأوروبي والدول المعنية مؤتمرا دوليا للمانحين قبل بضعة أيام لمواجهة مرض كوفيد-19 وذلك استجابة وتعبيرا للدعم لمبادرة منظمة الصحة العالمية وتدعيم الجهود لتطوير التشخيص والعلاج لمرض كوفيد-19 والابحاث والانتاج للقاح. وفي الدورة الـ73 لجمعية الصحة العالمية عبر فيديو، أعرب معظم الدول عن دعمهم لدفاع عن دور منظمة الصحة العالمية داعيا المجتمع الدولي إلى التضامن والتعاون لمكافحة الوباء سويا.
كان تفشي وباء كوفيد-19 يمثل غارة للفيروس الجديد على البشر ولا أحد قادر بتنبئها ويدل تفشي وباء كوفيد-19 مرة أخرى على أن البشرية كلها مرتبطة بمستقبل واحد حيث وتتشارك في السراء والضراء. من هنا يبرز ضرورة تمسك دول العالم بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وتعزيز التضامن والتعاون كالوسيلة الوحيدة لإدارة الأزمات واستقبال فجر الانتصار.
وكانت الصين أولى متضررة منها، وبعد بذل جهود مضنية وتضحيات هائلة، قد نجحت الصين في عكس مسار الوباء. ظلت الصين تشارك المعلومات مع منظمة الصحة العالمية والدول ذات الصلة في الوقت المناسب بكل الانفتاح والشفافية والمسؤولية. وأعلنت الصين تسلسل الجينوم للفيروس في أقرب وقت ممكن وقامت الصين بمشاركة خبرة السيطرة والعلاج مع العالم من دون تحفظ. تضع الصين الشعب وحياة الناس في مقدمة الأولویات وتدعو دائما إلى مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. تتحمل الصين مسؤوليتها ليس فقط لضمان حياة وصحة مواطنيها، ولكن أيضا لضمان الصحة العامة العالمية.
كان المجتمع الدولي قدم للصين دعما سياسيا ثمينا إضافة إلى مساعدات من المستلزمات الطبية في أصعب الأوقات التي يعيشها الشعب الصيني في مواجهة الوباء. مع التحسن المتواصل لوضع الوقاية والسيطرة على الوباء داخليا والعودة التدريجية للحركة الإنتاجية والحياة، تواصل الصين تقدم مساعدات على قدر استطاعتها إلى الدول ذات الاحتياجات وذلك انطلاقا من أخلاقها التقليدية المتمثلة في رد الجميل. لقد قدم الجانب الصيني سواء كان على مستوى الحكومة المركزية أو الحكومات المحلية أو المنظمات الأهلية مساعدات عاجلة من المستلزمات الطبية في مكافحة الوباء الى أكثر من 150 دولة أو منظمة دولية. كما تشارك الصين المجتمع الدولي بدون تحفظ ما لديها من الخبرات والتجارب في الوقاية والسيطرة وخطط التشخيص والعلاج للوباء من خلال عقد أكثر من 120 مؤتمر عبر فيديو لتبادل الخبرات مع أكثر من 160 دولة أو منظمة دولية وارسال 19 فريقا من الخبراء والأطباء إلى 17 دولة. هذا بالإضافة موافقة الجانب الصيني على التأجيل المؤقت لسداد الديون المستحقة على 77 دولة نامية مع فوائدها اعتبارا من أول مايو وحتى نهاية العام وذلك استجابة لمبادرة “التأجيل المؤقت لسداد الديون للدول الأشد فقرا” التي طرحتها مجموعة العشرين. وأعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في جمعية الصحة العالمية أن الصين ستقدم ملياري دولار على مدار عامين لمساعدة الدول المتضررة خاصة الدول النامية في الاستجابة للوباء وفي التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وعند نجاح الصين في تطوير اللقاح ودخول مرحلة التطعيم فى الصين، سيخدم اللقاح المنفعة العامة العالمية مما يشكل مساهمة صينية لضمان إمكانية الحصول على اللقاحات والقدرة على تحمل تكاليفها فى الدول النامية.
أود أن أشير بشكل خاص إلى الصداقة التاريخية القائمة بين الشعبين الصيني واللبناني. لن ننسى الدعم القوي للصين الذي أبداه القيادة اللبنانية والشعب اللبناني من مختلف الأوساط في أصعب الأوقات من مكافحة الوباء التي مر بها الشعب الصيني. ظلت الجانبان الصيني والبناني يتعاونان بشكل وثيق ويتبادلان المعلومات ويتقاسمان الخبرات والتجارب في الوقاية والسيطرة على الوباء. وقد قدمت الحكومة الصينية والشركات والجاليات الصينية في لبنان في الفترة الماضية دفعات من المساعدة الطبية إلى الجانب اللبناني. نحن على استعداد للعمل مع الشعب اللبناني لتجاوز الصعوبات ولتقديم المزيد من المساعدات إذا اقتضت الحاجة متمنيين أن يتغلب لبنان على الوباء في أسرع وقت ممكن.
نشر في النهار البيروتية على الرابط اضغط هنا
للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا