الصعود الاستراتيجي للصين وآثاره على الأمن الدولي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
لقد شاركت كباحثة في الشؤون الصينية في منتدى شيانغ شان التاسع بكين قي ٢٠-٢٢ اكتوبر ٢٠١٩ وهذه الافكار الرئيسية لهذا المنتدى الكبير من وجهة نظري:
تحدث وزير الدفاع لجمهورية الصين الشعبية عن التطور العسكري الذي شهدته الصين خلال ال٤٠ عام منوها بان الهدف من هذا التطور هو حماية وحدة الأرضي الصينية ومن ضمنها تايوان والبحر الصين الجنوب وبحر الصين الشرقي خاصة فيما يخص جزيرة ديايو، وهذا دليل على مدى الاهية القصوى التي توليها الصين من أجل حماية ممراتها المائية والبحرية لاسيما في منطقة آسيا والمحيط الهندي والمحيط الهادي، (indopacific).
وفي ذات السياق شهد النظام العسكري متمثلاً في الجيش عدة إصلاحات بغية تطوير المنظمة العسكرية، ونمو القدرات العسكرية على النحو الوارد في ورقة وزارة الدفاع الصينية الصادرة في يوليو 2019، ولعل أهم ما أشير له في هذا المنتدى سأتناوله بشكل موجز على النحو التالي:
1- أولوية تعزيز وتعميق التعاون بين الصين وروسيا، وانشاء تحالف روسي صيني في المجال العسكري، إضافة إلى تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات أخرى.
2- تداعيات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الامريكية، مؤكداً على أنه ليس هناك أي دولة رابحة في هذه الحرب، والتي بدورها قد تؤثر سلباً على الأمن والسلم، والتجارة الدولية، والاقتصاد العالمي، مما قد يخلق اصطفاف وتحزب وانحياز قد يعيد مشهد الحرب الباردة.
3- بالنسبة لآسيا فهناك مخاوف من التغيرات المفاجاة لقرارات الادارة الامريكية الحالية فيما يخص منطقة اسيا والمتعلقة بالخلافات بين اليابان وكوريا الجنوبية وتداعيات ذلك على الملف النووي لكوريا الشمالية.
4- إضافة إلى أن الآسيان تعتبر منظومة أمنية ناجحة في احتواء الخلافات والنزاعات بين دول أعضائها، وهي تسعى إلى توحيد الجهود لحماية منطقة اسيا خاصة في إطار آسيان + ١ وهي الصين. وعلى الرغم من ان هناك خلافات كبيرة في سيادة بعض الدول في على الممرات المائية في بحر الصين الجنوبي ولكن باستطاعتهم من خلال العمل المشترك والحوار حل هذه الخلافات وتسويتها في إطار الآسيان + 1، ومع وجود اختلاف الآراء بشأنه، فالبعض يرى ان الصين تتطلع للسيطرة على الممرات البحرية، بينما يرى البعض الآخر بأنها تحاول ان تحمي نفسها من التواجد الامريكي في المنطقة، والجدير بالذكر هنا، بان فرنسا أيضا دولة تلعب دور فعال في حماية امن ال indo Pacific وتعتبر هذه المنطقة مهمة جدا للسياسة العسكرية الفرنسية وذلك بسبب وجود جزر تابعة للسيادة الفرنسية هناك.
5- أما بالنسبة للعالم بشكل عام تمت الإشارة إلى الدور الهام الذي تلعبه البرازيل في حفظ الامن والسلام الدوليين وذلك من خلال مساهمتها في قوات حفظ السلام التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مشاركتها في الحفاظ على الممرات البحرية في المحيط الأطلسي، وفي هذا الصدد لا بد وان نشير إلى هناك تقارب صيني برازيلي على الصعيد العلاقات الصينية اللاتينية حيث تعتبر البرازيل أكبر مصدر وشريك تجاري للصين في تلك المنطقة.
6- وعلى صعيد الشرق الأوسط نرى بأن التغيرات في سياسات الادارة الامريكية تلقي بظلالها على هذه العلاقات، حيث ان لذلك تأثير مباشر في عدم اتزان القوة في المنطقة، مما أسهم في زيادة تواجد روسيا عسكرياً وتدخلها في المنطقة، إضافة إلى تدخل دول اخرى في شؤونها بغية حل وتسوية النزاعات والأزمات التي تعاني منها، وفي هذا الإطار اقترح البعض بان يكون هناك منظمة إقليمية أمنية تهدف لحماية مصالح كل الدول ومحاولة ايجاد حلول لهذه الازمات وذلك بوجود دول مثل الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي وغيرهم لكونهم لاعبين أسياسيين في منطقة الشرق الأوسط. كما تمت الإشادة بدور مصر في امن و استقرار المنطقة و دورها الفعال في مكافحة الإرهاب. وفي نهاية المطاف فان الصين لا تهدف بأن تكون قوة عسكرية عظمى حتى الان، وهي بدورها تحترم دور الامم المتحدة واهداف ومقاصد ميثاقها، وتؤكد دائما على أهمية احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وللصين دوراً كبيراً ومتنامياً من خلال مشاركتها بقوات حفظ السلام وتمويل ميزانيتها، وكانت الكويت اول محطة لمشاركة القوات الصينية ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ضمن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة بين العراق والكويت UNIKOM، في عام ١٩٩٢ و منذ ذلك الوقت والصين تحاول ان تكون دولة ذات مشاركة فعالة في الامن والسلم الدوليين، حيث ان لديهم مشاركة في 8 مهمات لحفظ السلام للأمم المتحدة اليوم.
7- بالنسبة لدول الخليج، فالرسالة التي تريد ايصالها، هي ان اهتمام الصين في منطقة الخليج مبني على التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري والطاقة من خلال عدة مبادرات ومشاريع على رأسها الطريق والحزام، وعلى الرغم من وجود تعاون عسكري بينها وبين بعض دول المنطقة، إلا ان مستوى هذا التعاون لن يصل الى مستوى وجود قواعد عسكرية او ابرام اتفاقية دفاعية كما هو حال مع الولايات المتحدة الامريكية، وهذا يعود ليس فقط لسياسة الصين السلمية، بل لعدم قدرتها عسكرياً على القيام بذلك حتى يومنا هذا، فالصين تولى اهتماما بالغاً إلى مواضيع أخرى لا تقل أهمية على جميع ما سبق، فلا بد ان لا نغفل عن مدى الأهمية التي يكتسيها موضوع مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والذي يعد أحد أهم المحاور التي ترتكز عليها في تعاونها مع دول المنطقة.
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا