الحاجة الى التكامل الشبكي الايجابي
يعلمنا التاريخ في اغلب الأحيان أن التغيير في القيم عادة ما يكون مدفوعا بصياغة أسس جديدة عن نوع الحياة والتي نرغب في أن نعيشها , لذلك نرى في نموذج الاقتصاد الدائري كمشروع يتوافق جيدا مع هدف الانسانية الأسمى بالتحلي في الابداع والابتكار والتقدم للامام دوما , فالاستخدام المتتبع لأصول الطباعة الثلاثية الأبعاد وتكنوولوجيا المعلومات ايجابي جدا لتمكين هذا النموذج الاقتصادي من اعادة تغذية الاقتصاد بالموارد المدورة والطبيعية والفصل طبعا بين النمو وقيود الموارد التي تواجهنا .
لم يغير العالم من قوانينه الا قليلا , حيث انه مقسم وبشكل بنيوي بين من هم متمتعين بامتيازات ومحرومين منها, هناك أيضا تشكيل فارغ لمجتمع دولي أثبت فشله ولتراتبية دولية في العمق والمضمون صاحبة الكلمة الفصل هي النخبة الحاكمة المتحكمة, ولدينا أيضا ( الاقتصاد العالمي واقتصاد – العالم ) المتخبط بوحل الطمع وهما بالتأكبد لا يشبهان بعضهما أبدا لكنهم مترابطين.
نحن نستنتج يوما بعد يوما أن سبب عيشنا في المدن لا يختلف اليوم عن ما كان عليه قبل 10 آلاف سنة,حتى لو كانت هناك شبكات تربطنا تقنيا وتطورا أشمل وسرعة أكثر , نحن ما زلنا بحاجة لأماكن نتقابل فيها شخصيا وهذا يعني أن أماكن عملنا وسكننا أقرب بكثير لبعضها البعض , لمدينة حيث لا نحتاج فيها لسلاسل امداد كبيرة لانتاج الأشياء ,او لتجمع انساني حيث يمكننا توفير أشياء كثيرة محليا اذا تمكنا من القيام بشئ لتحويل المدن وجعلها أكثر كفاءة وأمنا فسوف يكون التأثير هائلا .
ما رأيكم مثلا بفكرة التخلص من المواد الهيدروكاربورية البلاستيكية والنايلون , فلا يجب أن نستمد الالهام أو العلم فقط من الطبيعة وانما أن نستخدم ايضا كائنات طبيعية لتصميم المنتوجات ومكونات البناء , حيث انها مواد من نسج التركيبة الأصبية لطبيعة المادة وضررها أقل بكثير,ولكن بدلا من تنويع خصائص المواد سننوع الوظائف البيولوجية فالتصاميم والابتكارات أمران مهمان جدا اليوم , وهما يعتبران أول علامة على النية البشرية .
حيث لا تتعلق مسألة اضافة الجودة الى الكم بتدوير الأشياء والتي تكون سامة , وانما بتدوير الأشياء الآمنة والصحية لكل الأجيال , لذا لم يعد الهدف هو في انني أريد أن أكون أقل شررا وأقل رتابة وأقل خطورة وأقل ظلما وانما في امكانية السعي لخلق عالم متنوع وآمن وصحي وعادل , فضاءا بهواء نظيف وبيئة متوازنة ومياه نقية ,بتربة خصبة ومعطاءة وبطاقة متجددة .
نحن نكافح من أجل حماية أرضنا العزيزة ومناخنا الهش ومن ضرر لا يمكن اصلاحه وبنطاق دمار مادي ومعنوي لا يمكن تخيله ,حيث أن الثورة الصناعية الأساسية كانت ثورة الطاقة وها هي قد أضحت في نهايتها وخواتيمها , لفصل من تاريخنا الانساني استخدمنا الوقود الأحفوري والذي أفادنا كثيرا ولوقت طويل غير أن ضرره كان أعمق, وعلينا الآن أن نضع نهاية لهذا الأمر حيث لدينا الكثير من تقنيات الطاقة والتي يمكنها أن تشغل حضارتنا حيث ( الشمس والرياح والكتلة الحيوية ) .
فالاشكالية المهمة والتي تطرق أبوابنا هو في كيفية وامكانية تحقيق التكامل الشبكي ؟ والذي افتقدناه عالميا وبشكل ملحوظ نتيجة الأزمات الاقتصادية المتتالية وخصوصا وبشكل ملموس وواقعي مع جائحة الكورونا فربما تهب الرياح في بلد أو مدينة ما وتسطع شمس في أخرى : فلماذا اذا لا يمكننا نقل هذه الطاقة المتجددة عبر شبكة متكاملة ؟ اذا نحن بحاجة لتكامل شبكي تعاوني وايجابي للانتاجية لدمج وتناغم العالم على السراء , ليس فقط لتكامل شبكي عالمي وقت الحروب والأزمات والضراء .
لقد مل العالم من شبكية وتكامل انتقال الأزمات والحروب والعداوات والمشاكل وبات بحاجة لتكامل شبكي عالمي صحي بناءا على الموارد واستدامتها وتكيفها بشكل عادل ومنظم, وتوفيرالطاقة لكل من يحتاجها وفي جميع الأوقات فعلينا أن نغير من فرضية واحتمالية التأثير السلبي فقط والسعي لفرض نظرية التأثير الايجابي المتكامل .
فليست التكنولوجيا فقط هي الحل لكل المشاكل , بالتأكيد هنالك الكثير من العمليات التي يؤديها الناس بشكل أفضل ولقد تحدثت في السابق عن مستقبل المهن وتطورها ومصيرها في خضم وأعقاب هذا التغير العالمي والانساني الكبير , فهناك مهن سوف تضمحل وأخرى سوف يزداد الطلب عليها ومهن بحاجة للتعديل والتطوير , هي ليست عملية تنبؤ عشوائية او ارتجالية بل هي حقيقة واقعة لا محالة حيث أن لدينا مؤشر لفقدان 5 ملايين وظيفة في العام 2020 بسبب التكنولوجيا والظروف الراهنة , ومن ثم أتت جائحة الكورونا لتفاقم الوضع أكثر وتسرع ما كان جاريا , مشكلة صدمة كونية طامة سرعت وتيرة الأزمات المتنوعة ولكنها ليست هي المسألة الرئيسية , فالبناء والتصنيع والخدمات والصحة العامة والتعليم وكل هذه القطاعات سوف تظل موجودة انما بطريقة مختلفة , لكن ما هو مستقبل العمل ؟ وكيف سنتشارك الثروة ؟
فمن منظور العمل أو الوظائف نحن بحاجة وبشدة لنظم وأسس تعليمية جديدة أو لتدريب جديد , والعالم بات مفتوحا للتعلم والمسألة تتعلق في كيفية اعطاء الحوافز , فأضحت الأمية الرقمية هي الأمية الجديدة حيث أن قدرة التكنولوجيا الرقمية على تغيير النتائج وتمكين الناس من جميع أنحاء العالم هي التي بوسعها خلق نمو عادل , فنحن ازاء ثورة جديدة لديها القدرة العميقة في ابرازها لأشكال عدم المساواة وأن تجعلها غير مقبولة قي المستقبل وتكتسب وتجمع كما نأمل التأييد السياسي لاتخاذ القرار المطلوب لتقليل الفجوة .
لطالما استخدم الانسان الآلات والأدوات , لكن بفضل التطورات الاخيرة في التكنولوجيا , بدا في ان يصبح لدينا آلات يمكنها ان تضيف قدرات مثيرة للاهتمام كل ذلك يحتاج للتحفيز , لقد بات هناك اثارة في القدرة على التحرك بشكل اسرع في المواجهة .
فمن الاشياء المهمة جدا للمجتمعات الحرة والمفتوحة هي حرية التفكير وليس التعبير فما أن تقدر على الوصول الى أفكار ومشاعرالناس تكون قد شرعنا في التحسين,لذلك علينا ان نخلق مساحة تتيح للناس التفكير بحرية والتفكير في افكار مبدعة ومتنوعة , ففي مجتمع يخشى الناس فيه من التفكير في هذه الأفكار فان القدرة على التمتع بالتقدم تتضاءل بشكل كبير ويكون الركود المصير , لذا علينا أن نتحمل المسؤولية على كل مستويات المجتمع من المستوى الفردي والشخصي الى المؤسساتي والعالمي والتكيف بمرونة مع هذه التحديات والتغيرات التكنولوجية , والتي تعيد تشكيل معنى أن يكون المرء انسانا ومعنى العمل ومعنى أن تكون جزءا لا يتجزأ من هذا العالم .
فان أي تمثيل طبيعي في هذه الحياة يميل الى التوازن غير أن الوصول اليه صعب جدا,هي اذا المعركة الايكولوجية فالديمغرافيا العالمية مهددة دائما لأسباب كثيرة من أبرزها الأزمات والحروب والمجاعات والأوبئة والتطاول على حدود الطبيعة , غير أن التعويض دائما هو ممكن ففي الخسائر البشرية الكبيرة والصادمة والتي وقعت كانت هناك فرصا حقيقية للاستعادة التعويضية والمتواصلة , فحركات التدفق محكومة دائما بالمد والجزر والأساليب لاعادة التوازن هي نفسها تفاديا للانفجار اللامعقول أو الخارج عن الحدود الطبيعية وأبرزها الظروف المعيشية القاسية والأوبئة والحروب والمجاعات, لذلك علينا التفكير ماليا في هذا الواقع والعمل على تنويع أفكارنا وتجديدها , فرغم الصدمة على الخطط أن تكون سارية دائما من دون توقف وأن لا نضع بيضنا كله في سلة واحدة .
للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا