هل فشل جون بولتون في استدراج أمريكا نحو الحرب!
وأخيرا أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انتهاء مدة العمل مع مستشاره للأمن القومي جون بولتون والمعروف بآرائه المشتددة، وذلك بعد 17 شهر قضاها في وظيفته، وتمكن خلالها من توريط الولايات المتحدة الأمريكية في بعض المشكلات؛ كالتوتر الواقع على صعيد العلاقات الأمريكية الإيرانية، والتهديد الأمريكي المستمر للحكومة في فنزويلا.
وفيما يبدو أن بولتون تمكن من تحقيق جزءا كبيرا من أحلامه بعد شهرين فقط من توليه منصبه، ففي مايو 2018 أعلنت واشنطن انسحابها من الصفقة النووية الإيرانية مما وضع العلاقات بين كل من واشنطن وطهران على المحك، وبحسب ما ذكرته بعض الصحف الأمريكية؛ فإن قرار انسحاب واشنطن يعني الكثير بالنسبة لبولتون لدرجة جعلته يقوم بتعليق نسخة من القرار داخل مكتبه.
واستندت الاستراتيجية التي عمد بولتون إلى تحقيقها منذ تعيينه كمستشار للأمن القومي إلى تعطيل المسارات الدبلوماسية وفرض القوة الجبرية للولايات المتحدة على العالم بغض النظر عن النتائج المحتملة، وذلك ظنا منه بأن أعداء الولايات المتحدة سوف يستسلمون في جميع الأحوال، وبالنسبة لإيران- وهي الدولة التي أوصى بولتون بتوجيه ضربة أمريكية تجاهها منذ فترة- فإنه يمكن القول بأن جميع جهوده المتعلقة بالملف الإيراني قد أتت بنتائج عكسية تماما، حيث عمد العملاق الفارسي إلى إعادة التسلح وتعزيز البنية التحتية النووية الخاصة به.
منذ أن قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على إيران بهدف ضرب اقتصادها وإلحاق الخسائر بصادراتها النفطية، فإن طهران لم تنهار أبدا ولم تخضع للضغوط الأمريكية في الوقت نفسه، حتى بعد كافة الأحداث التي شهدتها ساحة العلاقات بين البلدين من إدراج واشنطن للحرس الثوري الإيراني في قائمة الجماعات الإرهابية، وقيامها بإسقاط طائرة مسيرة تابعة لإيران، وبعد نشر قوات أمريكية جديدة في الشرق الأوسط، فإنه فيما يبدو أن الموقف العدواني لإدارة ترامب والذي تشكل بناء على توجهات بولتون لم يؤتي ثماره على الإطلاق.
وقد رأى الخبراء منذ قرار الانسحاب الأمريكي من الصفقة النووية أن طهران لن تقوم بنزع سلاحها النووي أبدا، وبالفعل فقد أعلنت الدولة عن استئناف برنامج تخصيب اليورانيوم الخاص بها، بل وذهبت أبعد من ذلك أيضا، فقد نجحت في احتجاز بعض ناقلات النفط في مياه الخليج وإسقاط مسيرات، كما واصلت تقديم الدعم لبعض الميلشيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي من الأحداث في فنزويلا، فإن السجل الخاص بـ بولتون لا يبدو مشَرفا أيضا، فقد سعت إدارة ترامب نحو الإطاحة بالرئيس الحالي للدولة نيكولاس مادورو وتقديم الدعم لزعيم المعارضة خوان غايدو والذي زعم بأن دستور فنزويلا يمنحه الشرعية لتولي السلطة في إطار حكومة انتقالية، ولكن اندلاع الانتفاضة الشعبية المخطط لها من قبل غايدو في مايو الماضي والتي شملت الكثير من الحركات الاحتجاجية في شوارع العاصمة كاراكاس قد برهن على أن قوة مادورو وسلطته باقية كما هي ومستمرة.
ووفقا لما ذكرته بعض التقارير الصحفية، فإن العلاقة بين ترامب وبولتون قد انتهت بعد الخلافات الواضحة بينهما في وجهات النظر حول عدد من القضايا كالملف الإيراني وقضية أفغانستان والعلاقات مع كوريا الشمالية. ويعتقد الخبراء بأنه قد يصعب التنبؤ بالاتجاهات والرؤى المستقبلية للولايات المتحدة بعد رحيل بولتون، ولكن ما يتفق عليه هو أن التأثير الأكبر لبولتون والذي من المتوقع أن يستمر طويلا هو التداعيات المترتبة على احتقاره الصريح للمؤسسات الدولية.
كان بولتون صريحًا بشأن ازدراءه للأمم المتحدة والقانون الدولي عمومًا. ففي خطاب ألقاه عام 2018 في الجمعية الفيدرالية ، أخبر بولتون الحضور أن “الهدف غير المعلن عادة للمحكمة الجنائية الدولية هو “تقييد الولايات المتحدة” ، مؤكدا على أن تلك الجهة الدولية سوف تختفي من تلقاء نفسها بمرور الوقت. وخلال فترة وجوده مع إدارة ترامب ، اتخذت الولايات المتحدة خطوة استثنائية تتمثل في رفض منح تأشيرات الدخول للمحققين في المحكمة الجنائية الدولية وأعلنت انسحابها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كما استمرت إدارة ترامب في البحث عن طرق لتقليص التمويل الممنوح لبرامج المساعدات التابعة للأمم المتحدة.
عندما أعلنت المحكمة الجنائية الدولية في أبريل أنها رفضت طلب المدعي العام الرئيسي لها بالتحقيق في جرائم الحرب الأمريكية في أفغانستان ، كان بولتون مبتهجًا. وقال في مؤتمر صحفي “هذا تبرير لدعم الرئيس للسيادة الأمريكية ورفض فكرة أنه يمكن مساءلة المواطنين الأميركيين من قبل أي سلطة غير المؤسسات الدستورية الأمريكية”.
ووصفت هيومن رايتس ووتش القرار بأنه “ضربة مدمرة للضحايا الذين عانوا من جرائم خطيرة دون تعويض.
رابط المقال الأصلي
اضغط هنا