الاحدثدولي

تجربة بناء الاشتراكية في بلد وأحد وافاقها التاريخية | بقلم مسعود احمد بيت سعيد

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

الموضوع ليس مطروحا على بساط البحث وليس من الموجبات الأساسية الراهنة ولا يدرج الأن ضمن اولويات الاحزاب البروليتارية الثورية العالمية .و لكن ذلك لا ينفي أهميه بحثه و الحاجة إلى التعمق في دراسته بالمزيد من التدقيق في القصايا الإيديولوجية المرتبطة بالاستراتيجية الثورية من كل النواحي ، ومعرفة تعدد الآراء والاجتهادات والاختلافات حوله من الناحية التاريخية . والتأمل في احتمالاته المستقبلية . تاريخيا أهملت الاحزاب الشيوعية التطرق إليه بجدية باعتباره من القضايا الغير مدرجة بشكل مباشر قبل الاستحقاق التاريخي الذي داهم أحزاب الطبقة العاملة وكل القوى الإشتراكية العالمية فيما بعد .وهذا يعطي مدلول واضح عن طبيعة تلك الأحزاب وبرامجها السياسية والتنظيمية .

 

رغم النفوذ الهائل لأحزاب الطبقة العاملة في القارة الأوربية حينها .وإذا كانت الطبقة العاملة تناضل تحت الشعار الشهير “بأعمال العالم أتحدوا” ومبدأ التضامن الاممي كعناوين اممية بارزة فإن الممارسة الفعلية تجسدت في أولويات النضالات داخل الدولة القطرية كما رسمه حدود السوق الرأسمالي المحلي . وحيث درجات التطور الإقتصادي والاجتماعي متفاوتة فقد فرضت أولويات ذاتية حالت دون إعطاء هذا الموضوع الاهتمام الكاف من البحث النظري وفي استشراف الآفاق المقبلة .من الطبيعي بان الأحزاب الشيوعية تناضل لانتزاع السلطة من سيطرة الطبقة البرجوازية وكان من الواجب بالضرورة إعطاء هذا الموضوع أهمية كبرى ..هذا من ناحية ومن ناحية اخرى معلوم أن معظم الاحزاب العمالية كانت تحصر برامجها ونشاطها في دعم البرجوازية لاستلام السلطة والقضاء على بقايا النظام الاقطاعي في احداث التحويلات التي تمهد لاحقا لصراع طبقي تقوده البروليتاريا على ارضية اكثر وضوحا لانتزاع السلطة وإسقاط السيطرة الطبقية للبرجوازية وذلك وفق التحليل السائد آنذاك . كانت الماركسية الكلاسيكية لا ترى أفق لقيام ثورة بروليتارية خارج المراكز الرأسمالية الرئيسة على اعتبار التناقض يبلغ درجاته القصوى وتتهيأ فيه لظروف الموضوعية والذاتية .. بالطبع ذلك لم يتحقق بالكيفية التي توقعها معظم المفكرين الماركسين وتحت رايات برامجها السياسية المشتقة من هذا التصور . أن توجيه النقد لهذا الفهم الماركسي للموضوع المحدد أصبح اليوم مشروعا بالاستناد للتجربة التاريخية ونتائجها العملية وهو في جانبه النظري يكشف الفهم الجامد للماركسيين بسلخ جوهرها الثوري عن نضال الطبقة العاملة .

 

من المعروف ان السجال التاريخي ساخن ، في صفوف الاشتراكيين حول هذا الموضوع وظل في الاطار النظري وقد انتقل من حيز السجال النظري إلى حيز التطبيق العملي مع قيام الثورة الروسية ١٩٠٥_١٩١٧ . التي نقلت الجدل الى اماد واسعة استجابة للتحديات الماثلة أمامها عندما فرض عليها التاريخ وتطور الأحداث منطقه اي مهام الساعة كما قال لينين غير مرة . ومن البديهيات النظرية ان مصالح البروليتاريا ونضالها في سبيل الإشتراكية ، تتطلب أكمل ما يمكن من الحرية السياسية وهذا بالطبع مطلب برجوازي لكنه كذلك مطلب بروليتاري مرحلي يتطلب نشر مفاهيم ملموسة عن سير الثورة الأكثر احتمالا . عندما تضمن برنامج الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي مبدأ اشتراك مفوضين من الحزب في الحكومة الثورية المؤقتة في الثورة البرجوازية كان يهدف إلى النضال ضد جميع المحاولات المعادية للثورة والدفاع عن المصالح الخاصة للطبقة العاملة مع وضع الشروط الدقيقة لهذه الخطوة وهي الرقابة الحزبية الصارمة على مفوضية الدائبة على استقلال الإشتراكية الديمقراطية التي تطمح إلى الانقلاب الإشتراكي . احدث هذا التكتيك تباينات واسعة في صفوف الاشتراكيين . لم يكن مطروح حينها الاستيلاء على السلطة .

 

وقد أثار هذا التكتيك الثوري و موضوع الاستيلاء على السلطة وبناء الاشتراكية في بلد واحد لاحقا الكثير من الاجتهادات و الاختلافات ليس فقط على المستوى الروسي بل على المستوى العالمي وقد خاض لينين صراعا نظريا عميقا مع معظم منظري وقادة الاحزاب الاشتراكية العالمية . وكان قادر على استنباط التكتيك السليم المنضبط مع روح الماركسية الثوري التي تحررت على يده من بعض المفاهيم الطوباوية والجمود العقائدي التي سادت معظم الاحزاب الشيوعية آنذاك ودائما بالاستناد إلى الفهم المادي الجدلي الذي يؤكد على أولوية الممارسة العملية ونتائجها الحسية الملموسة وعلى تبعية الفكر للممارسة العملية وتفاعلهما الجدلي بحيث تصوب النظرية الممارسة وتحرر الممارسة النظرية من الجمود ، و حتى تتحول النظرية إلى قوة مادية بيد الجماهير وهذا هو الفهم الماركسي الثوري السليم . وهو ما يشير إلى نقد السلاح بدلا من سلاح النقد أو كلاهما بشكل جدلي ، ان ايه خطوه عملية تخطوها الجماهير أهم من دسينه من النظريات على حد قول ماركس ..وغني عن القول بأن الحزب الشيوعي السوفيتي بعد وفاه لينين والحصار الرأسمالي ومتطلبات الدفاع عن التجربة وبناء الاشتراكية السريع والإجراءات المرافقة التي تزامنت مع تغليب الأولويات السوفياتية الخاصة على حساب العمل الجدي من اجل أحداث تغيير في بنية النظام الرأسمالي العالمي .

 

قد عززت فرضية إمكانية بناء الاشتراكيه في بلد واحد كعملية تاريخية ممكنه .وذلك بناءا على جمله معطيات موضوعية وتطور الصراع وتحالف البروليتاريا وحلفائها الفلاحين في روسيا وان لم تكن ناضجة بالشكل الكاف. وبالتالي فإن تسخير كل الطاقات والإمكانات لإقامة النموذج الاشتراكي والدفاع عنه اصبحت هي القضية الجوهرية الأساسية التي تخضع لها كل القضايا والظواهر الأخرى وتوظيفها في خدمه ذلك الهدف مع تكريس سلطة الفرد التي احتاجت الى خنق كل المبادرات الفكرية . وهو بالتأكيد اجتهاد خاطئ . لا يمكن أن تصمد أيه تجربه اشتراكيه في بلد واحد على المدى الطويل في ظل علاقات رأسمالية وسياسة التعايش السلمي خاصة بالمفهوم الذي كان قائم بل يمكن صمود تجربه اشتراكية في ظل صراع مفتوح احتمال قائم وهذه وجه نظر لأن ذلك لا يعطي الإمبريالية العالمية الفرصة للإطاحة بالنظام الإشتراكي الجديد الامر الذي يتطلب دعم القوى الثورية والأحزاب البروليتارية العالمية بكل قوة .

 

ان الرأسمالية تنمو باستمرار ولا تختفي حتى في المراحل الأولى من التشكيلة الشيوعية فالموضوع صراع طويل ويحتاج إلى نفس ثوري بعيدا عن نزعات البرجوازية الصغيرة وتأثيراتها . لقد ساد جدل فكري كبير في صفوف الشيوعيين على امتداد العالم حول هذه الموضوعات النظرية وقد تعددت الرؤى والاجتهادات وتحددت مسارات واتجاهات . ولكن بقى الموضوع بحاجة إلى المزيد من الجهد الفكري واستنباط المقاربات الموضوعية وتعميم الاستنتاجات النظرية المستنبطة من التجربة العملية .لقد ساهم لينين مساهمة جبارة في هذه السجالات الفكرية العنيفة . وإذا كان الإجماع واسع حول عدم إمكانية انتصار الإشتراكية دون أن تمتد الثورة إلى جميع البلدان المتقدمة أو الى بعضها على الاقل ودون ومساندة الطبقة العاملة العالمية . فإن تطورات التجربة ووقائعها المادية تفرض نفسها على الواقع .وقد خاض لينين صراع نظري عميق مع الاشتراكيين الثوريين وبقية المدارس الإشتراكية الأوربية الذي حصروا مهمتهم في دعم البرجوازية و الذين يستنكفوا عن إمكانية استلام السلطة في روسيا وغيرها لاعتبارات نظرية بل والمشاركة في الحكومة الثورية الموقتة .كان لينين يرى أن التاريخ وظروف التطور الذاتي قد فرض استحقاقات تاريخية أمام الحزب ولا يجوز النكوص امامها بأي شكل من الأشكال الامر الذي يتطلب اشتقاق رؤى جديدة وخاصة ، غير مطروقة من قبل بغض النظر عن التحليلات النظرية السابقة .

 

كانت حجج معظم الاشتراكيين آنذاك تنطلق من الموضوعة النظرية التي صاغها إنجلز حيث ” يرى أن الاشتراكية هي مرحلة تاريخية تسبقها بالضرورة المرحلة الرأسمالية وحتى تنتصر يجب أن تقوم في البلدان التي اكتملت فيها التشكيلة الرأسمالية كامل قوامها اي في أكثر بلدان العالم تطورا ويحدد بوضوح انجلترا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة ” طبعا ماركس وانجلز كانوا يتناولان الموضوع من الناحية النظرية في ظروف التطور الإقتصادي والاجتماعي آنذاك المختلفة تماما و من زاويه تطور الطبقة العاملة نفسها بعيدا عن نظرة اتباعهما. وبالتالي فقد توفر أساس نظري لرفض قيام تجربة اشتراكية في بلد متخلف أو شبه رسمالي لم تكتمل فيه التشكيلة الرأسمالية كل مقوماتها التاريخية .وإذا كانت هذه المبررات سليمة من الناحية النظرية بوجه عام فان الموضوع لا يتوقف عند هذا الحد .لقد أشار ماركس إلى انتقال مركز ثقل الحركة البروليتارية الثورية من أوربا إلى روسيا و كذلك كاوتسكي سنه ١٩٠٥ .

 

أصبحت روسيا معقل التغيير الثوري وقد تمسك لينين بالدور الطليعي التاريخي للحركة الثورية الروسية في عملية النهوض الثوري العالمي حيث يرى تراجع الحركة العمالية الاشتراكية الأوربية والانحرافات التي سادت معظم قادتها ومفكريها وتفشي التيارات الاصلاحية و الانتهازية اليسارية الواسع في صفوفها ناهيك عن الجمود العقائدي الذي تتكئ عليه بعض التحليلات والتي تجاوزتها الأحداث التاريخية . نظريا لقد توفرت بعض الأسس لا استبعاد الفكرة وليس رفضها مما ادخل أصحابها في مناخات بعيدة عن جوهر الماركسية وروحها الحية. حين أرادوا تكييف الواقع مع النظرية بدل العكس. ان النظرية رمادية اللون وشجرة الحياة خضراء .لم يرى لينين في تلك الأحزاب وطروحاتها وهج وإشعاع ثوري يلهم الجماهير وكان لابد من مواقع ثورية من خارجها اي من خارج البلدان الرسمالية المتقدمة .وفي نفس الوقت يرى جوانب النقص في الواقع الإجتماعي والاقتصادي الروسي وضعف الطبقة العاملة قياسا بالحماس الثوري .

 

وكمفكر ثوري عظيم لم يتردد في الدفع بذلك المظهر الثوري إلى منتهاه . ما كان ممكنا أن يوقف الاندفاع الثوري أو يقف في وجه إمكانية تاريخية لاستلام الحزب السلطة عندما تتوفر ظروف خاصة حتى تنضج الظروف الموضوعية بشكل كامل كما كانت ترغب التيارات الاشتراكيه الأخرى في عملية مفتوحة غير مضمونه النتائج .لأن ذلك يدخل في مجال الحتميات التاريخية البعيدة المدى ويستبعد دور الطليعة الثورية في تفعيل الواقع الموضوعي بشكل جدلي وبالتالي يقود إلى نوع من المثاليات التي ليس لها مكان في الواقع . صيح ان الثورة البرجوازية تقدم للبروليتاريا اكبر الفوائد وبقدر ما تكون الثورة البرجوازية اكمل واحسم وبقدر ما تكون أوفى انسجاما بقدر ما تتوفر للبروليتاريا إمكانيات النضال في سبيل الإشتراكية . لذلك فإنه من الاجدى للبرجوازية ان تتم التحولات الضرورية في الاتجاه البرجوازي بمزيد من البطء والتدرج والحذر واقل من الحزم اي ان تتم بواسطة الإصلاحات لا بواسطة الثورة لأنها تدرك مخاطر هذه التحويلات الاجتماعية وتحاول الإبقاء على بعض الأشكال الإقطاعية لاستخدامها في صراعها القادم ضد البروليتاريا الثورية وحتى تضعف حماس البروليتاريا الثوري وتصاب بالتكلس والخمول .لكن بالمقابل الطليعة الثورية قادرة بحسب لينين في ظروف تاريخية محددة ان تتجاوز المرور بالمرحلة الراسمالية والانتقال الى المرحلة الاشتراكية .

 

لقد كان لينين نفسه يسخر من محاولات القفز عن تلك المرحلة .عندما كانت البروليتاريا مازالت جنينية والبرجوازية غير قادرة على قيادة التحويلات الاجتماعية ، ولكن بعد انتصار التجربة الإشتراكية قدم اجتهاده المعروف بإمكانية الانتقال إلى الاشتراكية دون المرور بالمرحلة الرأسمالية .وبعد انتصار الثورة البلشفية فقد تجرأت البرجوازية الصغيرة والمتوسطة على الراسمالية العالمية وقامت بمحاولات تقدمية واسعة في معظم بلدان العالم الثالث استنادا إلى الدعم السوفيتي حيث ضربت الإقطاع وقادة جملة تحولات في البنى الطبقية باتجاه تقدمي .. هذا عزز لاحقا امكانية بناء الإشتراكية بالفئات الإجتماعية الغير بروليتارية مما اوجد رؤية نظرية مشوهة . تستطيع التحالفات الطبقية للاحزاب الثورية في ظروف محددة القيام بإجراءات تقدمية على المستوى الوطني . لكن يبقى السؤال هل يمكن بناء الاشتراكية بتلك الطبقات ؟ وهل هناك محتوى عام للاشتراكية يمكن تطبيقا وفق الخصوصيات المحلية ام هناك محتويات مختلفة للاشتراكية نفسها ؟ . لقد شق لينين مجرى نضالي جديد وجذر مطالب الحركة الثورية نظريا وعمليا وهو ما أعطى النظرية الإشتراكية تطبيقاتها العملية وانتقلت من مجرد حركة تبشيرية بمستقبل افضل إلى إمكانية واقعية بينما الذين خالفوه لم يستطيعوا إسقاط الرأسمالية في البلدان الصناعية المهيأة من الناحية النظرية والتي نضجت فيها الظروف الموضوعية المنسجمة مع تصورات معلمي الاشتراكية العلمية أنفسهم . انه هذا الموضوع لشديد التعقيد وبحاجة إلى بحوث نظريه كبيره . وإذا كانت نتائج التجربة السوفيتية مؤلمة فذلك لا ينتقص من رأى لينين ولا يضيف مبررات منطقية ونظرية للأخرين .

 

لقد كانت تلك السجالات النظرية تنطلق من طابع الثورة البرجوازي حينها ، و طالما الثورة برجوازية فإن اشتراك البروليتاريا الثورية يجبر الطبقات البرجوازية على الانصراف عن قضية الثورة ويفصل مدى الثورة بهذا المفهوم حاجج الاشتراكيين الثوريين لينين .ان وضع البروليتاريا تحت وصاية البرجوازية يعني خصي أشد حاجات البروليتاريا حيوية ، حاجياتها السياسية على وجه الدقة على حد قول لينين . فقد حسمت التجربة التاريخية الكثير من تلك السجالات النظرية . بالمجمل ما قدمته تجربه لينين أثمن وأبقى للنضال البروليتاري الثوري المستقبلي لقد قدمت دروس نظرية وعملية بليغة . بالطبع رافق تلك الاجتهادات النظرية والعملية هفوات وكان لينين قادرا على تصويب الممارسة النظرية والعملية لو طال به العمر . لقد توقفت الإبداعات النظرية بعد وفاته وتحولت النظرية إلى دغماء تعيق عملية التطور الثوري .وأصبح عملية الحفاظ على القائم أولوية وكانت تلك من التقديرات الغير موفقة التي نخرت تلك التجربة البشريه النوعية .ويبدو اليوم ان التجربة الصينية تتعرض لنفس الظروف والتحديات وتنطلق من نفس الأسباب حيث ترى بناء الذات وتطويره عملية ممكنه دون الحاجة إلى إسقاط الرأسمالية وهو المحك العملي امام التجربة الصينية التي تتعايش فيها أنماط اقتصادية واجتماعية متناقضة وهو محك خطير وبرأي المتواضع لن يكتب لها النجاح على المدى الزمني الطويل ما لم تسندها حركات ثورية على المستوى العالمي لسبب بسيط ان الرأسمالية الصينية قوية وطموحاتها واسعة وتحالفاتها كبيرة بينما البروليتاريا الصينية رغم عددها و قوتها ونفوذها الحالي لا سند دولي لها مالم تعمل على ايجاده وحمايته. هذا التناقض المركب سيطيح بإحدى تلك القوتان الطبقيتان المتعايشتان .

 

وتشير المعلومات إلى وجود الآلاف من المليونيرات في قيادة الحزب الشيوعي نفسه فهل سيبقى كل هذا بلا تأثير على الحزب وسياساته واختياراته الفكرية والتنظيمية ؟ اعتقد من المستبعد أن تتم الامور كما رسمها قادة الحزب نفسه . بالتأكيد ستتسرب البرجوازية إلى المواقع الحساسة في الحزب والدولة وهي التي ستقرر مصير الصين القادم .لقد ناشد مؤخرا الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني البرجوازية بأن تتحمل واجباتها وهذا يعني بانها أصبحت طبقة محددة المعالم ومستقله ، كما يشير تقرير اللجنة المركزية الأخير على عدم وجود صراع بين البرجوازية والطبقة العاملة وهذا خطأ نظري واستراتيجي خطير . أليس الأمر بحاجة إلى وقفة ومراجعة جدية . السلاح الصيني اليوم هو تصدير السلع وليس الأفكار الثورية .كما غزت الرأسمالية الأوربية العالم بالسعلة تغزو الصين اليوم بالسلع الرخيصة نفسها وهي تخلق رأسمالية في العالم كله التي ستنقض عليها ذات يوم . لقد اختار الاتحاد السوفيتي تاريخيا مهادنه الرأسمالية العالمية على حساب الدعم الجدي للقوى اليسارية في العالم حيث اعتبرت في معظم المراحل تلك القوى مجرد وسائل ضغط من اجل فتح علاقات نفعية مع الرأسمالية العالمية وملحقاتها .من هنا خلت التحالفات من المبدئية الثورية والأخلاقية في الكثير من المراحل والمحطات المفصلية .هذه الأوهام ضربت في العمق مبدأ التضامن الاممي الذي تحول إلى موقف أخلاقي شكلي لا طعم له ولا لون .والنتيجة معروفه لأنها قامت بالتضاد مع مفاهيم الاشتراكيه العلمية الجوهرية ومبدأ التضامن الاممي الذي يعتبر مرتكزه الحقيقي التحالف من أجل إسقاط الرأسمالية نظريا وعمليا .والفتح على طريق التقدم الاجتماعي الجديد الخالي من الاستغلال والاستعباد فرد لفرد وامه لأمة .اليوم تكرر الصين الشعبية نفس الخطأ الذي وقعت به التجربه السوفياتية . واني المح في الأفق ما لا نتمناه غورباتشوف الصيني .

مسعود أحمد بيت سعيد، محام وكاتب

مسعود احمد بيت سعيد، محام وكاتب عماني من ظفار. يكتب في جريدة القبس الكويتية وكان له مقال أسبوعي حتى وقت قريب، وكذلك في جريدة الديمقراطي الكويتية ويكتب أيضا في جريدة الرؤية العمانية ونشر بعض المقالات في صحيفة الوطن العمانية وجريدة الجريدة الكويتية وله أيضا سلسلة مقالات في جريدة اليوم الثامن اليمنية كما نشر في مجلة المراقب اللبنانية بشكل غير منتظم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى