أن ترفض أنقرة قبول تعازي واشنطن بضحايا التفجير الإرهابي الاجرامي في شارع الاستقلال في اسطنبول ينطوي على جملة معاني سياسية ينبغي التوقف عندها :
أولها أن هناك أزمة عميقة بين حكومة أنقرة وبين البيت الأبيض، قد يكون لهذه الأزمة أسباب متصلة بالموقف التركي من الحرب الروسية – الأطلسية، ولكن ربما لها أسباب أخرى.
ثانيها أنه يؤكّد أن واشنطن تعيش حالة من التوتر مع عدد من حلفائها التقليديين، وربما قد ينجم عن هذا التوتر حل تقدم فيه واشنطن بعض التنازلات أو يقدّم فيه الآخرون تنازلات لواشنطن، لكن هناك توتر نلحظه في العلاقات الأمريكية – السعودية، ونلحظه في العلاقات الأمريكية – المصرية، ونلحظه في العلاقات الأمريكية – الباكستانية، والتي أطاحت برئيس الحكومة السابق عمران خان ثم محاولة اغتياله، وتوتر في العلاقات الأمريكية – التركية، وربما في دول عديدة أخرى في أمريكا اللاتينية وإفريقيا.
ثالثاً: يؤكّد هذا الرفض التركي للاعتذار الأمريكي، أن تركيا قد شعرت أنه ليس لواشنطن أصدقاء، بل تعامل الجميع كأدوات تستخدمهم في وجه دول أخرى، فالإرهاب الذي استخدمته الولايات المتحدة وما تزال، ضد سورية والعراق ولبنان ودول أخرى، والتي ظنّت حكومة أنقرة أنها تستطيع الاستفادة منه قد وصل اليوم إلى “ذقن” الحكومة التركية نفسها، وهو ما يؤكّد أن أي رهان على الولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها في المنطقة هو رهان خاسر.
ينبغي أن تستفيد حكومة أنقرة من هذه الأحداث من أجل مراجعة عميقة لمجمل سياساتها في المنطقة، وخصوصاً تجاه سورية، من أجل أن يستعيد التكامل الإقليمي في المنطقة بين العرب ودول الجوار الحضاري ألَقه ولكي نبني معاً كدول عربية وإسلامية قوة يحسب لها ألف حساب على المستوى الدولي.