توفي الكاتب الصحفي البريطاني المخضرم روبرت فيسك، الأحد الماضي، عن عمر يناهز 74 عاما إثر إصابته بسكتة دماغية في منزله الكائن في دبلن، بعد مسيرة صحفية طويلة قضى منها 4 عقود في تغطية أحداث منطقة الشرق الأوسط.
ولد فيسك في الـ12 من يوليو/تموز عام 1946 في بلدة مايدستون بإنجلترا، وتلقّى تعليمه في مدرسة “ياردلي كورت” الإعدادية، ثم في مدرسة “ساتون فالينس” وجامعة “لانكستر” (Lancaster). وحصل على درجة الدكتوراه عام 1983، من كلية “ترينيتي” (Trinity College) في دبلن حيث أكمل أطروحة عن حياد أيرلندا خلال الحرب العالمية الثانية.
بدأ حياته المهنية مع صحيفة “صنداي إكسبرس” (Sunday Express) في لندن، لكنه بسبب خلاف مع أحد محرريها انتقل إلى العمل مراسلا لصحيفة “التايمز” (The Times)، وبقي فيها 3 سنوات من 1972 حتى 1975. وبعد أن صنع لنفسه اسما في أيرلندا الشمالية، انتقل لفترة وجيزة إلى البرتغال لتغطية “ثورة القرنفل” عام 1974، ثم توجه إلى بيروت حيث عمل مراسلا متخصصا في شؤون الشرق الأوسط. وفي 1989، انضم إلى صحيفة “الإندبندنت” (The Independent)، واستمر فيها حتى وفاته.
عرف عن فيسك كرهه للصحافيين الكسالى الذين يجلسون وراء مكاتبهم، وعندما كتب تقاريره خلال الحرب العراقية – الإيرانية من بغداد ، انتقد بشدة المراسلين الأجانب الآخرين الذين اتهمهم بتغطية الصراع من غرفهم بالفندق.
أشهر المراسلين الأجانب
كان الراحل واحدا من أكثر المراسلين البريطانيين الأجانب احتراما وإثارة للجدل في العصر الحديث، ووصفته صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية في عام 2005 بأنه ربما يكون أشهر المراسلين الأجانب في بريطانيا.
وربطته علاقة طويلة بأيرلندا يعود تاريخها إلى عام 1972، عندما انتقل إلى بلفاست للعمل مراسلا لصحيفة “لندن تايمز” (The London Times) في ذروة الاضطرابات في هذا البلد. ونال فيسك العديد من الجوائز الصحفية البريطانية والدولية، بما في ذلك “جائزة المراسل الأجنبي للعام” 7 مرات.
ومن بين الأحداث التي قام بتغطيتها الحرب الأهلية اللبنانية حيث كان شاهدا على مذبحة صبرا وشاتيلا، والغزو الروسي لأفغانستان، والثورة الإيرانية، والحرب الإيرانية العراقية، ومجازر الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة. وكتب عن الحرب السوفياتية الأفغانية، والصراع العربي الإسرائيلي، وحروب الخليج وكوسوفو والبوسنة، والتدخل الدولي في أفغانستان عام 2001، وغزو العراق في 2003، والربيع العربي منذ 2011، والحرب في سوريا.
علاقات متينة
يُعد فيسك من الخبراء الذين يتمتعون بعلاقات مع مصادر القرار في منطقة الشرق الأوسط، كما أنه من المراسلين الغربيين القلائل الذين أجروا مقابلة مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وقد أجرى 3 مقابلات مع بن لادن نشرتها صحيفة “الإندبندنت” أعوام 1993، و1996، و1997.
وكان من أشد المعارضين لما يعرف بـ”صفقة القرن”، إذ اعتبر أنها الخطة التي قالت “وداعا لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، ووداعا للقدس عاصمة لفلسطين، ووداعا للأونروا، لكنها رحبت بالاحتلال الإسرائيلي الدائم للضفة الغربية، والضم الكامل للمستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت هناك منتهكة القانون الدولي”.
كما يعد فيسك من المعارضين لسياسة بريطانيا وأميركا أو ما يسميها “الأنجلو-ساكسونية”، وقد ألّف كتابا في هذا السياق بعنوان “الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة: السيطرة على الشرق الأوسط”.
ومن أبرز كتبه:
– الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة (The Great War for Civilization) نشر في 3 مجلدات: المجلد الأول “الحرب الخاطفة”، والمجلد الثاني “الإبادة”، والمجلد الثالث “إلى البرية”.
– ويلات وطن: وهو كتاب عن الحرب الأهلية اللبنانية وغزو إسرائيل للبنان عامي 1978 و1982.
رابط المقال اضغط هنا