ثلاثون عامًا مرّت على تفكّك الاتحاد السوفياتي الذي قام أثر ثورة جبارة ، هي الثورة البلشفية التي انتصرت في مثل هذا اليوم (7 تشرين الثاني/ نوفمبر1917 ) وحققّت لروسيا العظمى ولجمهوريات الاتحاد السوفياتي من الانجازات ما جعلها تتحول إلى دولة كبرى تشكل قطبًا موازيًا للقطب الآخر الولايات المتحدة الأميركية.
بعد أسبوعين على انتصار تلك الثورة التحررية الاشتراكية كشفت قيادتها عن اتفاقية سرّية عقدها قبل أشهر في 6 أيار /مايو 1916 الديبلوماسي الفرنسي فرنسوا جورج بيكو والديبلوماسي البريطاني مارك سايكس بعلم الإمبراطورية الروسية على تجزئة الوطن العربي وتقاسم النفوذ في الولايات العربية الخاضعة للحكم العثماني.
لم يكن الإعلان السوفياتي عن تلك المعاهدة الخطيرة هو المظهر الإيجابي الوحيد لدور موسكو البلشفية تجاه القضايا العربية بل كانت هناك مواقف مهمّة في دعم قوى التحرر العربي لاسيّما في دعم مصر في مواجهة العدوان الثلاثي المعروف بحرب السويس عام 1956، ومساعدة سورية في مواجهة الاحتلال والمشاريع والحشود الاستعمارية التي كانت تطوّقها قبل الوحدة مع مصر عام 1958، ودعم الجزائر في ثورتها التحريرية، بالإضافة إلى مساندة العديد من حركات الكفاح الوطني في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
الاّ ان هذه المواقف الإيجابية الكثيرة لا تمنع من تذّكر خطأين تاريخيين ارتكبهما الاتحاد السوفياتي بحق العرب، أولهما مسارعة موسكو للاعتراف بالكيان الصهيوني بعد ساعات من إعلانه في 15ايار/مايو 1948 ،وتأييده قرار تقسيم فلسطين في 29/11/1947.
أما الخطأ الآخر فكان موقفه السلبي من الوحدة المصرية/ السورية في شباط/ فبراير 1958،وهو ما أدى إلى صراع حاد بين القوى القومية الوحدوية والأحزاب الشيوعية ،وهو ما يستدعي قراءة نقدية جريئة من النخبة الروسية والعربية لا سيّما في أجواء الدعم الروسي لقضايانا العربية الرئيسية الحالية.
إن احياءنا اليوم لذكرى ثورة أكتوبر – نوفمبر البلشفية هو فعل وفاء لصديق تاريخي للعرب وجميع الشعوب المكافحة من أجل التحرر والاستقلال وللتأكيد على ضرورة تعزيز التحالف والتعاضد بين كافة القوى المناهضة للهيمنة الاستعمارية الصهيونية من أجل بناء نظام دولي جديد قائم على العدالة والحرية واحترام حقوق الشعوب.