دوليقراءات معمقة

وهم امتلاك الحقيقة وصناعة الأزمات المتكررة | د. محي الدين شحيمي

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

وهم الحقيقة والاضطراب اللانظامي المتكرر للأزمات

ان السواد الاعظم من الناس والافراد على هذه الغبراء غير مدركة للحقيقة ولا تعرفها , حتى في انها لا تجتهد للوصول اليها أو لبلوغها , حيث الفرد يجهد نفسه فقط في الامعان لما يعتبره هو حقيقي , امور في مجملها وكليتها بعيدة كليا عن الجوهر , هي ليست الحقيقة المجردة بل هي ما يريده الانسان ان يكون صحيحا أو ان يتحقق .
انه وهم الحقيقة والضياع في المنحى اللاخطي الفجائي وتلك الفرضية مقرونة بالطبع على الكيفية الحالية في علاقة الفرد مع المعلومة الهدف , لذلك علينا ان نقر بالمسؤولية وأن نعي أكثر مفهوم المخاطرة والتي نحن بصددها , فاذا كان لدينا حكومات بالقدر الكبير وبالمعنى التنفيذي الصادق فعليها ان تقوم باللازم اي بالمكافحة والانقاذ بأي طريقة .
هنالك اهتزاز سافر في حتمية التوقع القريب لجوهر ما يحدث , لذلك نحن بأمس الحاجة للعودة الى الجذور للتمكن من الابتكار والصوغ للرؤى الجديدة والتي بامكانها ان تغير النظرة الى العالم الطبيعي وتنشلنا من وهمنا , اذ تحيط بنا سلوكيات مدهشة ومعقدة تبدو لنا في الوهلة الاولى انها بسيطة .
لقد ادخلنا الوهم في عصر فوضوي يلزمنا بدقة المراقبة والمتابعة الصريحة لدراسة الانماط والتي تعاود في التكرار والظهور ولو بشكل مختلف قليلا عبر مراحل زمنية متباينة ولكنها للاسف هي اخطر من ذي قبل وتلك الخطورة تحرمنا من تفادي صدمة الميول عند التنبه العشوائي والمعقد حيث الحدود المتحركة المتخبطة والقفزات والمجازفات المفاجئة , اننا اذا في مستتقع كبير من الاضطرابات الشاملة , فكيف يمكننا في هذه الحالة من ان نصنع نظام في عالم يبدو وكأنه محكوم عليه السير نحو التفكك والتشوش .
هو الوهم نفسه وهي الفوضى بعينها والتي جعلت من النمو الاستهلاكي يسير ببطئ شديد , فهناك ادلة ثابتة محورها عدم القدرة على المرونة وهي النتيجة الاولى للفوضى الوهمية لهجوم المعلومات على البشرية , لقد كان مشوار الفرد للوصول الى المعلومة مشوارا شاقا ونهج موصول بالبحث والكد والمبادرة فالانسان كان كان يمشي ويسلك الطرقات الصعبة ولكنها منظمة ونظيفة للوصول اليها , اما اليوم فنرى الكم الهائل والسيل الجارف من المعلومات والتي تسقط كلها بدفعة واحدة وبوقت واحد على الانسان مشكلة له الموج العاتي والخلل والصدمات وكأنه يتلقى اللكمات , متحكمة بثباته الفكري مولدة له الانفعالات اللاستقرارية, مشكلة له الاضطراب الكبير مدخلة الانسان بنفق الوهم من الحقيقة والتي تبعده في الاصل عن المعلومة , حيث يظن الفرد من انه تلقى المعلومة الصحيحة ,غير انه ما اكتسب سوى الوهم والسراب منها , ذلك هو الخداع واولى مداميك الشلل الادراكي للانسان .
تخيل نفسك في انك تشعر بالظمأ ومن انك قد بلغت مرحلة متقدمة من العطش وتريد الماء للارتواء , فما هو الذي يرويك هنا في هذه الحالة ؟ أهو كوب من الماء المنظم والمقتصد المرتب , أو ان ترمي بنفسك او يلقى بك في النهر او تحت شلال هادر لكي تشرب , ففي الحالة الاولى اي حالة الكوب والذي اذا شربته يشعرك حكما بالشبع والصحة والامان واذا لم يكفيك يمكنك ان تتناول منه بشكل متواتر لكي تصل لمرحلة الاشباع يعني انك بشكل مؤكد قد وصلت للحاجة والمعلومة والحقيقة في اشباعك لرغباتك , اما في الحالة الثانية فهي العكس على الاطلاق حيث انك لا تشرب ولا ترتوي , فتدخل من حقل من الاضطراب واللانتظام والفوضى , ولا تصل للحقيقة بل حتى انك تعرض نفسك للخطر ولا ترتوي , فعندما تواجه حالة الغرق لا تفكر في الارتواء او الشرب بل تفكر بالنجاة مع تفضيلك البقاء عطشانا , حيث ان الوقوع في بحر من المعلومات اللامتناهية والمتشابهة في نفس الوقت لا يشبعك ولا يرويك ولا يفيدك, ولا تكون المحصلة سوى جو من الارباك والاضطراب لعصف من التفاصيل الاحتمالية والتي تكون كثيفة في بداية الامر, لنظام يشعرك بالوهلة الاولى بالثقة واليقين وبنوع من الاستقرار بداخله حركات لانظامية ومتكررة بشكل مختلف وانسيابية بشكل مغاير , ولكننها سوف تتبدد وتضمحل من دون تكتسب اي معلومة , وسوف تشهد في النهاية وفي قرارة ذاتك من انك بعيد عن الحقيقة وكل ذلك الوضع كان هدرا واستثمارا خاطئا غارقا في بحر الاوهام , وهي متصلة بشكل مباشر بقرائن غريبة فحواها عدم القدرة على خلق فرص جديدة وقصور في النموذج النظامي , اضافة الى توجه موحد ومتضامن لجميع المصارف المركزية في العالم لتخفيض الفوائد وشراء المزيد من سندات الخزينة , حيث ان هناك عزم على اتخاذ المزيد من الاجراءات لمكافحة هذا الاضطراب ولكن الوهم هو ما يقلل الايجابية .
اصبح لدينا نظما بسيطة ولكنها شديدة الصعوبة لجهة عدم القدرة في التنبؤ لمساراتها حيث ينبع لنا انتظام معين في وسط تلك النماذج يحوي في آن واحد الفوضى والنظام , فالاضطرابات في النماذج اللاخطية اي غير المتوقعة تتغذى من ذاتها لكن بطريقة تنازلية الى ان يتلاشى الامر الذي يحتم على النظام من متابعة مسيره تلقائيا نحو الاستقرار والثبات ,فالاضطراب وعدم الاستقرار ليسا القاعدة بل الاستثناء , لذا ما تكافحه المصارف المركزية من نتيجة لهذه الهزات وهو الكساد الاسود مع تصفير جديد لسعر الفائدة للمرة الثالثة في العقد الاخير منذ (2008) , فالمسألة الجدية والحقة هي انه لا يمكن بشكل بات ضخ المزيد من العملة ولمدى الحياة والقلق كل القلق بشأن فكرة وامكانية محاولة المصارف المركزية برفع سوق الاوراق المالية وغالبا ما تكون الجولات الاخيرة من شراء السندات الجذرية وغير المسبوقة المعيار التناغمي بين الارادة الحرة والحتمية النظامية اي انها الفوضى .
فالتكرارات لا تأتي على الشكل نفسه , حيث يوجد لدينا نمط بشكل دائم باحتوائه للاضطراب , اذ تبين لنا وعلى نحو متجانس ان هناك تقلبات تكرر لنا نفسها ويظهر معها فجأة انماط جديدة بعضها مألوف وبعضها غير ذلك , فليس هناك علاقة حميدة ومباشرة بين برامج التيسير الكمي وزيادة الوظائف في غمرة السلوك اللانظامي للنظام , حيث اننا نريد ارتفاع فقط لسوق الاوراق المالية وكأن الاقتصاد معافى , لكننا لا نريد في الاساس من المصارف دفعة من الوهم المصطنع , فلا ينبغي ان تدار السياسة النقدية بهذه الطريقة , ولا يمكن تنمية اقتصاد قائم على نظام وسياسة نقدية فقط , والاشكالية التي تفرض نفسها هنا ( هل نحن امام نهاية لعبة العملة الورقية ؟ ) وهل هو امر بات جديا من جراء التحول العالمي امتثالا لجائحة الكورونا , نتيجة ما يسمى الوهم بالحقيقة والعصف الاضطرابي , فالنظام الديناميكي يحتوي على مجموعة من النقاط المتصفة بعدم الاستقرار تبعا لمرونة الواقع , حيث تشبه نقطة عدم الاستقرار كرة صغيرة موضوعة بتوازن دقيق على رأس تلة هرمية بحيث تستطيع مطلق اي دفعة بسيطة على دفعها للتدحرج .
في عالمنا تستطيع عناصر صغيرة نسبيا وفي اغلب الاحيان وخاصة الحرجة منها على ان تفقد افضل التنبؤات قيمتها حيث تتضاعف الاخطاء والاشياء غير المتوقعة وتتجمع آثارها وتتكاتف عبر سلسلة من الاضطرابات لتتحول من عناصر محلية صغيرة الى حراك يشمل القارات والعالم , لذلك يواجه عالمنا أزمة انهيار شاملة للثقة في اقتصادنا وفي قيمة العملة الورقية ما ادخل العملات العالمية الكبرى والمسيطرة كالدولار واليورو وغيرهما بمدار عشوائي مع تدابير متخذة من اشخاص غير اكفاء, بالتزامن مع البدء للتفكير لبعض الدول بالدخول باتفاقيات تجارية عالمية لتجنب استخدام الدولار , حيث تتجه الدول الفقيرة الى اغراق بلدانها بسندات خزينة اضافية سواء بعملتها او باحدى العملات الاجنبية , مترافق مع حجم انفاقي خارج عن السيطرة والمشكلة ان ما من احد يستطيع ان يوقفه .
حيث العالم بات قريبا اكثر من حتمية ازمة العملات الورقية لذلك علينا التشدد على اهمية العناصر العشوائية ,وهناك ايضا امورا ابعد من العشوائية الكامنة وهو الخطر وعدم الثبات , لذلك نحن بامس الحاجة الى استنباط المعادلات والقوانين للانظمة والتي للاسف لا تعرف حالا من الاستقرار والتي تكرر نفسها ولكن بصورة مختلفة بكل مرة على شكل ازمات متعاقبة بفقاقيع واسباب مختلفة لكنها تشكل ازمة .
فالحقيقة ليست بالقوانين فقط بل بفراغاته وثغرات مواده , حيث ان العدالة تتحقق بمدى امكانية ضبطنا واحتوائنا الذكي لثغرات القوانين وتنظيمها بشكل صادق ومحترم لصون المجتمع , ولا ينقلب عليه بحجة الحقيقة الوهم , والتفسير السطحي للمادة القانونية , لان هناك الكثير من الانظمة والقوانين والتي سقطت واصابها الشلل نتيجة ثغراتها المفخخة , انها الانظمة غير الدورية ونموذج التكرار المتغير واللادوري مثل الاختلاف في التعداد السكاني للبشرية وانتشار الاوبئة والكوارث الكبرى والتي تنتشر وتختفي بصورة مستمرة .
هناك اقبال على شراء الذهب وهو امر مفيد للباحثين عن الامان و لحماية النفس ولكن ماذا عن عودة معيارالذهب , حيث ان المصارف المركزية تملك معظم كميات الذهب العالمية ففي واقع الحال يعتبر المصرف المركزي احد اهم المشترين للذهب , يصرحون في العلن انهم يكرهونه ولكن من وراء الكواليس يشترونه لحماية انفسهم من العملات المختلفة غير المسؤولين عنها ولتطبيق خطتهم في الاحكام التام لنموذج الوهم.
فكيف اذا اجتمع لدينا في واقعنا المعاصر كل ما هو غير متوقع ولا دوري , حيث الحوادث المتسلسلة تصل الى نقطة حرجة بحيث يتضخم بعدها اثر الاشياء الصغيرة , وتصبح النقاط الحرجة منتشرة في كل مكان , فلا بديل من الاعتماد الحساس على الاوضاع الاولية لانه ينجم عن الطريقة التي تتداخل فيها التأثيرات البسيطة مع النظام العالمي فالتدفق غير الدوري بات محتوما , وبهذه الظروف يعتبرالتعامل بالذهب كالمال اي( العملات الورقية ) فكرة قديمة , فالأولى ملاذ آمن والثانية قد تمت تجربتها في مراحل عدة وفشلت في كل مرة , حيث انها دائما تؤدي الى أزمة مالية واقتصادية وفي احيان كثيرة الى تضخم جامح , كثيرون يعرفون مخاطر العملات الورقية والقليل جدا من يستطيع ان يضبطها, لهذا السبب كان الوصف القانوني لكثير من دول العالم في دساتيرها بعدم الاستدانة دون غطاء من الذهب , فالحكومة لديها سلطة الطباعة ولكن اذا كان غير محدود فسوف نشاهد التضخم في نهاية المطاف وبشكل هائل , فعندما يكون الذهب معيارا اساسيا وجديا تكون السوق الحرة حقيقية , اذا لدينا اموال ولا يمكن ان نشتريها بطبع المزيد من النقود بسهولة.
فكل الجهد يتركز في نطاق تحرر المرء من المدى التقليدي ففي امكان الاشياء النافرة ان تساهم في تغيير طريقة التفكير ومن ثم الدفع نحو الامام من بعد تلقي الصدمة , تلك الصدمة والتي تجعلك حكما امام خيار مصيري وهو انه لكي تقبل مستقبلك عليك رفض ماضيك وهذا خاطئ جدا , لذلك نحن علينا تكثيف جهدنا بالاهتمام بالاساليب اللاكمية المرنة والتي لا تغير في الاشياء عندما تتعرض للتحوير والتشويه والانضغاط اي المرنة بشكل تام , حيث ان الفوارق الصغيرة لا تتسبب الا بفروق صغيرة ولكن اذا تكثفت هذه الفوارق وتجمعت في محور واحد نكون اذا امام جمع لكل هذه الفوارق بفارق كبير وهي التغييرات النوعية في سلوك النظام الكلاسيكي , والعكس من ذلك اذا كانت فوارق عادية وتحت السيطرة فلا ينجم عنها اي تغيير , ففي امكان النظام ان يتصرف بعشوائية ولكنها غير استقرارية وهذا بحد ذاته خطر اضافي على النظام .
حيث ان الاستقرار هو من الصفات الاساسية والمؤسسة لاي نظام , ويعرف السلوك المستقر في النظام بانه السلوك الذي لا يضمحل بمجرد حدوث تغيير صغير في قيمة بعض المؤشرات , الا انه قد يتصف سلوك النظام بالاستقرار والعشوائية معا لكنها عشوائية مضبوطة وغير محسوسة , ذلك ان اصغر اضطراب يمكنه ان يهز النظام ويجعله بعيدا عن اي حل واستقرار , لذلك فالنظام العشوائي يمكن تقريبه الى نظام آخر يشبهه .
حيث يمكن للفوضى الاستقرار اذا تمكن نمطها اللامنتظم من مواجهة الاضطرابات الصغيرة وهو ما نعانيه اليوم وما نحاول ان نكافحه حيث تشير كل الدلائل ان السبب الاساسي للتخلي التوجيهي عن معيار الذهب في اميركا مثلا هو عدم ملاءمته ونجاحه في خطتها , حيث اجبر الذهب الحكومة للتعامل مع عجزها وعملت بالتواتر على تخفيض قيمة عملتها , فمنذ التمكن من امكانية تبادل الذهب بالدولار اختار نيكسون بصدمته انهاء هذا المعيار ووضع اميركا على سبيل المثال على مسار دائم لتخفيض قيمة العملة من خلال تمويل الحروب وجميع الاستحقاقات بالعملة الورقية الوهمية , حيث يسيطر الاحتياطي الكبير اليوم على معدلات الفائدة لامدادات المال , ولكن علينا ان نعي بانه قبل وجود البنك الفيدرالي كانت القوى الاقتصادية الطبيعية تحدد قيمة المعروض من المال باستخدامها للذهب كالمال , لذلك كان المعروض من النقود كان مستقرا وتحدد معدلات الفائدة من خلال العرض والطلب على الاقتراض , اي اننا نعيش اليوم وبشكل صريح بالوهم في عالم الاحتياطي وسطوته وسيطرته بدلا من ان يكون لدينا النمو الدائم , وهو حاليا لا يتوانى عن ابقاء الفائدة منخفضة لخلق المزيد من الكوارث والتي تكون بحد ذاتها فرصة سانحة لتحقيق الربح وتكوين الثروة .
ذلك ان الانظمة الحتمية في امكانها ان تنتج ما هو اكثر من مجرد سلوك دوري منتظم , تواجه الاضطرابات فتبحث بالفطرة عن الانتظام والاستقرار والثبات وسط بحر من الفوضى , لاحتمالية ان النظم المعقدة والبسيطة بامكانها ان تعطي نموذجين اثنين في نفس الوقت الفوضى والانتظام, حيث ان النظم الدينامية تميل الى سلوكيات غير معقدة والنماذج الميكانيكية الاستراتيجية لاي مشروع سواء كان الميكانيك القانوني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي يبحث دائما عن مشروع حل وعامل استقراري , ذلك ان الميكانيك الانساني يحتاج الى حركة دائمة وهي عماد حياته , فعند انتفاء الحركة نكون قد وصلنا الى حالة السكون , باحتمالين اثنين اما النجاح واعادة الاستقرار للنظام او الفشل ويعني موت النظام والذي يعد المدخل لمشاكل جمة واللبنة الأولى في تشكيل نظام جديد .
فمنذ خسارة معيارالذهب , انخفضت القدرة الشرائية للعملات الورقية مقابل الذهب حوالي 90% من قيمتها فالدولار لوحده فقد 98% من قيمته امام الذهب و96% من قيمته امام النفط و80% امام الغذاء , فكيف الامر اذا بالنسبة لباقي العملات , لقد بدأ اثر هذا النوع من التخفيض للعملات يظهر في بعض البلدان في تخطيطهم لفصل عملاتهم عن الدولار, اي وبمعنى آخر بالولوج الى المبادلات الماليه الجديده لعملات تبادليه وطنيه للدول بديلا عن الدولار والآخذ في طريقه نحو التطبيق تبعا لمسار جديد يصعب ايقافه حيث بدأت الرحله ووضعت سكه القطار السريع من الصين الى روسيا عبورا بدول المشرق واختراق النسيج العصبي في الدول الاوروبيه واعتبار الهند محطه التحويل لكل المسارات لتصل الى الحديقه الخلفيه لامريكا اي طريق الحرير السياسي .
لحماية ما تبقى من السيولة ينبغي علينا وبالتوازي مع تلك الخطوات العلاجية العمل على تقييم جديد وبنفس مختلف وصادق لاصول الكثير من الصناديق التحفيزية الاستثمارية والمؤسسات المالية للتحقق من اصولها الفاسدة والوهمية لكي نصل بمسار صحيح للقيم الحقيقية لتفادي الصدمة قدر الامكان , مع العودة الهامة رويدا وريدا الى الاصل ومعيار الذهب حيث ان هناك مشاريع وخطط لربط بطاقات الائتمان بحاملي الذهب .
حيث اننا نعاصر مسلسل الفقاعات واحدة تلو أخرى من فقاعة التكنولوجيا الى العقارات والاسواق المالية وصولا الى الفقاعة البيولوجية والتي نشهدها اليوم فقاقيع متنوعة لازمات متواترة وموحدة , فالنظام العالمي اليوم قائم على الانهيار الاقتصادي ولا يستطيع اصلاحه سوى الانسان فقط بمبادرته الايجابية , فنحن بامس الحاجة للبدء في اعادة تنظيم امننا الاقتصادي العالمي على مبدا الموارد , ذلك لكي تتنافس العملات بشكل قانوني بحيث يبقى الاحتياطي الفيدرالي هو الخصم , فنظام العملة لا يشكل سوى محطة والتضخم ينشأ الازمة خلال وقت هبوط الاقتصاد وبدوره ,وهذا كله يؤدي الى انهيار نظام العملة الورقية في العالم , ومن المرجح ان عودة اول دولة لمعيار الذهب وتغير في قوانينها للسماح للعملات بالتنافس سوف تقود الطريق الى تحقيق انتعاش نسبي .
فالعالم اليوم بحاجة الى نقود حقيقة وليس وهمية وليس ايضا لعملات ورقية لا قيمة لها , وقيمتها الحقيقية متأصلة من الصفر فالاهدار والاحتيال وسوء الاستعمال يبدأ بامدادات لا نهاية لها في العالم , فقد حان الوقت للنظر والعودة الى الاموال والتي ساهمت في احداث الثورات الصناعية الاولى والتي حافظت على معيار استقراري كبير ومعدل تضخمي قريب من الصفر .
فعلى الجميع التمسك بالحتمية المتيقنة بالايجابية والتي ينجم عنها سلوك مستقر وآمن , عوضا عن التفاعل مع التشويش والذي يعطينا سلوكا عشوائيا وغير آمن .
تتجسد الفوضى اذا في المعادلات البسيطة كذلك الامر والتي تمنحنا سلوكا عشوائيا وغير مفهوم , لكن هذه العشوائية يميزها تنظيما خاص بها ولكنها مشوشة بشدة , انها ذات دوائر صغيرة ولكن متداخلة وكثيفة , وخير مثال على ذلك ان موجات الوباء والقابلة للتكرار بصورة دورية سواء بانتظام او بغيره فهي منذ البداية نموذج لا خطي اي غير متوقع ولكن يمكن ان يكون مخطط , حيث قد اصبح العالم قرية كونية وضاقت بنا العولمة وسقطت الاتحادات بفخ الوهم , فتشرذمت الى دوائر صغيرة وانعزالية , ذلك ان الاتحاد في الحقيقة ليس في الشكل والاندماج ليس على السطح , فلكي يتحقق الاندماج علينا ان نحقق التناغم في جزئيات سلوكياتنا وقناعاتنا ومكتسباتنا المادية التفصيلية والمؤلفة حكما للمادة الكونية الكبرى .
لم يتغير العالم ولم تتبدل منهجيته وانما توضحت حقيقته الكمية ذلك ان التغيير الجزئي والبطئ هو الاساس والصريح , لقد تغيرت فكرة التسلح لان كل فكرة مقرونة بالحاجة والحاجة كانت غارقة في الوهم المادي , فالسباق للتسلح اليوم ليس عسكريا وماليا واستعماريا وتوسعيا فقط هذا كله قد سقط بالوهم الاستعراضي , بل التسلح البيولوجي والجرثومي والبحث عن الامان والسلام وحب البقاء , فاذا تكاتفت الفرضيات الجامعة وتلقت دفعة غير متوقعة تعرضها للاضطراب ( سواء بانتشار الوباء او باكتشاف الترياق ) , حيث يذهب الحدس بنا او الرهان البسيط الى ان النظام سوف يتغير بسلاسة في الاتجاه المرغوب فيه وهذا في الحقيقة صعب للغاية , لان وحتى مع ميل الوباء للانخفاض على المدى الطويل فان مساره سوف يكون متعرجا , وسوف يصل الى دمغات متوازنة عبر حلقات في الارتفاعات المفاجئة , فلا عجب اذا ان نرى العالم اليوم منعزل على نفسه بهدف الحماية , يسارع للتسلح الصحي ولا يقبل بأي حليف لان حلفهم كان وهما , يتسابق لمن يصل اولا للترياق او العلاج للجزار العالمي الجديد والذي وحد العالم وفرض رأيه , انه حاليا سباق غير مرئي ومغلف بخداع التحالف ووهم الاتحاد ولكن لا شك من ان نتيجته مرئية عندما يتم الافراج عن الترياق.
حيث ان اكير خطأ نرتكبه هو في نظامنا التعليمي العالمي الموحد والتقليدي والذي يعطي اولوية للمعادلات الخطية في حين ان صناعة الفرق لبلوغ الامن والاستقرار هي في ضبط واكتشاف المعادلات اللاخطية فالكون ملئ ومتسع باللاخطية واللامتوقع ويحتوي كثيرا على اللانظاميات ضمن النظمة المنتظمة والمستقرة , لذلك علينا ان نولي اهتمامنا لمسائل تعودنا على اهمالها , اي علينا التفكير لكي نتغلب على الوهم بما هو غير مرئي ولا متوقع وليس فقط بحماية الثوابت الكلاسيكية , لان عندما يثور اللامتوقع كالبركان نكون بالتالي امام ازمة وكارثة كبرى كما نحن عليه اليوم.
حيث ان تبلور الاشياء بكليتها وموادها الطبيعية يعطي انطباعا باستبطانها عمليات ديناميكية وباحتوائها وشمولها توليفات محددة ومضبوطة من الانتظام واللانتظام , فالكون يميل بطريقة معينة للبلوغ الدائم لحال من الاستقرار في خضم كل هذه الصور الضبابية والمتضمنة تدهورا اقتصاديا والتفكك المجتمعي والانخفاض القيمي للمثل الناتجة من قربنا للوهم ولافتقادنا لمسبار المعرفة .
فنحن بحاجة الى انواع من الاصلاح الاخلاقي والفني , حيث تبدأ سبل الانتصاف الاخلاقي من خلال الارتكاز على اعتبار مؤسسي الايمان بالالتزام المتبادل بكل المستويات والعمل على مبدأ التحقيق الصحيح لشرط المعاملة في المثل , نحن بحاجة طواقة الى التزام متبادل أقوى على مستوى المجتمعات والاسر في هذا الكون ولا شك ان وحدة وطنية مجددة بنظام جديد ستوحد البلدان , ذلك ان احدى اهم المشاكل في واقعنا الحالي هو في تلاشي الشعور الصادق بالتعاون والتحالف ,وتمزق المجتمعات الى قوميات اضافة الى عدم كفاءة النخبة الحاكمة والفشل العملي في كيفية محاسبتها.
ذلك ان احد ابرز عراقيلنا هي انه وفي كل الاحيان يسهل علينا التعرف على مصادر مشاكلنا , ولكننا نكون للاسف غير واثقين وعاجزين تماما من ايجاد وابتكارالحلول وهذا هو اصل الموضوع وسببه الاساسي هو في وهمنا باننا كشفنا اصل مشاكلنا وهو ما يدعونا للتمحيص اكثر لاثبات الحقيقة بحتمية واحتمالية متوازنة وايكولوجية,هذا الطرح يقودنا حكما الى اشكالية مهمة وجديدة في مدى حتمية وقوع الازمات العالمية واحتمالية احتوائها ) , لذلك علينا دائما المحاولة .

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

د. محي الدين الشحيمي، استاذ في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا

الدكتور محي الدين محمود الشحيمي، دكتوراه في القانون جامعة باريس اساس في فرنسا. عضو لجنة التحكيم في مدرسة البوليتكنيك في باريس. محاضر في كلية باريس للاعمال والدراسات العليا واستاذ زائر في جامعات ( باريس 2 _ اسطنبول _ فيينا ). خبير دستوري في المنظمة العربية للقانون الدستوري مستشار قانوني واستراتيجي للعديد من الشركات الاستشارية الكبرى والمؤسسات الحكومية الفرنسية كاتب معتمد في مجلة اسواق العرب ومجلة البيان والاقتصاد والاعمال ومجلة الامن وموقع الكلمة اونلاين . رئيس الهيئة التحكيمية للدراسات في منصة الملف الاستراتيجي وخبير معتمد في القانون لدى فرانس 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى