الاتجاه الشيعي بعد الانتخابات في العراق | كتب علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
الكتل الشيعية كأنها عقد وانفرط بعد رحيل سليماني الذي كان يمسك كل الخيوط بيده ،والبقية ثانويين يدفعون به، ويحتمون به، وبقية الايرانيين يتحاشون التدخل المباشر في عهده لأنه كان يملك تفويضًا مطلقًا من المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، على الرغم أن المطلعين على الوضع الإيراني كانوا يشيرون إلى أن القرار حول العراق يُتخذ في المجلس القومي للجمهورية.
وكما يرى المراقبون أن الفراغ الذي تركه الجنرال الراحل لم يستطع لا الجنرال قاآني ولا رئيسي من ملئه ،ويعاد عقد السبحة من جديد، أو كما كان يعبر الراحل حينما تتأزم الأمور بين الشخصيات الشيعية “أنهم جميعًا داخل الصينية وعندما يحاول أحدهم الخروج منها نعيده إليها”.
لكن الأمور لم تكن كما كان يريد دائمًا وابتعاده عن الساحة العراقية واهتمامه بملفات أُخرى جعلت متابعاته لاتؤدي غرضها المطلوب.
وبعد إنتاج تجربة الحشد الشعبي في العراق قفز بعض الشباب من أمراء الفصائل ليتسيدوا المشهد الشيعي، سيما بعد التحرير ونفوذهم في المحافظات ودخول ممثلين عنهم في الانتخابات البرلمانية ليتم تشكيل جبهة برلمانية تشريعية (للمقاومة).
واستطاعوا تشكيل حكومة عبد المهدي بعد اتفاق مع التيار، وكانت لبنة هذا الاتفاق إقصاء حزب الدعوة عن رئاسة الوزراء ،وبإمضاء الراحل سليماني ،أعطاهم دفعة معنوية وسياسية لامساك زمام المبادرة في العراق.
لكن الامور كانت لاتجري وفق السياقات الاعتيادية ،وهناك اطراف منهم تدفع الى المواجهة في اكثر من مناسبة سواءً مع الولايات المتحدة ، أو مع أي طرف يرونه بعيدًا عن الخط الثوري ..
كانت بوادر هذه النزعة الثورية واضحة منذ محاولة احتلال السفارة الامريكية في بغداد الى محاصرة مقر رئاسة الوزراء وجهاز مكافحة الارهاب بعد حادثة البوعيثية التي كانت بالونة اختبار فاشلة أحرجت الحكومة في أول تجربة إحتكاك مع أحد الفصائل المسلحة.
وبرز المالكي رئيس الوزراء الأسبق كمهدئ وكصمام لهذه الفصائل في تفكيك هذه الازمة ،وهذا الامر أعطى المالكي دورًا يرى من خلاله أنه القادر على ضبط ايقاع الحشد أو بالاحرى الفصائل المسلحة أو المقاومة كما ترغب في ان تُطلق هذه التسمية عليها.
وهذا الأمر بمثابة بطاقة العبور التي يقدمها المالكي للمجتمع الدولي لعودته الى رئاسة الوزراء .
إلا أن هذا الأمر مازال في طور الامنيات السياسية التي تصطدم بعقبات كثيرة وأهمها السيد مقتدى الصدر الذي يلوح بملف سقوط الموصل و(الفساد) الذي استشرى في عهد المالكي كما يروج له أتباع السيد مقتدى الصدر، ويلوح أتباع القانون بذات الامر حول فساد أعضاء التيار واللجان الاقتصادية التي باتت عنوانا لتهمة الفساد للاحزاب والشخصيات السياسية في العراق.
كان المرحوم سليماني ضابطًا لـ الإيقاع الشيعي ،ومع السيد مقتدى الصدر وكانت الولاية الثانية للمالكي تجليًا واضحًا بدوره مع السيد مقتدى ،وصفقة الرئاسة أنذاك معروفة للمطلعين على ظروف التشكيل ،وعاد التيار قويًا بعد أن أوشك على الانحسار بعد صولة الفرسان المعروفة .
وسرعان ماانفك التحالف (الهش) بين الطرفين ، وعادت المناوشات السياسية في مناسبات عديدة لكن المرحوم كان حاضرا في كل جولة في ايران حيث اقامة السيد مقتدى الصدر انذاك او في العراق ،واستمر هذا الامر والحال في كل موقف قد يؤدي الى الانفجار فنسمع بزيارة المرحوم وسفر السيد إما الى ايران عبر شركة الخطوط الجوية المعروفة باسم ماهان، أو الى لبنان حيث المقر الثاني له.
وكانت لحزب الله اللبناني سابقا حظوة لدى السيد مقتدى الصدر، و نرى استجابة سريعة لرغبات الحزب في تغيير مواقفه باتجاه التهدئة في الشارع الشيعي.
كان السيد مقتدى عادة ما يلوح باستشهاده في مثل هذه الظروف، وينعي نفسه في التغريدات السابقة..
مرحلة جديدة وخطاب جديد للصدر
قبيل هذه الانتخابات اختلف منطق السيد مقتدى ،وتغيرت اللهجة التي كانت قوية بعض الشيء ولم يألفها حتى أنصاره ..
وبعد الانتخابات عاد الهدوء لخطابه وهو ما نعبر عنه بنضج في التعامل مع الوضع السياسي بعد أن ظهرت النتائج فوزه بالمقاعد النيابية التي وصلت الى 73 مقعدا وهي أعلى نتيجة يصل اليها منذ بدء الانتخابات البرلمانية في العراق .
ويحاول السيد مقتدى الصدر ارسال رسائل في عدة اتجاهات مرة اقليمية واخرى دولية وكأنه غير آبه بردود افعال الكتل الخاسرة .
لم نتعود على السكوت في مثل هذه الظروف..
كما أنَّ الكتل الشيعية لم تهاجم السيد بالاسم، وان حركت بعض الجيوش الالكترونية الا أنها لم تكن بذلك الزخم الذي يدفع السيد أو انصاره لرد فعل عملي مكتفين بذات السلاح الذي يستخدمه المقابل …
ويشير المراقبون أنَّ الامور لم تُحسم بعد ولم تصادق على الانتخابات، ولم يبيّن التيار حلفاءه من الشيعة فرسالة التيار السياسية الاولى هي السائدة (رئيس وزراء صدري قُح)، وهو أمر يبدو بعيدًا حتى هذه اللحظة.
بينما الفتح والقانون يلوحون ويسربون بتشكيلهم الكتلة الاكبر لكنها مازالت هواءً في شبك فليس هناك مايضمن هذا التحالف ، ولهذا نرى الاتجاه السائد هو رفض نتائج الانتخابات، وتحريك الشارع لمزيد من الضغط على المفوضية وعلى الحكومة . التي ستكون كبش الفداء كنتيجة أولية فيما لو أرادت الكتل الشيعية التفاوض لانتاج حكومة توافقية.
حيث ترى الكتل الخاسرة ان الحكومة الحالية عقدت المشهد السياسي بشكل كبير ،و دقت إسفينا في الواقع السياسي الشيعي كانت ستؤدي الى صدام شيعي شيعي ،إلا أن صوت الحكمة تغلب حتى هذه اللحظة.
فقدان الراعي أو المظلة الجامعة
مازالت المظلة الجامعة مفقودة ومازالت رؤوس القوم مكشوفة سيطيح بعضها أو معظمها مالم تعود اللجنة التنسيقية بحضور ممثل التيار الصدري .
إنَّ الخروج بحل ولو كان ترقيعيا سيبرد بعض الشيء الاجواء الملتهبة بعد أن كانت توصف بالساخنة بعدكل انتخابات …
مازالت الامور لم تخرج عن السيطرة ويمضي رجال الخط الاول بالاطار التفاوضي مع عدم التفريط بحق الرد ،والذي جاء الخيار الاول برفض النتائج والدخول في الاعتصام المفتوح.
حالة المواطن
والمواطن ينتظر تشكيل حكومة جديدة وهمه عودة سعر صرف الدولار الى ماكان عليه قبل قرار الحكومة الحالية ،أو تعديله قليلًا ، فهو لم يعد يأمل بعيش رغيد وباتت فسحة الأمل لديه ضيقة، وطموحه يومي لم يعد يبتعد بأن يفكر لسنوات قادمة وهذه الحالة هي أخطر مرحلة يصل لها المواطن العراقي ،وكانت هذه الحالة مشابهة لظروف الحرب في الثمانينات من القرن الماضي ،فهل سيعي السياسيون هذا الواقع أم تبقى رؤاهم مقتصرة على ضمان نفوذهم السياسي !!؟