كُن أنت التغيير الذي تريده أن يحدُث لنفسك أولاً ومن ثم للآخرين! | بقلم عبد الرحمن البدري
لقد أوضحت لنا مسيرة المسلمين مع الإسلام في بدايته سواء في مكة و ثم المدينة كم الخطأ الذي وقع فيه وخالفته التنظيمات الجهادية التي تدعى الجهاد من أجل الإسلام حيث إنهم يؤمنون بالتغيير الجذري و السريع و ليس التدريجي وأنت توقع النتائج الفادحة التي ستنجم عن هذا الأمر وكذلك التغيير بالقوة والقهر وليس اللين والحكمة والموعظة الحسنة.
و تعال معي يا صديقي لأوكد لك اليوم علي الأمر الأول من خلال تتبع رحلة الإسلام في بدايته و هذا هو أساس الإسلام وتلك هي الفترة التي أرسيت فيها دعائم الدين وأسس الشريعة الإسلامية من قبل الله رب السماوات رب الأرض ومن فيهن و كان ذلك ختاما بقوله تعالى في صدر سورة المائدة ” اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.
فقد بدأ الإسلام مع المسلمين الأوائل بطريقة التخلية قبل التحلية و طريقة التدرج في التغيير، فبدأ مثلا في أمر الخمر بأن الإسلام قام بالتوضيح والإشارة إلي ضرر الخمر وأنها معصية لله وأن الله يسخط علي من يقربها ولكن ترك لهم فرصة للحركة ومراجعة الأمر ومحاولة تقبله ومحاولة تهيئة النفس والجسد والعقل لقبول هذا التغيير.
ثم انتقل الإسلام بعد فترة من المستوى الأول بعد أن تم تهئية الأجساد والأرواح لتقبل التغيير الطارئ على أسلوب الحياة فبدأ بتحريم الخمر في أوقات الصلاة فقال لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى و هنا بدأ الإسلام في محاصرة الظاهرة التي يحاربها و بدأ في تحجيم تأثيرها وحجمها لأن الإنسان المسلم وقتها كان أهون عليه أن يُقتل ولا تفوته صلاة الجماعة، وهكذا نمى الإسلام في الإنسان صفة الإنسانية العاقلة ووضع الإنسان في اختبار لحريته واختار المسلم حينها أن يكون حرا بالحرية التي أرادها الله العلى العظيم الخالق الواجد وأبى أن يكون عبدا لشهواته و نزواته لأن حرية كهذه الثانية هي أبشع أنواع الأسر والعبودية فالعبودية لله منتهى الحرية، و من ثم بدأ المسلم يتجنب شرب الخمر في أوقات الصلاة و عندما نقيس الفرق بين الصلوات سنجد أن الفرق بين صلاة الظهر والعصر ليس بكثير وكذلك بين العصر والمغرب والمغرب والعشاء و نجد الوقت الأطول هو بين العشاء و الفجر و الفجر و الظهر فنخلص بذلك إلى أنه سيتجنب شربها في الأوقات الضيقة و يشربها بحذر في الأوقات الأطول نسبيا و نرى هنا كيف اشكرك الله الإنسان بالعقل علي سائر مخلوقاته و كيف العاقلة و وضع للإنسان في اختبار لحريته و اختار المسلم حينها أن يكون حرًا بالحرية التي أرادها الله العلى العظيم الخالق الواجد و أبى أن يكون عبدًا لشهواته و نزواته لأن حرية كهذه الثانية هي أبشع أنواع الأسر و العبودية فالعبودية لله منتهى الحرية، و من ثم بدأ المسلم يتجنب شرب الخمر في أوقات الصلاة و عندنا نقيس الفرق بين الصلوات سنجد أن الفرق بين صلاة الظهر و العصر ليس بكثير و كذلك بين العصر و المغرب و المغرب و العشاء و نجد الوقت الأطول هو بين العشاء و الفجر و الفجر و الظهر فنخلص بذلك إلي أنه سيتجنب شربها في الأوقات الضيقة و يشربها بحذر في الأوقات الأطول نسبيا و نرى هنا كيف كرم الله الإنسان بالعقل علي سائر مخلوقاته و كيف سخر الله كل الكون لخدمة الإنسان و جعل الإنسان يستعمل ذلك بعقله و من ثم منع الله عنه كل ما يشوبه أو يضره أو يدنسه فمنع الخمر عنه إكراما له و لما كان كثيرها يفقد العقل وجوده و ميزته و شرفه الذي وهبه الله إياه كان تحريم حتي الجزء الصغير منها إجلالًا للعقل .
وانتهت الآية بقوله تعالى حتى تعلموا ما تقولون .
دخل الإسلام إلى المستوى الثالث و الأخير بعدما هيأ الأنفس و الأجساد لذلك في المستوى الأول وأكد علي ذلك وحفزه وحجم من حجم الظاهرة في المستوى الثاني جاء المستوى الثالث بعد ما تهيأت الأحداث حيث اقتتل المسلمون حينما اجتمعوا في مكان لهم كانوا يذبحون فيه الذبائح و فيه بقايا الهياكل العظمية للذبائح و شربوا الخمر حتى ثملوا و هاجوا على بعضهم البعض بالضرب و الشجار بالعظام و أصيب الكثير منهم و بلغ ذلك رسول الله و كانت نهاية ذلك هي تحريم الخمر نهائيا و بشكل منتهى و من ثم حد الحدود و وضع العقوبة لشاربها في الدين و الدنيا، و بهذا امتثل المسلمون لأمر الله . و تغيرت حياتهم و قس علي ذلك الأمور الأخرى – سيما – حينما تعلم أن المسلمين هؤلاء بلغ ملكهم إلي قدم في الصين و القدم الأخرى في أوروبا.
و هذا هو التدرج في التغيير لأن هناك العديد من النظريات الخاصة في علم الاجتماع تقول بأن التغيير عملية بطئية في الأساس تأتي بالتدرج .
وهكذلك و أنا أرى أنه إذا كنت ترغب في التغيير و تود لمجتمعك أن يتغير أو أن أمورا تريد لها أن تتغير فغير نفسك أنت و لا تنشغل بتغيير المجتمع أبدأ بنفسك و غير نفسك، لا تسخط على المدخنين و تطالب بمنع التدخين و التحذير منه و أنه تدخن، غير نفسك .
و لو حرص كل منا علي تغيير نفسه أولا و عدم الانشغال بتغيير الآخرين لتغير مجتمعنا للأفضل إلا أننا و للآسف نطالب بترسيخ القيم و المبادئ و لا نقوم بتطبيقها في أنفسنا و علي بيوتنا التي تعد النواة الأولى للمجتمع.
نطالب بتغيير أمور و طريقة المجتمع في أمور لا نغيرها في أنفسنا حتى.
واعلم بأن التغيير عملية توافقية و ليست بالإكراه و بطئية في الأساس و أول مستوى في عملية التغيير هذا هو المستوى الفردي individual level فأبدأ بنفسك ثم بمن تعول لأنك لن تسأل يوم القيامة عن تغيير الكوكب و العالم و لكن ستسأل عن نفسك و أهلك .
” يا آيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا أهتديتم “.
راجع مواقفك مع نفسك و إذا وجدت أن التغيير واجب فغير نفسك أولا … و دع الخلق للخالق إنه بعباده خبير بصير .