ازمة لبنانالاحدث

قضية سلامة: قصة صلاحيات أم فساد مرجعيات؟ | بقلم د. طلال حمود

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

فاجأتنا الأخبار في الساعات الأخيرة بخبر مهم استبشرنا فيه خيرًا كثيرًا وقلنا اخيرًا فعلها قضاة لبنان وها هم السادة القضاة قد بدأوا قولًا وفعلًا أكبر وأوسع وأشمل حرب ضد الفساد المُتحكّم في لبنان منذ عشرات السنوات حتى الآن.

يقول القسم الأول من الخبر السارّ ان مُدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات طلب تحريك دعوى الحق العامّ ضدّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بجرائم الاختلاس.

الى هنا زقزقت قلوبنا ورقصت من الفرح وانتابنا شعور نشوة وإبتهاج لأننا لطالما انتظرنا من الريّس عويدات وغيره من كبار القضاة ان يتحرّكوا في هذا الملف وفي غيره من الملفات الساخنة التي اربكت كليًا الجسم القضائي في لبنان منذ زمن طويل واثقلت المشهد اللبناني المُلتهب على كل الجبهات وتحديدًا وبشكلٍ خطير منذ اكثر من ثلاث سنوات بعد انطلاق الحراك وبدء عملية الإنهيار المهول الذي ما زال ينتظر مرحلة الإرتطام الكبير التي يبشّر بها معظم لا بل كل الخبراء العارفين بخبايا الأمور.

بحيث ان تقاعس القضاء عن القيام بمهامه فاقم بشكلٍ كبير أزماتنا السياسية والإقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية والإجتماعية والصحية وساهم بشكلٍ واسع في قهر وتركيع الشعب اللبناني وتجويعه وإذلاله او في التسبّب في تشريده وتهجيره وإرغامه على ركوب مراكب الموت للهرب من الموت المحتوم في الشمال وفي كل منطقة من لبنان او ادّى الى إنتحار الكثيرين من الصبايا والشباب الذين وجدوا ان الموت افضل لهم من العيش في هذا الذل الكبير الذي اوصلتنا اليه عصابات اهل السلطة وحاكم المصرف المركزي وسياسات البهلوانية ومافيات اصحاب المصارف الذين عبثوا تعسّفًا وسرقوا صعودًا ونزولًا وعند كل مفترق!

الى هنا كنا قد اطلعنا على الشق الأول من شهادة ان “لا اله…” وكنا نتتظر ان تُستكمل بسياقها الطبيعي المنطقي الذي يقول “إلا الله”. ولكننا صعقنا عندما اكملنا الخبر الذي ورد فيه ايضًا ان القاضي عويدات احال الملف الى القاضي زياد ابو حيدر الذي رفض إستلامه متذرعًا بعدم إختصاصه بهكذا نوع من الجرائم (المالية) ومُشيرًا الى ان كل ما يتعلّق بهذه الجرائم هو من اختصاص النيابة العامة المالية وليس النيابية العامة الإستئنافية! وهذا كلام حقّ يُراد منه باطل لكي يتهرّب فقط من تحمّل مسؤولياته ولكي لا يُورّط مرجعياته بحسب ما يقول بعض العارفين بخفايا الأمور وكواليسها! فهل ان القاضي زياد ابو حيدر غير مختصّ حقًّا بتحريك دعوى الحق العام بكل الجرائم المالية البالغة الخطورة التي شارك بها رياض سلامة وشقيقه وخليلته ام انه لا يريد حمل عبء كرة النار هذه لعدم إحراج البعض!

لقد اخذنا علمًا بأنّ مدّعي عام التّمييز القاضي غسان عويدات وبعد إنتظار طويل طلب من النيابة العامة الاستئنافية تحريك دعوى الحقّ العام ضدّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بجرائم الاختلاس، ولكننا في المقابل اصابتنا غصّة كبيرة كادت ان تقضي علينا بنوبة قلبية حادة عندما علمنا ان القاضي زياد أبو حيدر رفض استلام الملف. وفي وقت سابق كنا قد علمنا ايضًا أنّ القاضي غسان عويدات تبلّغ استحضار دعوى مداعاة الدولة اللبنانية، المقُدّم بوجهه من رياض سلامة وشقيقه رجا.

وهنا وبشكلٍ بديهي نتساءل: لماذا يرفض الريّس زياد ابو حيدر وغيره من القضاة المحسوبين على المرجعية السياسية ذاتها إستلام الملف وما الذي يمنعهم من ذلك؟ وهل ان مرجعيتهم السياسية و/او الروحية مُتورّطة لا سمح الله وقدّر بتهريب اموال الى الخارج او الحصول على هدايا وعطايا وهبات معينة من رياض سلامة او بأمور الفساد وما الى ذلك؟ ولماذا كل هذا الإصرار خاصة من بعض رجال الدين الذين يحاضرون بالعفة والمظلومية والحرمان كل يوم في عظاتهم سواء بمناسبة ام من دون مناسبة؟

لا نستطيع ان نفهم لماذا تستميت هذه المرجعيات في الدفاع عن رياض سلامة أو شقيقه بهذا الشكل الذي يستفزّ مشاعر كل مواطن لبناني شريف خسر جنى العمر وكل ما ادّخره من اجل تقاعده والحلم والمستقبل؟! وهل هي قبضت ثمنًا كبيرًا لقاء هذا الموقف كما تشير بعض المعلومات الإعلامية شبه المُؤكدة التي اوحت بحصول هكذا صفقات مشبوهة طيلة الفترات الماضية والحالية لتأمين الغطاء لهذا الفاسد الأكبر وغيره ممن نهبوا خيرات البلاد وثرواتها؟ وكيف وبأي حق يحقّ لأية مرجعية (نؤكد على كلمة اية مرجعية دينية او سياسية) الدفاع عن فاسد مثل رياض سلامة فُتحت معه عدة ملفات قضائية ومطلوب التحقيق معه في لبنان وفي عدة دول اوروبية ومتهم بعمليات اختلاس وتبييض اموال وفساد واستغلال نفوذ وبالتالي المساهمة معه بتغطية اكبر جريمة مالية عرفها العصر الحديث ولبنان، وهي سرقة اموال المودعين التي تقدر بحوالي 110 مليار دولار وهدر حوالي 320 مليار دولار اميركي اخرى من خلال موازنات لم تُقرّ خلال ٣٠ سنة ماضية؟ فكيف يدخلون الكنائس و/او المساجد وهم يعبدون إلهًا كبيرًا (استغفر الله) اسمه “الدولار الأميركي الأخضر” وكيف سيقابلون ربهم يوم الحساب وكيف سيبررّون فعلتهم وماذا سيقولون للباري عزّ وجل عندما يسألهم لماذا انحزتم الى كبار اللصوص ومافيات اصحاب المصارف وكبار التجار وعبدتم الدولار وابتعدتم كل البعد عن الوقوف الى جانب الفقراء والمقهورين والمظلومين وما كان سبب ذلك؟

الدكتور طلال حمود

الدكتور طلال حمود - طبيب قلب وشرايين - مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود - دكتوراه دولة في الطب العام، جامعة "غرينويل" فرنسا سنة 1994، إختصاص أمراض القلب والشرايين من جامعة ومستشفيات "غرينويل" و "باريس" في فرنسا ، سنة 1997. - إجازة جامعية في العلوم البيولوجية وعلم الإحصاء من جامعـة "غرينويـل" فرنسا سنة 1996. - شهادات جامعية باختصاص أمراض القلب عند الرياضيين، عمليات التمييل والبالون، التصوير الصوتي للقلب والشرايين وشهادة جامعية في إختصاص القلب الاصطناعي من جامعة ومستشفيات "فرنسا". - دبلوم حول عمليات التمييل والبالون وآخر تقنيات توسيع الشرايين خلال سنتين في معهد طب القلب في "مونتريال" كندا من سنة 1998 حتى سنة 2000. - قام بعدة أبحاث حول أمراض القلب والشرايين عند المصابين بمرض السكري تقنيات توسيع الشرايين بالبالون والراسور، أدوية تخثر الدم، علاج الذبحة القلبية في مستشفيات "باريس" و "مونتريال". - عضو الجمعية الفرنسية والجمعية الكندية لأمراض القلب والشرايين. - عضو فعّالل في الجمعية اللبنانية لأمراض القلب والشرايين حيث قام بتنظيم عدة مؤتمرات وندوات طبية مُتخصّصة في بيروت والمناطق اللبنانية المُختلفة وعدّة ندوات أخرى حول الوقاية من أمراض القلب والشرايين وطرق علاج وأسباب وعوارض هذه الأمراض وقد كان عضو فاعل في الهيئة التنفيذية لهذه الجمعية لفترة اربع سنوات ( 2010-2014) حيث شارك بشكل نشيط جدا في كل النشاطات والمؤتمرات الوطنية والدولية التي نظمتها الجمعية في تلك الفنرة. - يعمل حالياً في عدة مستشفيات مهمة في بيروت والجنوب : مستشفيات : الساحل , رفيق الحريري الجامعي ,بهمن في بيروت , الراعي ومركز لبيب الطبي في صيدا, النجدة الشعبية في النبطية وعمل سابقا في مستشفيات الرسول الاعظم –مركز بيروت للقلب ، جبل لبنان، المشتشفى العسكري المركزي ( بيروت ) ، وفي مستشفى حمود - صيدا. -طبيب مُسجّل ومُعتمد في نقابة الأطباء الفرنسية ويعمل بشكل دائم في عدّة مستشفيات مرموقة في فرنسا بمعدل مرة كل شهرين تقريبا في السنة. - له عدّة مقالات في المجلات الطبية المُتخصصة العالمية حول مواضيع الأبحاث المُشار إليها وعدّة مقالات في الصحف والمجلات اللبنانية الغير مُتخصّصة حول واقع أمراض القلب والشرايين في لبنان وطرق علاجها والوقاية منها وقام بتأليف موسوعة شاملة عن امراض القلب والشرايين تحوي على اكثر من ١٣٧ فصل وتتناول كل ما بمكن ان نريد ان نعرفه عن امراض القلب والشرايين وهو بصدد نشرها عبر مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية. -مؤسس ورئيس جميعة عطاء بلا حدود وهي جمعية انسانية, صحية, اجتماعية, ثقافية, تربوية وبيئية تأسست سنة 2005 وتعمل منذ ذلك التاريخ على زرع ثقافة العطاء في المجتمع اللبناني وقامت حتى تاريخ اليوم بتنظيم عدة ايام صحية مجانية شملت اكثر من 70 مدينة وقرية لبنانية وكل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وقد قامت بعدة نشاطات تربوية وبيئية واجتماعية وثقافية متعددة. ولديها مركز رعاية صحية مجانية في الضاحية الجنوبية يؤمن الادوية المزمنة لأكثر من 500 عائلة لبنانية مع مساعدات كثيرة للأخوة النازحين السوريين. -مؤسس ورئيس ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وهو "ملتقى الوطني جامع وعابر للمناطق والأطياف والحدود" والذي كان لي شرف إطلاقه منذ حوالي سنة تحت وهو يضم عدد كبير من الوجوه السياسية والإعلامية والإنسانية والإقتصادية والاكاديمية والادبية ( وزراء حاليين وسابقين ، نواب مدراء عامون، اطباء ، اكاديميين رؤوساء جمعيات ورؤوساء بلديات من مختلف المناطق ، ناشطين في كل مجالات العمل الإنساني ) و التي اغنت كثيرا هذا الملتقى . وهو ملتقى يحاول ان يعمل فقط من اجل الوطن ، الإنسان والإنسانية عبر الإضاءة على كل المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية والصحية والبيئية والثقافية التى يعانى منها لبنان وامتنا العربية والتعاون فيما بيننا من اجل السعي المتواضع لوضع إقتراحات وخطط لحل البعض منها، وليس الغوص في التحاليل السياسية والغرق في مستنقعاتها العميقة الموحلة. ومن المواضيع التي تم التداول بها حتى اليوم : _ الحرية في الرأي والتعبير، مدى تأثيره _ حرية الاعلام ودوره وتأثيره على المجتمع _الثروة النفطية والغاز في لبنان _ قطاع التكنولوجيا وما يحتويه من سلبيات وإيجابيات _ الجرائم الالكترونية _الدين العام وسندات الخزينة الوضع المالي والاقتصادي في لبنان وتأثيراته للمستقبل -سبل مكافحة الفساد في لبنان - خطر وسائل التواصل الإجتماعي على التففك الاسري والإجتماعي - الحروب المائية في المنطقة العربية - اهمية الذكاء الاصطناعي في تطور الطب -تشجيع دور المرأة في الإنخراط في العمل السياسية. -السياسة الروسية في الشرق الاوسط - صفقة القرن وتداعياتها على لبنان -مشكلة النزوح السوري في لبنان ومخاطر التوطين _العلاج الجيني تقدمه ودوره في معالجة الامراض _المشاكل النفسية والانتحار _ ثقافة زراعة ووهب الاعضاء _ موقف الاديان من ذلك_ الاعضاء التي يمكن زرعها..... -قضية مكتومي القيد في لبنان وغيرها وغيرها من المواضيع المهمة التي لا نزال نتناولها بوتيرة موضوع كل ثلاث ايام منذ ستة اشهر تقريبا إضافي الى تنظيم لقاء في دار الندوة حول إيجابات وسلبيات قانون الانتخابات النيابية الجديد بمشاركة الوزيرين مروان شربل وشربل نحاس والاستاذين ربيع هبر ومحمد شمس الدين بحضور عدد كبير من المهتمين وعقدنا لعدة لقاءات تعارفية وتنسيقية بين اعضاء الملتقى وسعينا وتحضيرنا لعدة مؤتمرات وطنية مستقبلية مهمة وعابرة للمناطق والطوائف لأنها تهم كل اللبنانيين. وقد تشكلت هيئة إستشارية للملتقى تضم عدد من الشخصيات الروحية والسياسية والإعلامية والإقتصادية والتربوية والاكاديمية والإنسانية والإجتماعية والبيئية - حوالي ٢٥ شخصية مرموقة- كلها من المتطوعين المتحمسين لهذا العمل الوطني الجامع- وقد عقدت عدة لقاءات دورية وهي في حالة إنعقاد وتشاور دوري ودائم وقد اقرت ورقة عمل خلفية اولية او ميثاق شرف للملتقى سوف نعرضه عليكم لاحقا بعد الإنتهاء من تنقيح وتشذيب بعض نقاطة وخلاصته اننا نسعى لتكوين بوتقة ( لوبي ضاغط) وطنية جامعة عابرة للطوائف والأطياف والمناطق والزورايب اللبنانية ولاحقا العربية في سبيل تصحيح سير الأمور والسعي لمعالجة كل القضايا الوطنية الملحة وهي متشعبة ومعقدة وخطيرة وتهدد مصير هذا الوطن وإستمراريته مع تفشي ظاهرة الفساد والهدر والمحاصصة وإنعدام حس المسؤولية عند معظم حكام هذا الوطن وغياب اقل مقومات العيش الكريم للمواطن اللبناني والعربي من بنى تحتية اولية وطبابة وتعليم ومؤسسات عادلة ونزيهة تعطي لكل مواطن حقه ولأن الحالة اللبنانية تعم معظم بلادنا العربية التي تتخبط بكل انواع الازمات واخطرها واهمها الإرهاب والتكفير وفساد الطبقة الحاكمة وعدم شعورها وتحملها لآهات وآلام شعوبها. والملتقى ينشط اليوم ويضم حوالى ٨٥٠ شخصية نخبوية من كل الإختصاصات السياسية والإدارية والإقتصادية والمالية والأكاديمية والإجتماعية والإنسانية والفكرية والثقافية موزعة على خمسة مجموعات . وقد نظّم الملتقى حتى اليوم عدة مؤتمرات وندوات مالية وإقتصادية واخرى لها علاقة بسُبل مكافحة الفساد والإصلاح السياسي والإقتصادي والنقدي وآليات وكيفية الإصلاح الدستوري والإداري في لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى