الاحدثدولي

قمة جدة.. والخيارات الملتبسة | بقلم مسعود أحمد بيت سعيد

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

غادر الرئيس الأميركي جو بايدن منطقة الخليج العربي؛ بعد انتهاء قمة جدة للأمن والتنمية.. أفرغ خلالها ما في جعبته من أهداف استراتيجية؛ وقد استبقت زيارته ضجيجًا إعلاميًا كبيرًا ذهب بعضها إلى النهائيات. ويبقى السؤال: ما هي الأهداف التي تسعى أميركا لتحقيقها ولم تتحقق بعد، والتي تطلبت زيارة الرئيس الأميركي؟

موضوعيا.. ليس بمقدور المنطقة تلبية المطالب الأميركية الخيالية والتي قد تنعكس بشكل سلبي على الداخل؛ والزيارة في حد ذاتها توحي بعدم تفهم الإدارة الأميركية للارتدادات الاجتماعية في حال تنفيذ مطالبها التعجيزية القاسية.. ورغم غموض قمم الشرق الأوسط الأميركية التي تفتح أبواب الاجتهادات والاحتمالات؛ في ظل عدم وجود تقاليد تاريخية لصد الإملاءات الخارجية؛ فإنَّ فشل المهمة الأميركية يمكن اعتبارها حقيقة. ولسنا بصدد مناقشة البيان الختامي، ولكن من اللافت التركيز على قضيتين أساسيتين:

القضية الأولى: موضوع الإرهاب وحسنا فعل، ولكن ماذا عن الإرهاب الإسرائيلي والأميركي؟ ومن المعروف بأن الإدارة الأميركية تستنكف عن تعريف دولي للإرهاب، بينما لديها معاييرها الخاصة حيث تصدر سنويا قائمة سوداء تدرج ضمنها كل من يقف في وجه مشاريعها العدوانية على امتداد الكون: دولا وجماعات وأفرادا، وتستخدم الجماعات الإرهابية لتنفيذ أجندتها والذين هم بمثابة سلاحها النووي الفعال. ولا يمكن اعتبار من يدافع عن أرضه وعرضه إرهابيا بينما الغزاة والمستعمرون المحتلون دعاة الديمقراطية والحرية المزيفة، والتي وفق فلسفتهم ديمقراطية وحرية للقتل والتدمير والسلب والنهب واستعمار الشعوب واضطهادها.

القضية الثانية: موضوع البرنامج النووي الإيراني؛ ولا شك أن إبقاء المنطقة خالية من الأسلحة الكيماوية والنووية مطلب مشروع، ولكن: لماذا الاستنفار من مشروع نووي إسلامي لأغراض سلمية، بينما لا يتم التطرق إلى الترسانة النووية الإسرائيلية؟ وأن تراجع دور ومكانة الولايات المتحدة لم يعد قابلًا للجدل؛ وهي الآن أكثر حاجة للطاقة والممرات الآمنة، ولا تستطيع الاحتفاظ بموقعها كقوة عالمية كبرى في العقد القادم خارج الهيمنة على منطقة الشرق الاوسط التي تمدها بكل أسباب القوة والاستمرارية، وهو ما اعتبره الرئيس الأميركي شريان العالم.

بينما جزء كبير من الرسميات العربية لا ترى التحولات الدولية وتصدع النظام العالمي الرأسمالي والذي يفتح أبواب الأمل لكل شعوب الأرض في تحقيق الحد الأدنى من الاستقلالية؛ وكان من الأجدى بحث التكامل العربي وأمنه القومي اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وعسكريا؛ حيث الموارد والطاقات البشرية والدراسات العلمية متوفرة. وانحرف بوصلة الصراع واختلاق أعداء وهميين كان ولا يزال محور الرؤية الأميركية؛ في تجاهل دور الكيان الصهيوني في تهديد أمن المنطقة واستقرارها. والصراع بين الشعب العربي وأعدائه الإمبريالية والصهيونية؛ قائم قبل وبعد قيام الثورة الإسلامية، والتي أضافت بكل تأكيد عنصر القوة لقضية التحرر من الوجود الأجنبي؛ والذي استفز حلفاء الشاه الإقليميبن والدوليين الذين يتهمونها بزعزعة الاستقرار والتدخل في شؤونهم الداخلية.

ومهما كانت التباينات، يبقى العدو الصهيوني الذي يحتل فلسطين وأجزاءً أخرى من الأرض العربية هو المهدِّد للأمن القومي كله، ولا يستطيع أحد إقناع الشعوب بعكس ذلك.. ومهما كان دور القوى المناهضة للهيمنة الإمبريالية على الصعيد الإقليمي والدولي، تبقى هزيمة المشروع الإمبريالي الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط غير ممكنه إلا بالجماهير العربية التي تقع عليها مهمة وضع حد للعربدة الأميركية والصهيونية.

وإذا كانت الغاية الاستراتيجية الأميركية تتحدَّد بثلاث نقاط جوهرية: تأمين النفط من المنابع للمصبات، وحماية الكيان الصهيونى، وإبقاء المنطقة سوقا استهلاكيا للبضائع الغربية، فإنَّ المستجدات الدولية الراهنة تتطلب إدغام الكيان الصهيوني في المنطقة قسرا حتى تطمئن على وجوده الدائم؛ وهو المعيار الأساسي الذي من خلاله يقاس نجاح أو فشل السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط في هذه المرحلة، وحتى تتمكن أيضًا من التفرغ لمواجهة الصين وروسيا في مناطق أخرى من العالم.

مسعود أحمد بيت سعيد، محام وكاتب

مسعود احمد بيت سعيد، محام وكاتب عماني من ظفار. يكتب في جريدة القبس الكويتية وكان له مقال أسبوعي حتى وقت قريب، وكذلك في جريدة الديمقراطي الكويتية ويكتب أيضا في جريدة الرؤية العمانية ونشر بعض المقالات في صحيفة الوطن العمانية وجريدة الجريدة الكويتية وله أيضا سلسلة مقالات في جريدة اليوم الثامن اليمنية كما نشر في مجلة المراقب اللبنانية بشكل غير منتظم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى