يبدو أننا سنشهد قريبًا حفلة التوقيع على الإتفاق النووي بين الولايات المتحدة وطهران، فقد صرح وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، في لقاء مع رئيس زنجبار حسين موفيني ، بأن الحكومة الجديدة بذلت الكثير من الجهود لرفع الحظر عن إيران ، ونحن نمر بالمراحل النهائية للعمل. أعتقد أنه قابل للحل في حال تعامل الامريكيين بواقعية.
وبالرغم من الضربات العسكرية المتتالية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأميركية في الشمال السوري ضد مواقع ادعت انها للحرس الثوري الإيراني إلا أن صحيفة نيويورك تايمز كشفت النقاب عن رسالة خاصة بعثتها ادارة بايدن الى ايران عبر قنوات خاصة تقول فيها “الولايات المتحدة لیست بصدد التصعید ضد إيران في المنطقة على خلفية الهجوم الاخير على سوريا وانما تسعی فقط لحفظ مصالحه”.
رسالة الرئيس الأمريكي هذه جاءت بعد أن ادعى بايدن أنه مستعد لإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى المنطقة إذا لزم الأمر. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها أن الهجمات الأخيرة على المراكز الأمريكية في سوريا کانت أكثر تعقيدًا من الماضي ، وان القادة الأمريكيون کانوا قلقین من استمرار هذه الهجمات التی تستهدف قواتهم (فی سوریا والعراق) .
يبدو أن رسالة بايدن التطمينية جاءت كي تخفف حالة التوتر التي سادت بعد الإعلان عن هذه الضربات. مما يعني أن الأمور على مستوى المفاوضات النووية ما زالت بأفضل حالاتها.
وعلقت الكاتبة كلوديا تيني( نيوزويك) “ان الاتفاق المزمع توقيعه بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران أسوأ من الاتفاق النووي الأول، وأشارت إلى أن التقارير الصادرة من فيينا تفيد بأن صفقة جديدة قد تكون وشيكة، وأنها أسوأ حتى من الصفقة الأصلية التي تفاوض بشأنها المفاوض الأميركي روبرت مالي من قبل”. وأضافت أن إدارة بايدن لا ترغب في أن يعرف الشعب الأميركي أن النظام في طهران يمكن أن يحصل على تخفيف هائل للعقوبات ربما يصل إلى 90 مليار دولار مقابل الحد الأدنى من التنازلات.
كما يُزعم أن الولايات المتحدة تخطط لتسليم ما يقرب من 7 مليارات دولار كفدية للإفراج عن 4 رهائن أميركيين محتجزين في إيران”.
أما عن الجانب الإيراني فقد أعلن جلیل رحیمی جهانآبادی عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان: الاتفاق یعلن في غضون أسبوع إلى 10 أيام ، وأضاف أن “الاتفاق یكاد یكون بمثابة إحياء للاتفاق السابق ؛ فلا داعي لمراجعته في البرلمان. فمعظم النواب على دراية بالمناقشات العامة والمسودات التي أثيرت في محادثات إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة ويعرفون ما هو الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه وما هي الالتزامات التي سيقبلها الطرفان. وعلی الارجح التوقيع على الاتفاق في غضون أسبوع إلى 10 أيام.
ومما جاء عبر المصادر الإيرانية المواكبة لعملية المفاوضات تسريبات حول بنود الاتفاق على النحو الآتي:
• الغاء الحظر عن 17 مصرفا.
• دفع تعويضات لإيران في حالة انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة ، وهو علی الأكثر بند رمزي من بنود الاتفاق النهائي.
• في اليوم الأول سيلغي الرئيس بايدن ثلاثة أوامر تنفيذية لترامب .
• امکانیة بيع 50 مليون برميل من النفط المخزن خلال أول 120 يومًا ولاحقًا ستصل یومیا ما إلى 2.5 مليون برميل بالاضافة الی الغاز السائل .
• إلغاء الحظر عن 150 مؤسسة بما في ذلك المقر التنفيذي وذلك على عدة مراحل.
• تحرير 7 مليارات دولار من اصول ایران المجمدة في كوريا الجنوبية على الفور مع بدء عملية إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة.
وبحسب الجانب الأميركي فتقول المصادر أن هناك 4 ملفات عالقة 3 منها ساخنة :
* الحرس الثوري وسحبه من لائحة الارهاب الامريكية .
* ملف PMD العالق بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية حول اتهامات الوكالة لايران بانها مارست انشطة نووية عسكرية مشبوهة في ثلاث مواقع لم تعلن عنها بعد.
* ايران مازالت متمسكة بخطوطها الحمراء ومطالبتها بالغاء كامل للحظر .
* تطالب طهران باتفاق عادل ونافع وتريد ضمانات اساسية داخلية من واشنطن في المقابل الجانب الامريكي عاجز عن تنفيذ هذا الشرط في ظل المنافسة المستعرة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر القادم.
وهنا يقول نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية أندريا ستريكر حول هذه النقاط، ستحقق إيران دخلًا قدره 275 مليار دولار في العام الأول ، وسيزداد هذا المبلغ إلى تريليون دولار بنهاية عام 2030. وانتقد استحواذ إيران على هذه الأصول ، وادعى أن إيران ستصبح قوة “لا يمكن إيقافها” بحلول عام 2030 إذا حاولت الحصول على أسلحة نووية.
وفق المعطيات وتحليلات الصحافة الغربية يبدو أن إيران هي الرابح الأكبر فيما لو تم توقيع الإتفاق، لإن إيران ليس لديها ما تخسره خاصة وانها اعتادت على العقوبات الظالمة بحقها واستطاعت أن تتكيف على مدى 40 عامًا مع هذا الحصار الظالم، بل ستستمر بحسب مخططاتها لتطوير برنامجها النووي وزيادة تمسكها مع حلفاءها روسيا والصين وغيرهم.
وأما الخاسر الأكبر سيكون “الكيان الصهيوني” والذي ما زال يحاول عبر وسطاءه في العالم ومن خلال اللوبي الصهيوني في أميركا لتفشيل العملية، وإقناع العالم بتوجيه ضربة عسكرية لتعطيل برامج إيران كافة وليس النووي فقط، وهذا ما لم تستطع القيام به طيلة الفترة الماضية. فالمعلومات تشير الى امتناع الرئيس الأميركي جو بايدن عن استقبال “مكالمة طارئة” من رئيس حكومة الاحتلال الصهيونية يائير لبيد، في حين امتنع وزير الحرب الأميركي لويد أوستن هو الآخر عن لقاء نظيره الصهيوني بيني غانتس.
وذكر تقرير للقناة 13 الاسرائيلية الليلة الماضية أن واشنطن ردت على طلب “تل أبيب” إجراء محادثة هاتفية “طارئة” بين لبيد وبايدن بأن “الرئيس الأميركي في عطلة”، مشيرة إلى أن مجلس الأمن القومي الصهيوني يعمل على ترتيب مكالمة هاتفية بين الاثنين منذ أيام.
ونقلت القناة عن مسؤولين في الحكومة الصهيونية وصفتهم بـ”رفيعي المستوى” قولهم: إن التقديرات في مكتب رئيس الوزراء هو أن المحادثة بين بايدن ولبيد ستتم في نهاية المطاف، ولم يستبعدوا أن يحصل ذلك “في المستقبل القريب”.
وأشارت القناة الصهيونية إلى أن وزير حرب الاحتلال غادر الليلة الماضية إلى الولايات المتحدة، للقاء نظيره الأميركي، لويد أوستن، إلا أنها أكدت في الوقت نفسه أنه ليس من المتوقع أن يحصل هذا اللقاء، إذ إن وزير الحرب الأميركي أبلغ “تل أبيب” أنه “يتواجد حاليًا خارج واشنطن”، مُستخدمًا نفس ذريعة بايدن هو الآخر.
الأيام القليلة القادمة كفيلة بتوضيح الصورة، وأغلب الظن بأن الإتفاق سيوقع قريبًا لما فيه من مصلحة لـ الرئيس الاميركي جو بايدن وحاجته الى انجاز “تاريخي”، قبل موعد الانتخابات القادمة.
المصادر: نيوزويك، مهر الإيرانية، وسبوتنيك الروسية.