رسالة الصمود اللبناني | بقلم زهير عساف
رسالة الصمود اللبناني:
في قلب هذا الوطن، تتجلى أسطورة إنسانية لا تمحوها السنون ولا تهزمها آلات الدمار. إنها أسطورة صمود الشعب اللبناني، الذي بات أيقونةً في وجه كل من يحاول النيل من إرادة الحياة فيه. هنا، لا تُقاس القوة بعدد الجيوش ولا تُحسم المعارك بمقدار الأسلحة، بل بحجم الإرادة المشتعلة في صدور الناس، تلك الإرادة التي تعجز أعتى آلات الدمار عن قهرها.
لقد واجه هذا الشعب الحروب بعزيمة أدهشت العالم، وكأن كل فرد فيه يحمل في قلبه قوة الجبال ورقة الورد، ليجمع بين الصلابة والحنين. حين يتساقط الركام، يبني اللبنانيون من أنقاضه جسوراً تصلهم بالسماء، وحين يشتد الظلام، يشعلون شموع الأمل في كل زاوية. إنهم يحوّلون الألم إلى أغاني، والجروح إلى دروس، والدموع إلى أنهار تسقي بذور المستقبل.
الصمود هنا لا يقتصر على التحمل، بل يتعداه ليصبح رمزاً للحياة نفسها، حياة ترفض أن تُقهر، وتواصل السير رغم الأشواك التي تعترض طريقها. إنها حياة تُعاش بكرامة، وتُسطر فيها ملحمة من الشجاعة، حيث ينهض الشعب في كل مرة كما ينهض طائر الفينيق من بين الرماد، متجددًا أكثر قوةً وإصرارًا على الحياة.
هذه الأسطورة ليست حكاية تروى، بل حقيقة تُعاش؛ حقيقة تروي كيف أن شعبًا صغيرًا في المساحة عظيمًا في الروح، يقف في وجه الموت، ويعيد صياغة الحياة بأيدٍ لا تعرف الاستسلام. إن صمود اللبنانيين هو رسالة للعالم أجمع، بأن إرادة الحياة أقوى من أي دمار، وأن الشعب الذي يزرع الياسمين في شقوق الجدران، ويغني للأمل وسط القصف، هو شعب تعجز كل قوى الظلام عن انتزاع حريته، أو إخماد نوره.
هنا، يكتب اللبنانيون أسطورتهم بأحرف من نور، يرددون للعالم أن الصمود ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو فعل يُمارس، وحياة تُعاش، وأرض تُحب. إنهم شعبٌ تعجز آلة الدمار عن قهره، لأن إرادة الحياة في نفوسهم هي الأسطورة الحقيقية التي لا تموت.