العراق: هل تدفع المظاهرات الى الرشد السياسي !!؟
إنَّ المظاهرات او الاحتجاجات حالة صحية لا سيما عند الشعوب الحية فهي تدفع بالسياسين الى التفكير والمراجعة ، فالحكومات بحاجة الى معارضة حقيقية تجعلها تحسب خطواتها واجراءاتها فالمعارض رقيب وينتظر الزلات والخطايا
وهذا هو حال الديمقراطيات في العالم .
وعندما لايجدي البرلمان بما فيه من ممثلين للشعب نفعا ولا يستطيع ايصال صوت الجماهير يلجأ الناس للنزول الى الشارع للاحتجاج
واخطر ما في الامر ان تستلم الحكومة لروح المؤامرة وتشعر ان كل معارض اما عميل او مدسوس او خائن وان كل معارضة او احتجاج بفعل مؤامرة خارجية ينفذها عملاء لهذه الدولة او تلك !
لق سمح النظام السياسي في العراق بالتعددية الحزبية وسمح لكل مواطن ان يعبر عن رايه بكل حرية وصراحة ، ولم يكن في العراق حتى هذا العام سجين راي !!!.
وأدمنت الناسُ سب الحكومة منذ اول انتخاب لها وحتى يومنا هذا وتتلذ بذلك الفضائيات التي تنتقي مشاهديها الناقمين على اجراء وظيفي هنا او روتين هناك لتكيل الشتائم لرئيس الحكومة لاغيره ..
وباتت المظاهرات ديدن العراقيين في اشهر الصيف وكانت فورة التظاهرات تنتهي بتسوية سياسية لانَّ محركي التظاهرات جلهم من احزاب مشاركة في الحكومة و اعضاؤها وزراء فاعلون في الحكومة وقواعدهم معارضون ناقمون على الخدمات والاجراءات الحكومية ..
فكان من الممكن لمظاهرات الاول من تشرين لهذا العام ان تكون كسابقاتها مطلبية وكان من الممكن للحكومة ان تحتوي العناصر ” المخربة او المندسة ” الموجودة في كل مظاهرة والتي قد تكون خضعت لمؤثراتٍ خارجية.
ولكن سوء الادارة ادى الى تفاقم الاوضاع واراد فريق داخل السلطة ان يقضي على المتظاهرين ظنا منه انهم اخر خلايا الدول المعادية وبذلك تنتهي قواعده داخل العراق وانها المعركة المصيرية الفاصلة ، وهو الخطأ الستراتيجي الكبير الذي كاد ان يؤدي الى انهيار النظام السياسي الديمقراطي برمته ..
وكما هو معروف هذا النظام مازال هشا ومازال اللاعبون الخارجيون لهم تاثيراتهم الكبيرة عليه ولان الاحزاب وقادتها لم يصلوا بعد الى مرحلة امتلاك الارادة الوطنية ولاالرشد السياسي المطلوب .
كما ان قانون الاحزاب لم يحسم بعد وان تمويل الاحزاب وعلاقاتها الخارجية مازال امرا مباحا وكانه حالة طبيعية .
ولعل التظاهرات التي انطلقت في الثاني من تشرين الاول تكون هزة وطنية تدفع بالقادة السياسين الى المراجعة وتغليب مصالح الوطن والمواطن على اي مصلحة اخرى
فلايمكن للمواطن ان يصل الى مرحلة من الوعي يسبق فيها السياسي من ناحية الشعارات او من ناحية الاداء ..
كانت اللعبة الانتخابية في الماضي تدفع بالسياسي الى ركوب اي موجة ويطالب بامور لايمكن ان تتحقق او يكون هو جزء من المشكلة .. ولكن الامور هذه المرة تختلف فركوب الموجة ان جاز التعبير بحاجة الى منهاج عمل وتبني حقيقي لمشروع سياسي وطني يلبي طموح هذه الجماهير او لنقل الغالبية من ابناء الشعب العراقي التي سئمت ان يكون السياسي وحزبه ممثلا لمصالح الاخرين على مصلحة وطنه فهل سيصل السياسيون الى هذا المستوى من الرشد الذي نعتبره بداية لاعادة العراق الى أهله.