
لا،ليس الكلام عن هندسات مالية ومصرفية .
كما شجر الزيتون بحاجة لتقليم أغصانه الزائفة كذلك علاقات المرء بمحيطه بحاجة موسمية للتقليم وللتشذيب و لإعادة الهندسة الاجتماعية.
حاجتنا أشد للهندسة الإجتماعية من أية هندسة اقتصادية او مالية أو سياسية أخرى.
الشرط الأول للهندسة الإجتماعية للمرء هو الانتباه والاحترام لعلاقات الضرورة العائلية والمهنية والسكنية فمن تمكن من هندسة علاقات الضرورة ما استطاع لذلك سبيلاً قطع شوطاً بعيداً في هدوء البال.
الإبتعاد الهادىء عن مسببي الصداع الاجتماعي خطوة ذهبية نحو قداسة العزلة والتقوقع.
نحن بحاجة لإعادة الاعتبار لقداسة الوحدة إلا أن أزمة قداسة العزلة أنها الباب الخلفي لبدايات الجنون.
كلما أيقنت أن حاجاتك ملّحة ومتكررة للهندسة الاجتماعية ولقداسة العزلة إعلم انّك إنّما تثبت وضع قدميك على قاعدة جنونك.
كلما نضجت تأكدت أكثر أن إمكانية التفاهم مع الآخر أصبحت أضعف ليس لأنّ الآخر سيء بالضرورة وليس لأنّك انت غدوت لا تُطاق ،لا،إنّما لأنّ امكانيات الصبر والتكيّف والمسايرة والمداراة والتحمّل ما عادت بجودتها ومتانتها السابقتين .
حتى انّك بحاجة ماسّة لإعادة هندسة إيمانك.
تَعب الجهاز العصبي ما عاد قادراً على مراعاة توترات الجهاز النفسي ،صار التناغم العصبي-النفسي أصعب،صارت إمكانيات التناسق بين توترات الافكار والأحاسيس والرغبات والمشاعر والخيبات مع قدرات الانسجام البيولوجي-العصبي مهمات شبه مستحيلة.
تصلّبت الشرايين وتمردت على مهمة تروية تربة جسمك بالدم.
احتجاج خفيّ.
انتحار جسم بلا علم الروح.
تآمر النفس على الجسم.
آخر محاولات صمود الجسم قبل أن يتحول لجسد ثم لجيفة.
ربما هو بدء انتهاء صلاحية جسم ونفس .
الروح آخر من يعلم بالمؤامرة الذاتية.
ربما هو تشبّع نفس بالهزائم والويلات .
أيّا تكن الأسباب فإنّ الهندسات الإجتماعية والهندسات النفسية للمرء مهمّات ضرورية لصمود المرء المنهك لتجنب الانهيار والسقوط في فخ أمراض ارتفاع ضغط الدم و ضعف جهاز المناعة ما يؤدي لارتفاع احتمالات السرطان والذبحات القلبية.
لا يشككن احدٌ ولا يستهترن أحد بقوة التوتر والقهر والكبت و الصمت عن الاذيّة والصمود في العيش مع اناس يسببن الاضطراب والقلق والحزن.
الانسحاب المهذّب أسلم.
قداسة الوحدة أضمن.
الهندسة الإجتماعية أفضل.
الهندسة النفسية باب نجاة .
من هنا ومن تحت شجرة تين محررة في حاروف وجالسا على تنكة تاترا صدئة ومطعوجة أحاول الجمع بين الهندسة والطب النفسي وعلوم الإجتماع والغيب لعلّي أنجو.
ولن أنجو لأني تأخرت بضمّ الهندسة الزراعية والهندسة الرياضية والهندسة الما ورائية من أجل ربيع مزهر وتماما كما اقلّم وحيداً شجر الزيتون في فصل الشتاء سأحاول إعادة هندسة ذاتي .
إلا أني أعلم أني لن أنجو.
تأخرت جداً في التعرّف على نفسي.
ظننت أني أعرفها.
وجدت أننا لطالما كنّا غرباء.
أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم.
والله أعلم.