إقتصادالاحدث

 تحليل السيناريوهات المحتملة للمفاوضات الأميركية الإيرانية

المفاوضات الأميركية الإيرانية، التي بدأت في مارس 2025 في عمان واستمرت عبر جولات في أبريل 2025، تركز بشكل أساسي على برنامج إيران النووي، مع قضايا إضافية مثل الصواريخ الباليستية والعقوبات الاقتصادية. فيما يلي تحليل للسيناريوهات المحتملة وتأثيراتها الإيجابية والسلبية على الولايات المتحدة، إيران، الأطراف الإقليمية، والدول المتأثرة (مع افتراض أن “الدولة المتأثرة” تشير إلى دول المنطقة الأوسع أو الاقتصادات العالمية المتأثرة بالتوترات).

السيناريوهات المحتملة
1. التوصل إلى اتفاق نووي جديد
الوصف: اتفاق يحد من برنامج إيران النووي (مثل تقليص إثراء اليورانيوم إلى مستويات مدنية) مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران. قد يشمل أيضًا بندًا حول الصواريخ الباليستية أو دعم الميليشيات.
الاحتمالية: مرتفعة نسبيًا، نظرًا لوصف الجولة الأولى بأنها “بناءة” (CNN, 11 أبريل 2025) ووجود وساطة عمانية فعّالة.

التأثيرات
الولايات المتحدة:
إيجابيات: تعزيز الأمن القومي بتقييد قدرات إيران النووية، تجنب التصعيد العسكري، ودعم سياسة دبلوماسية تتماشى مع مصالح ترامب بتجنب الحروب الطويلة.
سلبيات: معارضة داخلية محتملة من الكونغرس أو الجمهوريين المتشددين إذا اعتبر الاتفاق “ضعيفًا”، خاصة إذا لم يشمل الصواريخ أو الميليشيات.

إيران:
إيجابيات: تخفيف العقوبات يعزز الاقتصاد، مما يخفف الضغط الداخلي ويعيد دمج إيران في الأسواق العالمية.
سلبيات: معارضة من المتشددين داخل إيران الذين قد يرون التنازلات كتفريط بالسيادة.

الأطراف الإقليمية:
إيجابيات: تقليل التوترات يفيد دولًا مثل العراق ولبنان وسوريا، حيث تقل أنشطة الميليشيات المرتبطة بإيران. دول الخليج (مثل قطر وعمان) قد ترحب بالاستقرار.
سلبيات: إسرائيل قد تعارض الاتفاق وتدعو للتصعيد، معتبرة أن إيران لا تزال تهديدًا. السعودية قد تشعر بالقلق من تعزيز نفوذ إيران اقتصاديًا.

الدولة المتأثرة (المنطقة/العالم):
إيجابيات: استقرار أسواق النفط العالمية، حيث يمكن أن تعود صادرات إيران، مما يخفض الأسعار. الاقتصادات الآسيوية (مثل الصين والهند) تستفيد من إمدادات نفطية مستقرة.
سلبيات: الدول المعتمدة على تصدير الأسلحة (مثل الولايات المتحدة) قد تخسر فرص مبيعات إذا انخفض التوتر.

2. فشل المفاوضات والتصعيد العسكري
الوصف: انهيار المفاوضات يؤدي إلى ضربات عسكرية أميركية أو إسرائيلية على منشآت إيران النووية، خاصة مع تهديدات ترامب باستخدام “القوة العسكرية” (CFR, Renewed U.S.-Iran Negotiations).
الاحتمالية: متوسطة، حيث يفضل ترامب تجنب الحروب، لكن ضغط إسرائيل قد يدفع للتصعيد.

التأثيرات
الولايات المتحدة:
إيجابيات: تأخير البرنامج النووي الإيراني مؤقتًا، تعزيز العلاقات مع إسرائيل والسعودية.
سلبيات: تورط محتمل في حرب طويلة الأمد، مما يكلف مليارات الدولارات ويتناقض مع شعار ترامب “أميركا أولًا”. ردود فعل عالمية سلبية قد تضعف الموقف الدبلوماسي.

إيران:
إيجابيات: تعزيز الوحدة الداخلية ضد “العدو الخارجي”، مما يقوي النظام مؤقتًا.
سلبيات: دمار المنشآت النووية، عقوبات إضافية، ورد عسكري محتمل عبر ميليشياتها يوسع الصراع.
الأطراف الإقليمية:
إيجابيات: إسرائيل والسعودية قد تريان الضربات كحد من نفوذ إيران.
سلبيات: تصعيد إقليمي يضر بدول مثل العراق ولبنان، حيث قد تنشط الميليشيات. اضطرابات في مضيق هرمز تهدد إمدادات النفط.

الدولة المتأثرة (المنطقة/العالم):
إيجابيات: لا توجد فوائد ملموسة.
سلبيات: ارتفاع أسعار النفط يضر بالاقتصادات العالمية. أزمات لاجئين محتملة وتصاعد الإرهاب يؤثران على أوروبا والمنطقة.
3. وضع الجمود (لا اتفاق ولا حرب)
الوصف: المفاوضات تتعثر دون انهيار كامل، مما يحافظ على الوضع الراهن مع استمرار العقوبات والتوترات.
الاحتمالية: مرتفعة إذا لم يتفق الطرفان على تنازلات متبادلة.

التأثيرات
الولايات المتحدة:
إيجابيات: تجنب الحرب المكلفة، استمرار الضغط على إيران عبر العقوبات.
سلبيات: فشل في احتواء البرنامج النووي، مما يضعف المصداقية الإقليمية.
إيران:
إيجابيات: استمرار البرنامج النووي، تعزيز العلاقات مع روسيا والصين.
سلبيات: استمرار العقوبات يفاقم الأزمة الاقتصادية، مما يزيد من الاضطرابات الداخلية.

الأطراف الإقليمية:
إيجابيات: تجنب الحرب يحافظ على استقرار نسبي لبعض الدول (مثل قطر).
سلبيات: استمرار التوترات يغذي الصراعات بالوكالة في اليمن وسوريا والعراق.
الدولة المتأثرة (المنطقة/العالم):
إيجابيات: استقرار مؤقت في أسواق الطاقة.
سلبيات: عدم اليقين يحد من الاستثمارات في المنطقة، مما يؤثر على الاقتصادات العالمية.

 الديناميكيات الداخلية:
في الولايات المتحدة، يواجه ترامب ضغوطًا من الجمهوريين لاتخاذ موقف صلب.
في إيران، يحتاج النظام إلى تخفيف العقوبات لتهدئة الاحتجاجات الداخلية.

الأطراف الإقليمية:
إسرائيل تدفع للتصعيد العسكري (CFR)، بينما دول الخليج تفضل الاستقرار.
القوى الدولية:
روسيا والصين تدعمان إيران اقتصاديًا وسياسيًا، مما يعزز موقفها في المفاوضات.
أوروبا ترغب في اتفاق لضمان استقرار أسواق الطاقة.

الخلاصة
السيناريو الأرجح: التوصل إلى اتفاق نووي جديد، نظرًا للمصالح المشتركة في تجنب الحرب وتخفيف الضغوط الاقتصادية.
التأثيرات العامة: الاتفاق سيفيد الاستقرار الإقليمي والاقتصاد العالمي، لكنه سيواجه تحديات من معارضة داخلية وإقليمية (خاصة إسرائيل). الفشل قد يؤدي إلى تصعيد كارثي، بينما الجمود سيطيل التوترات دون حل.
توصية للمتابعة: مراقبة جولة 19 أبريل 2025، حيث ستحدد مدى جدية الطرفين في التوصل إلى حل.

المصادر:
CNN: US-Iran negotiators hold ‘constructive’ nuclear talks
CFR: Renewed U.S.-Iran Negotiations
Al Jazeera: US wants to negotiate with Iran

مركز السياسات والاستشراف المعرفي (مسام)

مركز السياسات والاستشراف المعرفي (مسام) هو وحدة بحثية تابعة لموقع "الملف الاستراتيجي"، تُعنى برصد وتحليل السياسات العامة، وتحولات الشركات الكبرى، والديناميات الجيوسياسية التي تسهم في إعادة تشكيل العلاقات الدولية والبُنى المؤسسية والاجتماعية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. ينطلق المركز من منظور استشرافي علمي يهدف إلى تجاوز التحليلات الظرفية، من خلال تتبّع الأنماط الكبرى في السياسات والتحولات المعرفية، وفهم التفاعلات المعقدة بين الدول، والشركات العابرة للحدود، والمجتمع المدني، والمنصات الرقمية. يركز المركز بشكل خاص على دراسة السياسات الوطنية في دول الشرق الأوسط، وتحليل استراتيجياتها في مجالات الحوكمة، وإعادة التموضع الإقليمي، والتفاعل مع التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية العالمية. كما يعالج المركز القضايا المتصلة بمستقبل السيادة الرقمية والمعرفة، ودور الفاعلين غير التقليديين في التأثير على صنع القرار وتشكيل الفضاء العام. يعتمد المركز في إنتاجه المعرفي على مقاربة تحليلية حيادية تلتزم بالصرامة المنهجية والموضوعية، بعيدًا عن التحيزات السياسية أو الإيديولوجية، ويسعى إلى تقديم فهم مركب ومسؤول للتحولات الراهنة، بما يخدم الباحثين وصنّاع السياسات والمشتغلين في حقل التفكير الاستراتيجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى