
إن جميع القطاعات معنيّة اليوم بالتكنولوجيات الحديثة التي حوّلت البيانات إلى “نفط جديد”، والذكاء الاصطناعي إلى كهرباء، من نوع آخر، تضيء قطاع التربية، والتعليم، والأبحاث، والإدارة، والصحة، وأنواع العمل كافة.
إن مراقبة تطوّر التكنولوجيا الحديثة يرشد المراقب إلى أهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في المجتمع. فجميع المراقبين يتكلمون عن توقعات تطورّه بالمليارات بالرغم من بعض التحفظات على مخاطره وضرورة التبحر في الجوانب الأخلاقية والاجتماعية ذات الصلة.
تطوّر سوق الذكاء الاصطناعي
على سبيل المثال، يشير موقع Statista المتخصص في الإحصاءات الدولية إلى أن “الاستثمارات تتضاعف في كل مكان في هذا القطاع الواعد، الذي من المتوقع أن يصل حجم مبيعاته إلى عشرات المليارات بحلول عام 2030”.
وبحسب آخر دراسة لمنصة كورسيرا، التي نشرت مع بداية هذا الشهر(أيار 2025)، فإن 99% من أصحاب العمل في البرازيل، والتي تمثل أعلى معدل عبر البلدان التي تم تسليط الضوء عليها، و 93% في الولايات المتحدة الأميركيّة و 73% في بريطانيا، يعتقدون بوجوب تدريس كفايات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الجامعات والكليات الجامعية.
الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) المعروف بـــ(GenAI) هو الذكاء الاصطناعي المولد للنصوص أصبح من ضروريات العمل اليوم عالمياً.
في إعلان الإطار الوطني للمؤهلات الرقمية في كندا، في نيسان 2019، ركّزت الحكومة الكنديّة على أهميّة الذكاء الاصطناعي لكل مواطن كندي في اكتساب الكفاية التكنولوجية.
لم يأتِ صدفة، إعلان الرئيس الأميركي ترامب منذ ثلاثة أشهر، عن مشروع ستارغيت واستثمار 500 مليار دولار في بناء مراكز بيانات متطورة، خطوة تؤكد أهمية الذكاء الاصطناعي في المجتمعات كافة.
إعلان شركة ميتا عزمها في استثمار 65 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي عام 2025.
إعلان إيلون ماسك عن وضع 10 مليارات روبوت بهيئة بشرية بحلول 2040 يبشّر بتطور هذا المجال من مجالات الذكاء الاصطناعي بشكل واضح.
ولا يجب أن ننسى أسبوع دبي الذي نظّم نهاية الشهر الماضي، والإعلان عن أن الذكاء الاصطناعي سيسهم بنحو 64 مليار دولار في اقتصاد دبي بحلول 2030.
الجميع يعيش مرحلة انتقالية واعدة بالرغم من المخاوف والمخاطر. وهذا ما يجعلني أشجع مؤسسات التعليم العالي في لبناننا الحبيب على الآتي:
أولاً: التعاون معاً، فيما بينها من أجل خلق فرص للمبتكرين والرياديين بالرغم من التحديات،
ثانياً: تجديد المناهج بإدخال كفايات الذكاء الاصطناعي قدر المستطاع: من اكتشاف أساسيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، إلى الأساليب التربوية التي يحملها معه، دون أن ننسى أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، فإذا كانت شبكات المافيا تعيد اختراع نفسها مستخدمة تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي فكم بالأحرى على مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي أن تعمل بجدية لمواكبة تطوّره المتسارع.
ثالثاً: الانتباه ونشر ثقافة النقد العلمي لكل من البيانات التي نحصل عليها وصحتها ودقتها، لأن صناعات الذكاء الاصطناعي بدأت تغمر العلوم بدراسات عديمة الفائدة، وسط انفجار المنشورات الآلية القائمة على بيانات غير صحيحة، وإن كانت صحيحة فهي غير دقيقة. وهذا ما يشكّل تحدياً كبيراً لقواعد بيانات البحث العلمي، والنزاهة الأكاديمية، ومواجهة مخاطر “الهلوسة” التي تعني إنتاج محتوى زائف بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي.