لم يعط كورونا إجازة للقتل والقتلة. ربما أرادوا أن يستفيدوا من طقوس الموت الفيروسي. لا تشييع للموتى. لا رثاء. لا ورقة نعوة. لا شيء إلا القبور والحزن الكبير.
سيف قاطع وليس سكينا يحز الرقاب، حملهُ “قاتل بعقلين” في وجوهنا. كلنا خطاؤون.
عشرة ضحايا بدم بارد استبيحت دماؤهم، الا تطرح الجريمة سؤالاً عن مجتمع يقتلنا كل يوم ويحولنا الى قتلة؟
اخفت الكورونا جزءا من توحشنا الاجتماعي. أخمدت روح الانتفاضة والرفض لكل ما نحن فيه ولو الى حين. اجلستنا في الزوايا نراقب عبر الشاشات من جديد حيواتنا التي تتسرب من بين ايدينا كالرمل، وأحلامنا التي هوت على حقائق الجوع والقهر والسراب ومستقبل ابنائنا المجبول بالدهشة المكبوتة وبأرقام ثروات ما عدنا ندرك كيف تعد اصفارها بالعملة الصعبة لمن يتولون امور البلاد وعبادها.. الكل يتهم الكل ويتم تغييب الفاعل حتى ينجيهم جميعا ونحن المذنبون.. نحن شهود على جريمة بعقلين وهي عنوان مرحلة ككرة ثلج ستكبر.. عنوان مجتمع ينتحب على قبره ويلقي ويدير ظهره لآفاته كي لا يرى.
جريمة بعقلين اظهرت الوحشية التي تنمو كل يوم في مجتمعات الظل التي لا تدخلها كاميراتنا الا لتصنع منها مرآة لوحش يخفي المسخ الذي فينا. في لحظة القتل، ظهر وجهه اليوم اما مسخنا الصامت على مفاهيم الخنوع والعصبية والتفرقة ، فما زال مختبئاً. نيران تأكل لحمنا على ابواب المصارف وخلف الكونتوارات طلبا لمال قوت يومي لمحتاج ظن انه خبأ قرشه الابيض لأيام القحط فلم يجد الا يدين فارغتين تفرغان حرقة قلبه فيولع جسده. هكذا خبر نذيعه ولا ترتجف قلوبنا أمام هول نيران تخترق طبقات جلده وتحوله فحما متحجرا كقلوبنا التي تآلفت مع توحش مجتمعاتنا بعدما التهمت الأزمات انسانيتنا.. نعبر امام الأزمات كآلات لا تتوقف عند التفاصيل. تنجز المهمات كوظيفة كتب على مظروفها “أنجز” وتختم القضية.
الكل يتهم الكل وتم تغييب الفاعل حتى ينجيهم جميعا ونحن المذنبون.. نحن شهود على جريمة بعقلين وهي عنوان مرحلة ككرة ثلج ستكبر.. عنوان مجتمع ينتحب على قبره ويلقي ويدير ظهره لآفاته كي لا يرى
جريمة بعقلين وما سبقها وما يرافق ايامنا، هو الصمت الثقيل والمحزن. جرس إنذار بأن الآتي أعظم وما العنف المتوالد خلف الأبواب الموصدة إلا صنيعتنا وعلى صورة ما تقبلناه دون تأفف او برضوخ المحكوم بقلة القدرة إن توفرت البصيرة نداوي جراحنا بأن لا نلتفت إلى الوحوش الكامنة حتى تنقض بسكينها على رقابنا وتشرب بدل الماء دما لنكاد نشبه افلام الخيال التي قرأنا قصصها واستمتعنا بها فهل تصبح كوابيس يومياتنا؟ الى اي أدغال يأخذنا مسار الانهيار إن لم تكن أنت القاتل فأنت بمنتحر حتى لو كنت تلفظ انفاسا متقطعة بخمول العاجز عن الحراك.
نسير ونلتفت إلى ظلنا هل يحمل سكين الطعن التي لا تبرق في الظلام؟
رابط المقال من المصدر اضغط هنا
للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا