كان الكثيرون يتوقعون من حكومة السيد عبدالمهدي التي صوت لها ليلا في البرلمان ان تكون حكومة اقتصادية ناجعة فكل الامور التي كانت امامه مهيإة للنهوض بالعراق فقد استلم عراقا امنا موحدا بملامح الدولة بحكومة مركز باسطة يدها على اخر شبر من العراق مع دعم دولي لانظير له.
وكانت حجة من اختاروا السيد عبد المهدي من كتلة الفتح وسائرون ان العراق بحاجة الى رجل اقتصادي حكيم ومقبول دوليا لمواجهة المقبولية الدولية التي تمتع بها سلفه العبادي !!!.
واستلم الحكومة بشكل سلسل مالم تشهده تجربة الحكومات السابقة وسلم كل وزير الحقيبة الوزارية بما لها وماعليها وسلم حيدر العبادي رئاسة الوزراء والخطط التي رسمها للمضي بالدولة ولكن الرجل ومن خلفه من المنظومة الحاكمة تعاملوا بطريقة اخرى وتم الغاء القرارات الصادرة من مجلس الوزراء بحجج لم ترق الى مستوى يؤهلها للاحتجاج وسانده البرلمان بضغط من جهة وجدت نشوتها وارادت الانتقام ولم تجد الا هذا الطريقة لتعبر عن انتقامها من الرئيس العبادي الذي اراد لمنطق الدولة ان يكون هو المنطق السائد ..
و كل ما كان الفريق الحاكم ومن سوق للسيد عبدالمهدي اصطدم بالفشل الذريع واولى هذه الملفات ملف الحشد الشعبي حيث كانت حجة بعض القائمين على الحشد ان الرئيس العبادي يحاول تقويض الحشد وحتى انهائه وحاربوا بكل قوة من خلال ادواتهم في مفاصل الدولة من اجل عدم تطبيق الامر الديواني الذي اصدره رئيس الوزراء السابق والذي اسماه التكييف القانوني لمقاتلي الحشد الشعبي والذي صدر في عام 2018 وكان ليشمل 120الف مقاتل وبهيكلية وقانون ضمن الضوابط العسكرية المعمول بها لتجعل من مؤسسة الحشد الشعبي مؤسسة منضبطة داخل جسد الدولة العراقية ، وهللوا للامر الديواني الذي اصدره السيد عادل عبدالمهدي في سنة 2019 اعلاميا مع انه لايختلف كثيرا عن مااراده سلفه وبعد ذلك عادوا ليعطلوا هذا الامر ايضا بطريقة وباخرى .
و لكن الحشد لم يعد محميا بسبب اجتهادات خارج سياقات الدولة ادى الى تعرض قواته لضربات جوية من الولايات المتحدة التي لم تكن تجروء على فعل ذلك لو لم يتم اعطائها الحجة والمبرر لتنفيذ مثل هذه الضربات على الحدود السورية العراقية ومن ثم لضربات داخل العراق جاءت بعد السماح للتظاهر امام السفارة الأمريكية في بغداد ومحاولة اقتحامها
بل كان اشتراك بعض المسؤولين الحكوميين اشارة لعهد جديد مع الولايات المتحدة !!!.
وبدلا من ان تكون الحكومة مدافعة عن الحشد باتت مكتوفة الايدي لاتملك الا ان تستنكر الهجمات وتحول رئيس الوزراء الى ساعي بريد يتلقى خبر استهداف مقرات الحشد ليقوم بدوره بتبليغ المسؤولين عن هذه المقرات بالاجراء الامريكي !!!.
ووصل الامر الى تنفيذ ضربة ادت الى مقتل كل من الجنرال سليماني الذي كان يزور العراق باستمرار دون ان يتعرض لاي محاولة امريكية سابقة وكذلك نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس في عملية تعد اعتداءً سافرا على الاراضي العراقية وتلاها رد ايراني لقصف مواقع عسكرية عراقية يتواجد فيها المدربون الامريكان الموجودون في العراق بموافقة الحكومة العراقية ومرة اخرى يكون فيها السيد رئيس الوزراء متلقيا للامر من دولة اجنبية دون رد فعل يذكر !!!.
اما الملف الاقتصادي فلم يكن هو الاخر قد حالفه النجاح بل جاء ليكشف سوء الاداء من خلال الانفاق الحكومي اللامبرر وكأن البلد يعيش في بحبوبة مالية كبيرة ادت الى هدر للمال العام بطريقة تكاد تكون عشوائية ناهيك عن الفشل في قراءة مستقبلية لتحولات السوق العالمية النفطية والتي نعتمد على 95%من وارداتها المالية …
واما ملف الاقليم فقد اضاع السيد عادل عبدالمهدي خارطة الطريق التي وضعها سلفه والتي تجبر ساسة الاقليم على كشف ملفات تصدير النفط بصورة غير شرعية وكذلك صرف الرواتب لاعداد المظفين الحقيقين الذي وضعته الحكومة السابقة
واما الملف الاخر والذي كان قاصما لظهر هذه الحكومة هي التعامل العنيف مع المتظاهرين واطلاق العنان لجهات مجهولة بتنفيذ عملية قتل بسبب عمالتهم للولايات المتحدة والمملكة السعودية وان هذه التظاهرات مؤامرة كبرى لقلب النظام !!.
ولم يشهد العراق مثل هذه القسوة ومثل هذه الاعداد الكبيرة من القتلى بين المتظاهرين والقوات الامنية منذ 2003 ..
لقد كان الاجراء الحكومي مع المظاهرات بالتعامل المفرط للقوة ومن ثم تسويف المطالبات بالاقتصاص من الجناة امرا ادى الى امتعاض المرجعية في النجف الاشرف لتعبر عن غضبها في اكثر من خطبة
وادت ايضا الى فقدان الثقةمن المجتمع الدولي بملف حقوق الانسان وحرية التعبير التي تحسن كثيرا بعد2003..
كل هذه الامور تدعونا لنقول او لنؤرخ لمرحلة جديدة بعد عبدالمهدي كما كانت مرحلة جديدة بعد المالكي واحتلال داعش لثلاث محافظات عراقية سنة 2014.
ونتساءل هل سيستطيع السيد الكاظمي اصلاح ماخلفه السيد عبدالمهدي ومنظومته
هذا ما سنراه في الايام القادمة وستتبين من الاجراءات السريعة التي سيتخذها ابتداءً من مكتبه
الى تعليماته للقوات الامنية التي بدأ بترؤسها بعد ان اصبح القائد العام للقوات المسلحة .
للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا