دولي

التايم: اين ستذهب ميول ترامب الإنقسامية بالولايات المتحدة؟

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

عندما اندلعت الاحتجاجات في شوارع أمريكا حيث ثار الشعب ضد العنصرية الظالمة، وانتشرت أعمال الشغب والعنف في كل مكان، حتى أن نوافذ المحال التجارية قد تم تحطيمها على بعد أمتار فقط من مقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب داخل البيت الأبيض. هذا فضلا عن الوباء الذي مازال مستشريا في مفاصل الدولة والعالم أجمع. كان حريا بالرئيس ترامب أن يخرج على شعبه بخطاب للتهدئة من الموقف المتأزم داخل البلاد، ولكنه اتجه إلى الخطاب السياسي بدلا من ذلك متعمدا الإسقاط المستمر على الحزب الديمقراطي.
وقد غرد ترامب مساء يوم السبت الماضي عبر حسابه في تويتر قائلا إن الحرس الوطني تمكن من أداء المهمة التي عجز عنها عمدة الحزب الديمقراطي في مينيابوليس. واستمر ترامب في ممارسة ألاعيبه السياسية عبر تغريداته المثيرة للجدل حيث قال إنه يتعين على الدول والمدن الأخرى التي يسيرها الديمقراطيون بوجه عام أن تنظر في مسألة الإقصاء التام لليساريين والراديكاليين، وذلك بالنظر لكونهم المسئولين في المقام الأول عن أحداث الفوضى في مينيابوليس.
ويعتبر البعض أن ترامب مسئول مسئولية كاملة عن إثارة التوترات العرقية والعنصرية في البلاد، مما يجعل رد فعله إبان أزمة مينيابوليس مذهلا ويشكل علامة فارقة في عهده القائم على مبدأ التشرذم والانقسام. وكنتيجة لأحداث العنصرية فقد خرج الآلاف في تظاهرات سلمية في أكثر من 70 مدينة أمريكية منذ مساء السبت. وقد أصدر الحرس الوطني الامريكي بيانا قال فيه إنه تم نشر حوالي 5000 عنصر من القوات التابعة له في 15 ولاية بهدف التصدي لأعمال الشعب والفوضى.
وقد تلقى ترامب بعض الاقتراحات من مساعديه داخل البيت الأبيض من اجل احتواء الأزمة القائمة والسيطرة على أعمال العنف، حيث نصحه البعض بأن يخرج على الأمة الأمريكية بخطاب رسمي، بينما رأى بعض الصحافيين أنه يتعين على الرئيس اولا إجراء محادثات الطاولة المستديرة لمناقشة الأحداث الجارية وتداعياتها داخل البلاد.
كما قال مسئول في البيت الأبيض في حديث له مع مجلة تايم الأمريكية إنه يعتقد بأن الخطابات قد لا تكون مثمرة في ذلك الوقت الحرج، والأهم من ذلك هو العمل واتخاذ قرارات نافذة. وأضاف بأن ترامب بدا في أعين الجميع منذ بداية عهده على أنه رجل النظام والقانون، ومن ثم فإن اللجوء إلى أسلوب الخطابات في تلك الفترة الحرجة قد يظهره ضعيفا أمام شعبه.
ويعتقد مستشار في البيت الأبيض أن أحداث العنف الجارية واتخاذ التدابير الأمنية الصارمة بشأنها يصب في مصلحة ترامب في الأخير ويعزز من موقفه وموقف الجمهوريين في البلاد بصفة عامة. فكل ما يهم الشعب حاليا هو التخلص من الفوضى مهما كان الثمن وبصرف النظر عن الخطوات المتبعة لتحقيق ذلك.
إن التركيز على المصالح السياسية بشفافية تامة بدءا من الرئيس الأمريكي وصولا إلى مساعديه وموظفي حملته الانتخابية لا يعد أمرا مفاجئا قبل خمسة أشهر فقط من الانتخابات. فمنذ بداية عهده السياسي، كان ترامب يعمد في أحاديثه مرارا وتكرارا إلى إظهار نزعته العنصرية وميوله الانقسامية. بداية من التشكيك في أصول الرئيس السابق أوباما، ورفضه للاحتلال المكسيكي حيث نظرته إلى مواطني المكسيك الوافدين بأنهم دخلاء على أمريكا، إلى جانب انتقاده الموجه إلى لاعبي اتحاد كرة القدم الذين أعلنوا احتجاجهم على ممارسات الشرطة، وصولا إلى خوضه في الجدل الدائر حول النصب التذكارية الخاصة بالكونفدرالية وقوله إن “هناك أناس طيبون على كلا الجانبين”.
والآن مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات في أمريكا بعد مقتل جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس، أوقد ترامب النار مرة أخرى، بل وزادها اشتعالا بدلا من أن يعمد إلى إخمادها. وبعد تغريدته التي كتبها على حسابه يوم السبت قائلا إن الدولة على أهبة الاستعداد للتعامل مع الكلاب الضالة المعادين للدولة وسوف يتم التعامل مع المتظاهرين بكل حسم، يتوقع البعض أن يدخل ترامب في مواجهة حادة مع أنصاره داخل البيت الأبيض.
وقد دفع تعامل ترامب مع أحداث العنف الأخيرة الصفحات الأولى من الصحف إلى تسليط الضوء على تعامله العقيم مع أزمة وباء كورونا واستمرار ارتفاع حصيلة الوفيات. وقد كشف استطلاع للرأي نشرته صحيفة واشنطن بوست، تراجع تصنيف ترامب وشعبيته بين الناخبين خلال الآونة الأخيرة، لصالح منافسه جو بايدن، حيث بدأ الحماس يظهر في صفوف أنصار بايدن أكثر مما سبق، مما ساهم في تعزيز شعبيته وانحسار شعبية ترامب.
وفيما يبدو أن اندلاع الاحتجاجات في البلاد قد أفسد على ترامب الإنجاز الأمريكي التاريخي، حيث شهد الرئيس الأمريكي تحليق رائدي الفضاء الأمريكيان روبرت بنكن ودوغ هورلي السبت من مركز كينيدي الفضائي في الصاروخ “سبايس إكس” التابع لأول شركة خاصة عهدت اليها وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) تنفيذ مهمة تاريخية.
والجدير بالذكر أن ميل ترامب نحو الانقسام والتحزب في تلك الفترة العصيبة بدلا من الحديث عن القانون والنظام يهدد بلا شك بتصاعد وتيرة الاضطرابات في البلاد. ومع استمرار تعمق وتجذر الانقسامات العرقية والسياسية والاقتصادية يوما بعد يوم، يتساءل الجميع عن مستقبل أمريكا المجهول.
رابط المقال من المصدر اضغط هنا

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى