معايدتي للميادين في سنتها الثامنة
ثماني سنوات هي عمر يحتسب للطفولة، وكذا قناة الميادين. لكنها الطفلة التي خبرت الشقاء باكرا” وذاقت ملح الارض باكرا” وواجهتها الحياة بالحقيقة باكرا”.
الاستاذ غسان بن جدو الذي اختار مغادرة اكبر امبراطورية اعلامية في العالم العربي في اواخر العقد الاول ليقرر حضانة المولودة الجديدة التي لم يكن هو يعرف، ولا من سانده يعرف، ما هي الحظوظ الحقيقية لتجد موقعها بين الامبراطوريات المخضرمة والمفروشة بالسجاد الاحمر والعابقة بروائح النفط والغاز ومالهما الوفير المنقف بلا حساب عقلاني.
الابداع يبدأ من لحظة ايمان عميق يمتزج بحلم مجنون وكلاهما يصنع النجاح. ثلة من الاعلاميين المشهود لهم والذين اثبتوا انفسهم في عالم الصحافة الاستقصائية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجيا والدين والتاريخ، اختارهم غسان بخبرة وعناية وبصيرة مهنية شكلوا مدماك هذا المشروع-الطفل.
علامات فارقة كثيرة في مسيرة الميادين راسها ومعراجها فلسطين في زمن التملص من فلسطين واهلها والتخفف من اعباء التاريخ لشراء حاضر مزعوم. اجراس ارادت الميادين لها ان تقرع بسلام في المشرق الذي تناهشته الغرائز الضيقة وعلت فيه اصوات الكراهية. جسر الشرق الى القارة البعيدة التي لا يرى فيها العرب سوى الكاوبوي وتصر الميادين انها قارة الفقراء الذين لا ينطقون حصرا” بالانكليزية باللكنة الاميركية البيضاء بل تتحدث ايضا” بانكليزية الملونين وباسبانية وبرتغالية الجنوب.
نعم هي مشروع فارق في لحظة تفريق كبيرة. الجمع هو الاساس والفرادى زائلون لان لون الحقيقة واحد وهي الحقيقة كما هي في كل ميدان.
دخلتُ القناة منذ سنوات ثلاث كضيف، واستمر كذلك حتى اليوم، ضيفا” لا يخاف اجندة المذيع ولا الاسئلة الملغومة ولا تقنيات استدراج الضيف المرسومة ضمن الحملة. تعرفت على عينة واسعة من معدي ومقدمي البرامج والمخرجين والتقنيين اناس يجمعهم التواضع الذي بات عزيزا” جدا” في مجتمعاتنا وتوحدهم الثقافة والقراءة والمتابعة العميقة….والاهم حسن الاستماع.
الفريق تجمعه قضية لا مجرد مؤسسة اعلامية كبرى، كل من دخل الميادين عرف ذلك، وانت الضيف الذي تعادي او تختلف او تتقاطع او تتبنى قضيتهم لا باس فانت على الرحب والسعة. وحين يتعدد ضيوف الحلقة تفهم ذلك اكثر، فانت ضيف ومقابلك ضيف او اكثر من مشارب لا تشبه مشاربك ولكن من طينة علمية تشبه طينتك. مستشارون كبار للادارة الامريكية ووجوه بارزة من دول تناصب الميادين العداء واختلاف اراء ومُحاور يحرص على الفرصة العادلة بين الضيوف.
وحين تُستضاف وحيدا” تجد من استضافك محملا” بملف جهد في سبر معانيه قبل لحظة ” توب كاميرا”. اسئلة واستقطاع مدروس تنتهي معه الحلقة وقد احاط المحاور بكل محاور حلقته رغم ضيق وقت الهواء في معظم الحالات.
معايدتي الصادقة للاستاذ بن جدو، الفدائي الذي تجرأ في زمن القلة والكلمة المعلبة. معايدتي لاصدقائي في الميادين، واخص بالذكر اليسار ابنة منطقتي وعبدالله وزينب وايمن ومرعي وديما وتيما.
لقد صنعتم حقا” فريقا” رائعا”