هل تقع حرب المياه بين أثيوبيا ومصر والسودان؟ بقلم غابريال طبراني
على مدى العقد الفائت، خلق مشروع إقامة أكبر سدٍّ في أفريقيا توتّراً بين إثيوبيا والسودان ومصر. لا تزال المحادثات الخاصة ب”سد النهضة الأثيوبي الكبير” مُتعثّرة وفي طريقٍ مسدود، ما يُغذّي إمكانية الصراع على الندرة في منطقة قاحلة.
على مرّ السنين، أصبح السد رمزاً قومياً إثيوبياً للنجاحات المُستقبلية، واحدٌ تُعلّق عليه أديس أبابا آمالاً طموحة لكي تصبح دولة مُزدهرة.
وتقول الحكومة الأثيوبية إن الطاقة الكهرومائية التي ينتجها المصنع ستوفّر احتياجاتها من الطاقة، وتَخلُق فُرَص عمل وآفاقاً تجارية، بينما يُمكن بيع فائض الكهرباء إلى جيرانها. لكن أحلام شرق إفريقيا المُزدهرة والمُوَفِّرة للطاقة مُشَوَّشة ومُهدَّدة بسبب النزاعات التي لم يتم حلّها حول أفضل طريقة للإستفادة والإفادة من موارد النيل.
ويعتزم قادة مصر وإثيوبيا والسودان، الدول الثلاث المُتضرّرة والمُستفيدة من السد، عقد قمّة افتراضية اليوم (21/07/2020) للمحاولة مرة أخرى لحلّ خلافاتهم.
لكن عقارب الساعة تدق على الدول الثلاث لإيجاد حلّ. من المقرر أن يكتمل سد النهضة في العام 2022، مع بدء تعبئة المياه الأوّلية هذا الشهر. وكانت القاهرة وأديس أبابا انخرطتا في مناقشات ديبلوماسية صعبة منذ شهور من دون التوصّل إلى قرار، ما دفع الخبراء إلى الخوف من أن حربَ مياهٍ قد تلوح في الأفق على المنطقة.
ترفض كلٌّ من السودان ومصر إطلاق المشروع قبل أن تتوصل الدول الثلاث إلى تفاهم. وقد يُشكل ذلك سابقة خطيرة لإثيوبيا التي تُخطط لبناء سدود عدة أخرى. وإذا سار المشروع كما هو مخطط له، فإن مصر، التي تعتمد على النيل في 90 في المئة من احتياجاتها من المياه، قد تُصبح غير آمنة مائياً. ومن المتوقع في هذه الحالة أن تفقد القاهرة 22 في المئة من تدفق مياه النيل، ومن المُحتمل أن يتحوّل ثلث حقولها إلى أرض قاحلة صحراوية. وهذا مصدرُ قلقٍ مشروع لدولة يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة ويُهدّد أمنها القومي. وتعتقد القيادة المصرية أيضاً أن أديس أبابا لم تضع خطة طوارئ في حالة وقوع جفاف – وهو احتمال من شأنه أن يقطع 1.8 مليار دولار من الإنتاج الإقتصادي في مصر. الخرطوم، من ناحية أخرى، تتطلع إلى الحصول على الكهرباء بأسعار معقولة، لكنها تشعر بالقلق من الفيضانات الكارثية في حالة حدوث خروقات في السد، الذي يقع بالقرب من الحدود السودانية.
لا يُمكن للدول الهروب من موقعها الجغرافي أو جيرانها. عليها واجب العمل معاً لنزع فتيل التوترات، خشية أن تدفع شعوبها ثمن التصعيد. وقد عرضت مصر والسودان مخاوفهما على إثيوبيا، والتي شملت أهدافاً معقولة مثل تحديد مَن يحكم في النزاعات بين الدول الثلاث، وأن تُحدّد إثيوبيا خسائر المياه المُحتَملة التي قد يُلحقها السد بجيرانها.
كما طلبت القاهرة من إثيوبيا الوصول إلى 40 مليار متر مكعب من المياه سنوياً بمجرد اكتمال المرحلة الأولى من السد. قد تختلف الدول الثلاث حول تفاصيل مخاوف بعضها البعض، ولكن الأمرَ مهمٌّ وخطيرٌ للغاية بحيث لا يُمكن تركه بدون حل أو أنه سيؤدي إلى اتخاذ إجراءات أحادية قد تُشعل المنطقة.
إذا تم التخطيط له وفقاً لجيران إثيوبيا والتفاهم معهم واتخاذ التدابير المناسبة لمواجهة المخاطر المُحتمَلة التي يتضمّنها المشروع، فقد يكون سد النهضة بمثابة نعمةٍ عظيمة للمنطقة. ولكن، إذا فشلت المفاوضات، فقد يصبح المشروع إلى أجل غير مُسمّى نقمةً بدل أن يكون نعمة، ويُحوّل فرصة النمو إلى أزمة لا يُحمد عقباها.
رابط المقال الاصلي على مجلة اسواق العرب اضغط هنا