ازمة لبنانالاحدث

هل تُزيحُ العقوبات على جبران باسيل عَقَبَةً أساسِيّة في مشروعِ التوجّه شرقاً؟ كتب البروفسور بيار الخوري

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

قال رئيس “التيار الوطني الحر”، جبران باسيل، في معرض تظهير موقفه من التوجه شرقاً: “هناك من يقول فلنتوَجّه شرقاً، ومَن قال أن هذا خيارنا؟ هذا ليس خيارُنا، ولا يكون إلّا إذا فُرِضَ علينا، ونُبقي على تعامل أرحب مع الغرب. ولكن أيضاً لا نُريد بخيارنا أن نُديرَ ظهرنا للغرب. لبنان هو بلد الإنفتاح والتلاقي، ونُريد أن يبقى البلد هكذا من أجل التلاقي غرباً وشرقاً، ونُريده مزروعاً بالشرق لكن وجهه للغرب، هكذا نحن نُريد وهكذا سيبقى”.

لم يُبدِ مسؤولو “التيار الوطني الحر” يوماً إهتماماً ذات بال بالخيار الصيني. ولم يُعلن أيٌّ من وزراء الطاقة (وبينهم الوزير السابق باسيل نفسه) أو الإقتصاد المُتعاقبين من التيار، كالوزير السابق رائد خوري أو الوزير الحالي راوول نعمة، أيّ موقف في هذا الإتجاه. كما أن السفيرة اللبنانية في بكين، ميليا جبور، لم تُنتِج أيّ إنجازٍ ملموس في العلاقات الإقتصادية بين البلدين سوى الإهتمام بتصدير النبيذ اللبناني الى الصين.

لقد شكّل جبران باسيل العقبة الأساسية، ضمن تحالف رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، وقوى الثامن من آذار، أمام الخيار الذي عُرِفَ اصطلاحاً بالتوجه شرقاً. كان الأمين العام ل”حزب الله”، السيد حسن نصرالله، شدّد مراراً على أهمية التوجّه شرقاً من أجل إنقاذ لبنان من الازمة الإقتصادية وتوقّف الإستثمارات في لبنان. يقول نصرلله: “أمام فعالية طرح الصين وجدنا ردّ الفعل الأميركي الغاضب والمُشكّك بالشركات الصينية والقول إنهم يريدون التجسّس على لبنان، ورد الفعل هذا يؤكد أهمية الخيار الصيني”.

حاولت حكومة الرئيس حسّان دياب قبل استقالتها أن تَجِدَ تسوية بين أوروبا والشركات الصينية، مُعتَقِدَةً أن فرنسا لن تُمانع في دخول الشركات الصينية للإستثمار في مشروعات البنية التحتية، طالما أن الصين غير مُهتمّة بالنفط والغاز اللبنانيين، وهذه مسالة حساسة جداً بالنسبة إلى الفرنسيين.

لبنان سوق صغيرة، لكن الصينيين قد يكونون مُهتَمّين بمشروعاتٍ مثل مجالات البنى التحتية وتحديداً الكهرباء، وسكة الحديد، والنفق الذي يربط بيروت بالبقاع، وصولاً إلى مشروع تنظيف نهر الليطاني. لكن الشركات الصينية، ككل الشركات العالمية، تحتاج إلى إرادةٍ سياسية في البلد المُضيف للإستثمارات، وإلى بيئة تضمن للشركات الصينية الجدوى الإقتصادية لاستثماراتها. هذه العوائق تحدّث عنها السفير الصيني لدى لبنان، وانغ كيجيان، بوضوح، حسبما نشرته الوكالة الوطنية للأنباء غداة تصاعد المُطالبة بالتوجّه شرقاً في أوائل العام.

لا نعرف تماماً اين ستتجه المفاوضات الحكومية بعد قرار العقوبات الأميركية على الوزير السابق باسيل. لكن في حالة وصول الرئيس سعد الحريري إلى ما وصل اليه السفير مصطفى أديب، فقد نكون أمام حكومة أكثرية أُخرى بعد أن كسرت العقوبات عناد باسيل تجاه الشرق. إن حكومةً بهذه المعايير ستكون مُضطَرّة إلى تلمّس الطريق الصيني، ومُجبَرة على تثقيل مفاوضات ترسيم الحدود بمشروع حدٍّ أدنى من الصمود الإقتصادي. وحده التوجّس من احتمال الحرب وتكثيف الإنفجارات المُبهَمة في لبنان قد يقف في وجه هكذا خيار.

بغض النظر عن التوجّهات الحكومية والقيود السياسية والنظرة الضيِّقة إلى الأمور في لبنان، لقد بات للقطاع الخاص قناعة أن هناك فرصةً أكيدة للإستفادة من الفُرَص الهائلة التي تفتحها السوق الصينية ذات القدرة المُرتفعة على الطلب. يحتاج لبنان الى استنساخ تجربة “هلا بالصين” الإماراتية التي استطاعت ان تُدخل المشروعات الريادية للإماراتيين الى قلب السوق الصينية وتحاول ان تتوسّع نحو منصة شرق أوسطية. وتجدر الإشارة إلى أن حكومتين لبنانيتيين مُتعاقبتَين لم تُوقّعا اتفاقية الحجر الصحي مع الصين التي تسمح للمنتجين اللبنانيين الإستفادة من إمكانات تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية الى السوق الصينية.

قد نكون مُضطَرّين للتوجه إلى الشرق، ومَن قال أن هذا هو خيارنا؟ هذا لا يكون إلّا إذا فُرِضَ علينا ولم يبقَ لنا خيار … كان يقول باسيل.

رابط المقال اضغط هنا

د. بيار بولس الخوري ناشر الموقع

الدكتور بيار بولس الخوري أكاديمي وباحث ومتحدث بارز يتمتع بامكانات واسعة في مجالات الاقتصاد والاقتصاد السياسي، مع تركيز خاص على سياسات الاقتصاد الكلي وإدارة التعليم العالي. يشغل حاليًا منصب عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا وأمين سر الجمعية الاقتصادية اللبنانية. عمل خبيرًا اقتصاديًا في عدد من البنوك المركزية العربية. تخصص في صناعة السياسات الاقتصادية والمالية في معهد صندوق النقد الدولي بواشنطن العاصمة، في برامج لصانعي السياسات في الدول الاعضاء. يشغل ايضا" مركز أستاذ زائر في تكنولوجيا البلوك تشين بجامعة داياناندا ساغار في الهند ومستشار أكاديمي في الأكاديمية البحرية الدولية. ألّف أربعة كتب نُشرت في الولايات المتحدة وألمانيا ولبنان، تناولت تحولات اقتصاد التعليم العالي وتحديات إدارته، منها كتاب "التعليم الإلكتروني في العالم العربي" و"التعليم الجامعي بموذج الشركنة". نشر أكثر من 40 بحثًا علميًا في دوريات محكمة دوليًا،. يُعد مرجعًا في قضايا مبادرة الحزام والطريق والشؤون الآسيوية، مع تركيز على تداعياتها الجيوسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط. أسس موقع الملف الاستراتيجي المهتم بالتحليل الاقتصادي والسياسي وموقع بيروت يا بيروت المخصص للأدب والثقافة. أطلق بودكاست "حقيقة بكم دقيقة" على منصة "بوديو"، ليناقش قضايا اجتماعية واقتصادية بطريقة مبسطة. شارك في تأليف سلسلتين بارزتين: "الأزرق الملتهب: الصراع على حوض المتوسط"، الذي يحلل التنافسات الجيوسياسية حول موارد البحر المتوسط، و"17 تشرين: اللحظة التي أنهت الصفقة مع الشيطان"، وهي مجموعة دراسات ومقالات عميقة حول انتفاضة لبنان عام 2019، والمتوفرتان على منصة أمازون كيندل. لديه مئات المقابلات في وسائل إعلام محلية عربية وعالمية مقروءة ومتلفزة، حيث يناقش قضايا الاقتصاد اللبناني والأزمات الإقليمية والشؤون الدولية. يكتب مقالات رأي في منصات إلكترونية رائدة مثل اسواق العرب اللندنية كما في صحف النهار والجمهورية ونداء الوطن في لبنان. يُعتبر الخوري صوتًا مؤثرًا في النقاشات حول مسيرة اصلاح السياسات الكلية وسياسات محاربة الفساد والجريمة المنظمة في لبنان كما مسيرة النهوض بالتعليم والتعليم العالي وربطه باحتياجات سوق العمل. لديه خبرة واسعة في دمج تطبيقات تكنولوجيا البلوكتشين في عالم الاعمال ومن اوائل المدافعين عن الصلاحية الاخلاقية والاقتصادية لمفهوم العملات المشفرة ومستقبلها، حيث قدم سلسلة من ورش العمل والتدريبات في هذا المجال، بما في ذلك تدريب لوزارة الخارجية النيجيرية حول استخدام البلوك تشين في المساعدات الإنسانية وتدريب الشركات الرائدة في بانغالور عبر جامعة ساغار. كما يمتلك أكثر من 30 عامًا من الخبرة في التدريب وإدارة البرامج التدريبية لشركات ومؤسسات مرموقة مثل شركة نفط الكويت والمنظمة العربية لانتاج وتصدير النفط OAPEC. يجمع الخوري بين العمق الأكاديمي، فهم البنى الاجتماعية-الاقتصادية والاستشراف العملي، مما يجعله خبيرا" اقتصاديا" موثوقا" في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى