على الرغم من العقوبات التي فرضت على إيران، فقد تمكنت سويسرا من الحفاظ على علاقات تجارية جيدة مع الجمهورية الإسلامية. وأحدث مثال على ذلك إبرام اتفاقية للنقل التجاري بين البلدين.
وافق البرلمان الإيراني مؤخراً على عقد اتفاقية للنقل التجاري مع سويسرا. وتنص الاتفاقية على تحرير النقل التجاري بين الدولتين بصورة تامة، وتذليل العقبات الإدارية.
“إن التعاون في مجال النقل يعتبر أحد مكونات خارطة الطريق التي أبرمتها كل من سويسرا وإيران عام 2016″، وفق ما كتبه الناطق باسم وزارة الخارجية الفدرالية رداً على سؤال لنا. فـ خارطة الطريق تعتبر هي الأساس لتعميق العلاقات بين كل من سويسرا وإيران.
يعتبر هذا الاتفاق هو أحدث الأمثلة على محافظة سويسرا على علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع إيران ـ وهذا على الرغم من سياستها النووية الشائكة وتردي أوضاع حقوق الإنسان بها.
سويسرا تلتزم بالعقوبات جزئياً فقط
صحيح أن سويسرا تلتزم منذ عام 2007 بـ العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران. إلا أنها لم تتبنَ العقوبات التي قررها الاتحاد الأوروبي لاحقاً إلا جزئياً. وبعد دخول الاتفاقية النووية حيز التنفيذ عام 2016، قامت سويسرا بالتخفيف من التزامها بتلك العقوبات.
“من الواضح أن على سويسرا الالتزام بالعقوبات المفروضة من قِبل الأمم المتحدة، أو بالأحرى أنه كان عليها فعل ذلك في السابق، بخلاف الحال بالنسبة للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي”، على حد قول السيد بلكنستورفر. إلا أن مشكلة العقوبات الأمريكية تكمن في أن الولايات المتحدة الأمريكية تهدد الشركات والبنوك، التي قامت بانتهاك تلك العقوبات، بمقاضاتها في أمريكا. “ولا تريد الشركات والبنوك التي تعمل داخل الولايات المتحدة الأمريكية المخاطرة بذلك بطبيعة الحال “.
لقد وجدت سويسرا حلاً لأحد المجالات الفرعية على الأقل: ففي فبراير 2020 دخلت آلية لسداد تكاليف نقل البضائع الإنسانية إلى إيران حيز التنفيذ. فالاتفاقية السويسرية للتجارة الإنسانية تؤمن لصادرات الشركات السويسرية إلى إيران قناة تمويلية مضمونة لدى إحدى البنوك السويسرية، وهذا بالنسبة للصادرات التي تندرج تحت مجالات المواد الغذائية والدوائية والطبية.
وجدير بالذكر أن “قناة السداد هذه والمخصصة لإيصال البضائع الإنسانية والدواء إلى إيران، لم تكن لتتحقق إلا بموافقة أمريكية، كما أنها قد نشأت نتيجة لأسباب إنسانية بحتة، تتمثل في الحد من أزمة التموين الحقيقة في إيران شيئاً ما”، كما يقول بلكنستورفر مهوناً.
تاريخ من العلاقات الجيدة
إلا أن نجاح سويسرا في تدبير آلية السداد هذه بالتعاون مع السلطات المسؤولة في الولايات المتحدة وإيران لم يكن من قبيل المصادفة. فسويسرا لديها منذ ما يزيد عن مائة عام علاقات دبلوماسية جيدة مع إيران، كما أنها تمثل كقوة حامية مصالح الولايات المتحدة في إيران.
“إن تفويضها لتمثيل مصالح الولايات المتحدة لدى النظام الثوري الإيراني يسمح لسويسرا باستمرار علاقات طبيعية مع هذا النظام”، على حد قول بلكنستورفر، والذي يستطرد أن هذه العلاقات قد تكتنفها بعض الصعوبات أحياناً. “ففي إيران هناك نظام حكم، يختلف كثيراً عن نظام حكمنا”.
نهاية الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على التسليح
في أكتوبر 2020 انتهت مدة حظر تصدير السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة على إيران منذ عام 2007. ولقد أعلنت كل من روسيا والصين بالفعل رغبتهما في تجارة السلاح مع إيران. لكن هذا الأمر ليس وارداً في حالة سويسرا، على حد قول بلكنستورفر. “فانتهاء حظر توريد السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة لا يغير من الأمر شيئاً بالنسبة لسويسرا، ذلك لإن إيران متورطة كطرف فاعل في العديد من الصراعات الإقليمية، مما يجعل توريد مواد حربية من سويسرا إلى إيران مستحيلاً من الناحية العملية”.
كذلك لن يقوم الاتحاد الأوروبي في بادئ الأمر بتجارة السلاح مع إيران، ذلك لأن الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن سيظل سارياً حتى عام 2023.
الرئيس الأمريكي الجديد
في سياق متصل، فإن تعامل الصين وروسيا والدول الأخرى مع حرية التجارة المكتسبة حديثاً، سيتوقف على الرئيس الأمريكي الجديد ـ حيث أن أغلب الدول ترى أن علاقاتها مع الولايات المتحدة أهم من صفقات السلاح مع إيران. فقد أعلن جو بايدن في سباقه الانتخابي عن رغبته في إعادة تفعيل الاتفاقية النووية من جديد.
وطبقاً لتصريحات بلكنستورفر، فإن اختيار رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية، لن يغير شيئاً في قيام سويسرا بدورها كقوة حماية مفوّضة. لكنه سيظل من غير المؤكد، ما إذا كانت إعادة تفعيل الاتفاقية النووية سيتم بدون إجراء أية مباحثات جديدة أو لاحقة ـ وهو ما رفضته إيران حتى الآن ـ سيصبح في الإمكان. “فإذا ما حاول بايدن ـ كما فعلها قبله بيل كلينتون بالفعل ـ القيام بمباحثات مع إيران، فإن قناة التواصل السويسرية التي تعمل على أتم وجه، قد تكون الأفضل بالنسبة له”.
رابط المقال : اضغط هنا