خاطرة من العام ٢٠١٦ عن الليرة والدين…والتيتانيك
هذا نص مداخلة صوتية لي على صوت لبنان ١٠٠،٥ تعود الأواخر عام ٢٠١٦. النص الذي استهدف الإضاءة على علاقة المتفرج بين اللبنانيين والمشاكل الاقتصادية يختم بالتذكير بعبرة التايتانيك التي استفاق لها المجتمع الدولي مؤخراَ بعد أن كادت تتورم يديه من كثرة التصفيق للطبقة السياسية والنخبة المالية قبل اربعة اعوام. بيار الخوري
الدين العام كلمة دخلت بالقاموس التقني للاقتصاد اللبناني بمرحلة ما بعد الحرب الاهلية. ولكن للاسف بعد مرور 26 سنة لم تدخل بقاموس الاقتصاد السياسي اللبناني.
الدين العام في لبنان هو رقم ليس له اي دلالة في عقول اللبنانيين الا معناه الاحصائي.
اذا سالنا الناس ما هو الفرق بين ان يكون الدين عشرين مليار دولار او خمسين مليارا او سبعين، ولماذا لا زال هذا الدين يتضخم وما رايكم بهذا الواقع؟ سوف نسمع اجوبة مختلفة هذه عينة منها:
– هذا دين على الدولة وليس على الشعب
– هذا الدين يشطب حين نوطن الفلسطينيين
– عندما تحل الازمة بين السعودبة وايران كل مشاكلنا تحل
– هذا دين يسدد عندما يأتي الضوء الاخضر لنستخرج ونبيع النفط
– كل دول العالم تعاني من الدين وليس فقط لبنان
حسنا اذن وما رايكم اذا اصبح الدين العام مئة مليار دولار او مئة وعشرون مليارا؟ او او او…
ويأتيك الجواب ان ذلك مستحيل لان لا احد يريد خراب البلد ولو رغبوا بذلك لكانوا خربوه من زمان.
نفس الجواب قيل يوم سالنا عن دين العشرين مليارا والخمسين مليارا والسبعين مليار دولار!
يذكرني هذا النوع من الاجوبة، وابناء جيلي يتذكرون ذلك تماما، كيف تعاطى اللبنانيون مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية في ثمانينيات القرن الماضي:
بدأنا بأنه من المستحيل ان يصل سعر صرف الدولار للعشر ليرات لبنانية لان البلد سيخرب والناس ستأكل بعضها. وظل المستحيل ماشيا و في كل مرة يعلو سقفه رويدا رويدا حتى وصل الدولار الى ثلاثة الاف ليرة وعندها قيل لنا انه من المستحيل ان يصل الى خمسة الاف ليرة!
الليرة والدين العام واشياء كتيرة غيرها بالاقتصاد اللبناني وبالوعي الجماعي للبنانيين، يشبهون فكرة حلم ليلة صيف لشكسبير. وقائع وهمية ونحن نتفرج على مسرحية وليس على مستقبلنا ومستقبل اولادنا.
نحن اللبنانيون ملوك اسقاط احلامنا على الواقع مهما كان صعبا. لكن ليس بالاحلام وحدها يحيا الانسان والاحلام وحدها لا تعمر اوطانا. لنغير مستقبل ولادنا علينا ان نعي مشاكلنا وبعد ذلك لنا الحق بأن نحلم كما نريد.
عبرة اخيرة: تذكروا ان كتيرا من الذين غرقوا بسفينة التايتانيك لم يفعلوا شيئا لينقذوا انفسهم لانهم لم يصدقوا ان التايتانيك…يمكن ان تغرق.