“الإستراتيجيات الفاعلة لمواجهة أزمة رفع الدعم في لبنان” في ندوة إفتراضية لملتقى حوار وعطاء بلا حدود
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
نظّم ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ضمن سلسلة الندوات التي ينظمها ندوة اقتصادية مهمة تحت عنوان “الاستراتيجيات الفاعلة لمواجهة أزمة رفع الدعم في لبنان: التحديات، التداعيات، والحلول” الأسبوع الماضي عبر تطبيق “Zoom” حاضر فيها نخبة من أهل الاختصاص والخبرة تقدّمهم الوزير السابق فادي عبود، الذي تناولت مداخلته الآثار المُحتملة لرفع الدعم على تنافسية وحجم أعمال القطاع الصناعي والحلول المُمكنة لمواجهة ذلك، الدكتور عماد عكوش الذي تكلّم عن سلبيات سياسات الدعم والأخطاء الكبيرة التي تواكب عملية الحلّ عبر البطاقة التمويلية، أستاذ الاقتصاد في جامعة القديس يوسف البروفسور مارون خاطر الذي تكلّم عن آثار رفع الدعم على المُؤشرات الاقتصادية الرئيسية وأخيرًا البروفسور عبد اللطيف درويش، أستاذ إدارة الأزمات في جامعة كارديف البريطانية الذي تكلّم عن إدارة الأزمة في ظل رفع الدعم.
وكان من المقرّر ان يُشارك فيها وزير الصناعة الدكتور عماد حب الله الذي كان يجب ان يتكلّم عن الخطوات الحكومية اللازمة لمواكبة رفع الدعم في المرحلة الراهنة والذي تغيّب قسرًا بسبب سفر طارئ. وقد شارك في هذه الندوة عدد كبير من خبراء الإقتصاد والمال والإعلاميين والناشطين والمهتمين بالوضع المعيشي والإقتصادي والصناعي.
ادار اللقاء البروفسور بيار الخوري ولخّص أهم ما ورد في مداخلات المحاضرين الدكتور حسن حمادة. وقد جاءت مداخلات المشاركين كما يلي:
الدكتور طلال حمود
افتتح اللقاء منسق الملتقى الدكتور طلال حمود الذي رّحب بالمشاركين ووجّه الشكر بشكل خاص للوزراء المشاركين وللخبراء الماليين والاقتصاديين، كما اعتبر أن دور الملتقى هو أساسي في محاربة السياسات الاقتصادية والمالية الفاشلة والفاسدة للطغمة الحاكمة والتي قامت بها بالتكافل والتضامن مع حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف وكبار حيتان المال والتجّار وأصحاب الوكالات الحصرية وغيرهم من المحظيين، وكذلك في مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة والمحّولة والدفاع عن حقوق المودعين من خلال جمعية “ودائعنا حقنا” التي أسسها الملتقى.
وأكّد على المضي في تنظيم مثل هذه اللقاءات كلما استجدّت تطورات جديدة في هذا المجال وذلك حتى الوصول الى النتائج الوطنية والإصلاحية المرجوة على كل المستويات. وذكّر باللقاءات والندوات السابقة التي نظّمها الملتقى حول سياسات رفع وترشيد الدعم وتحديدًا قبل 10 أشهر والتي أطلقت إنذارات مُبكرة للسلطة ولحاكم البنك المركزي عن قرب استنفاذ كل الأساليب من دون أن تلقى صرخاتنا أية آذان صاغية. اما اليوم ومع استنفاذ معظم الأساليب وفي ظل حال المراوحة على كل المستويات فكان لا بد للملتقى من رفع الصوت مجددًا من خلال هذه الندوة آملًا في الوصول إلى نتائج يمكن البناء عليها.
الوزير السابق فادي عبود
اعتبر الوزير السابق فادي عبود أن الدعم لم يكن مدروسًا أبدًا ولم تصل سوى كميات قليلة من الأموال التي هُدرت عليه لمستحقّيها الحقيقيين والفعليين من الفقراء والمحتاجين. كما انه لم يتمّ الإستفادة من تجارب دول أخرى في هذا المجال وهي دول ذات اقتصاد مُوجّه في اغلب الأحيان. واعتبر أن كل الحمايات الجمركية رُفعت في لبنان وأدّى ذلك الى تدمير الصناعة المحلية وتعزيز الاقتصاد الريعي الذي هو نقيض الاقتصاد المنتج.
وأكد أن الصناعة يمكن أن تعيش من دون دعم ولكن مع عدم توفّر الكهرباء والمازوت، أصبحت كلفة الأنتاج باهظة مما أثّر على تنافسية البضائع اللبنانية في الأسواق. واعتبر ان لبنان حاليًا معزول من ناحية تصريف الإنتاج وكأنه في جزيرة، مما رتّب أكلاف إضافية لتصدير الإنتاج وبالتالي لم تستطِع الصناعة في لبنان من الاستفادة من خفض بعض التكاليف نتيجة الأزمة.
ونوّه عبود إلى أنه لا بد من خطة إقتصادية متكاملة لكي تنهض الصناعة ومن إقرار سريع لقانون الشفافية المطلقة وإعادة دراسة وهندسة كل الإجراءات الروتينية والبيروقراطية لتسهيل التصدير.
وردًّا على إقتراح تقدّم به البروفسور خاطر وعدد من الزملاء الإقتصاديين الآخرين باستعمال جزء من حصّة لبنان من الأموال التي سيحصل عليها من صندوق النقد الدولي لدعم استيراد المواد الخام الأوّلية لدعم الصناعة والإنتاج وإعادة تنشيط العجلة الإقتصادية، قال عبود انه مع هذا الإقتراح لكن ذلك سيكون صعب التطبيق للغاية في لبنان ولن يكون ذلك سهلًا أبدًا لأن هكذا خطوة تتطلّب وضع آليات وخطوات معقدة جدًا مُضيفًا أن الإدارة الحالية في لبنان لن تكون مؤهّلة للقيام بذلك مُقترحًا تشجيع الصناعة بوسائل ووسائط اخرى سهلة التطبيق.
البروفسور مارون خاطر
بدوره أكد البروفسور مارون خاطر انه في ظل غياب حكومة فاعلة فإن رفع الدعم عن المحروقات سيؤدي الى ما أسماه “صدمة نفطية” تدخلنا في دوامة زيادة هائلة ومروّعة في أسعار السلع وفي كلفة الإنتاج مما يؤدي الى زيادة مُفرطة في الأسعار وزيادة في معدل البطالة، وبالتالي تسريع في الانهيار.
واعتبر أن الحلّ العلمي يتمثّل بضخّ حصة لبنان من صندوق النقد الدولي بالسوق لدعم القطاعات المُنتجة لاستيراد مواد أولية بالتزامن مع ما أسماه “Smart Capital Control” وبذلك تعمل الدولة على تشجيع الإنتاج والصناعة وتساعد على تصدير البضائع اللبنانية الى الخارج مما يُنشّط العجلة الاقتصادية وينقلنا تدريجيًا من الاقتصاد الريعي الى اقتصاد مُنتج وبنّاء.
وأوضح خاطر أن هذا التوجه الذي طرحته البروفسور نيكول بلّوز بايكر يساهم في حلحلة جزئية للمشكلة الاقتصادية عبر دعم الانتاج والتصدير وإدخال العملة الصعبة وهو على أي حال أفضل من استنفاذ المبالغ الموعودة في دعم الاستهلاك.
الخبير الإقتصادي الدكتور عماد عكوش
اعتبر الخبير الإقتصادي الدكتور عماد عكوش أن السلطة اللبنانية ارتكبت خطأ كبيرًا من خلال سياسة الدعم التي أدّت الى فقدان المواد والسلع الأساسية من الأسواق.وأوضح أن الدعم في الأساس كان يجب أن يكون مُوجّه نحو القطاعات الإنتاجية كما يُجمع الكثير من الخبراء.
وأكّد ان رفع الدعم سيؤدي الى زيادة في أسعار السلع الإستهلاكية بنسبة تتجاوز 20% مما سيؤدّي الى زيادة معدل الفقر في لبنان وبالتالي ستُصبح “البطاقة التمويلية” غير كافية لأن جزءًا كبيرًا من اللبنانيين غير مشمولين بهذه البطاقة وسيصبحون بحاجة الى المساعدة.
وأشار إلى أن استمرار تدهور الوضع سيؤدّي الى تردّي الخدمات في القطاع العام ومن ثم حتمًا في القطاع الخاص بسبب ترابط القطاعين وتلازمهما.
وأعلن عكوش أن الحلّ يجب ان يكون من خلال السياسات التالية: البطاقة التمويلية، رفع الحد الأدنى للاجور بالتزامن مع رفع سعر الدولار الجمركي، تفعيل خطط النقل، معالجة أزمة كهرباء لبنان (وهذه من اهم النقاط التي علينا علاجها وبسرعة)، تخصيص بعض المرافق العامة، تشغيل المصافي النفطية لتخفيف كلفة المحروقات وتفعيل “Capital Control”.
الدكتور عبد اللطيف درويش
أوضح الدكتور عبد اللطيف درويش أننا في قلب الأزمة وهناك صعوبة للشركات في التأقلم مع هذه الازمة، كما أكد أن الأزمة هي تحدي للعقل البشري ولا يمكن لمن ساهم في الأزمة وأوصل اليها من سياسيين وماليين فاسدين أن يكون جزء من الحلّ.
وأضاف انه يجب العمل على منع تضارب المصالح وانه دائمًا ما يلجأ السياسييون إلى الحلول السهلة من دون البحث عن حلول جذرية وأعطى مثال عن اليونان حيث تهرّب كل الساسة من تحمّل مسؤوليات الإنهيار الاقتصادي ولم يُقدّموا اية تنازلات مالية ولم يحاكموا.
وأكد أن البطاقة التمويلية هي عملية ترقيع ولا تعتبر حلَّا نهائيًا وبالتالي يجب العمل وفي اسرع وقت على التالي: تشكيل حكومة تكنوقراط نظيفة ومُتخصّصة، إعادة بناء المؤسسات والإدارات العامة والتخلّص من فائض الموظفين فيها، دعم رواد الأعمال والعمل على الإستفادة من ثروة النفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط لما لهذه الثروة من دور كبير في إعادة دعم الإقتصاد الوطني وتنشيطة.