ازمة لبنانالاحدث

الممانعة في مواجهة التسويق السياسي في لبنان | كتب محمود الحمصي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية التي كانت أحد أهم أسباب تشكيل الحكومة بدأت الأحزاب اللبنانية والشّخصيات السّياسية التّابعة والمستقلة التي تسعى لمنصب نيابي بالتّحضير لهذا الاستحقاق، لقد بدأت فعليًا عملية التواصل بين الأحزاب اللبنانية والجمهور ولو بطريقة خدمات اجتماعية او ندوات ثقافية وغيرها من الحملات الدّعائية، تقوم هذه الاحزاب بعملية التسويق السياسي لمرشحهم بهدف ايصال هذا المكوّن البرلماني الى هذه الفئة المستهدفة لتحقيق أهداف هذا الحزب. ومع بداية هذا التواصل بدا جليًا ان اللبنانيين يقاومون هذه الحملات الانتخابية لرفضهم اولا النظام السياسي في لبنان ورفضهم لنوعية السياسسين الذين حكموا لبنان خلال العقود الثلاثة ولم يجدوا اي تقدم على المستوى المعيشي. ان زيادة معرفة المرشحين لدى اللبنانيين والعمل على كسب ثقتهم وازالة مصادر الشك والاحباط لديهم تساهم في اعادة اندماجهم في الحياة السياسية ومشاركتهم بها لتوظيف من يمثلهم ويمثل صوتهم وارائهم.

مفهوم التسويق السياسي

ظهر التسويق السياسي في العقدين الاخيرين من القرن الحالي ويهدف هذا التسويق الى تقديم اسم لمنصب سياسي والترويج له وبناء علاقة طويلة الامد مع الجمهور والمحافظة عليها والهدف وصول هذا الاسم الى هذا المنصب. يقوم التسويق السياسي بالحملات الانتخابية وتقديم البرامج الدعائية والعمل على تطوير التعاون مع الجمعيات الاهلية بهدف تقديم صورة ايجابية للمرشح لدى الجمهور لاقناعهم بضرورة انتخابه لاحداث تغيير ما سواءًا اجتماعي او ثقافي. يلعب التسويق السياسي دورًا مهمًا في المحافظة على سلامة الديموقراطية في البلد كونه يساهم في زيادة المعلومات السياسية لدى الجمهور وزيادة معرفتهم بنشاط المرشح وبرامجه المساهمة في تطوير المجتمع بالاضافة الى زيادة الثقة بين المرشح والجمهور التي تساعد على بناء ولائهم له واعادة انتخابه مرة ثانية.

التسويق السياسي في لبنان

حافظت الاحزاب اللبنانية على مدار العقود السابقة على دورها السياسي من خلال وجودها الطائفي، لقد اندمجت بنظام طائفي من الصعب خرقه او تغييره نظرًا لقوته وفي المقلب الاخر من الصعب تطويره نظرًا لضعفه. ساهم الخطاب الطائفي بزيادة تمسك الناخبين بالاحزاب اللبنانية الحالية وقد لعبت المرجعيات الروحية بنشاط سياسي عبر ربط هذا الحزب بعقيدة دينية قد تدخل الناخب النار في حال عدم انتخابه هذا المرشح بالاضافة الى سيطرة هذه الاحزاب على العديد من المراكز الدينية والمدارس التعليمية لتصبح هذه الاحزاب منبثقه من مشاعر الافراد واي محاولة انقلابية على هذه الاحزاب هي خيانة للمجتمع.

ممانعة التسويق السياسي في لبنان

لا شك ان اكثر من نصف اللبنانيين لا يؤمنون بقدرتهم على احداث تغيير في لبنان فهم يجزمون ان السياسيين في لبنان هم فئة مدعومة خارجيًا وتمتلك جميع مقومات البقاء وان موقفهم لن يؤثر في الحياة السياسية بشكل فعال. بالاضافة الى عدم ثقة اللبنانيين في السياسيين المستقلين فهم لديم شكوك محقة في اهداف هؤلاء المرشحين والاحزاب المستقلة وقدرتهم على مكافحة الفساد وترجمة اقوالهم الى افعال، اضافةً الى ربط اسم هؤلاء المستقلين ببعض السفارات، مما ادى الى زيادة الاحباط الموجود بالفعل. يرفض اللبنانيين عامةً بأي محاولة لطرح اسم سياسي والتسويق له فالرفض نتيجة الاحباط المتراكم والمشاعر السلبية المطلقة للواقع اللبناني الحالي (السياسي والاقتصادي). يدرك اللبنانيين ان هذه الحملات هي فقط للترويج للانتخابات حتى بعض البرامج الاجتماعية والخدماتية قوبلت بالشك من حيث المضمون وربطت هذه المساعدات بالانتخابات المقبلة.

الحد من ممانعة التسويق السياسي

ممانعة التسويق السياسي في لبنان تترجم فعليا بانخفاض اضافي بعدد المشاركين في الانتخابات النيابية وتساهم ايضًا في اعادة صيغة النظام الحالي ولن تحدث تغييرًا سوى ببعض المظاهرات وقطع طرقات وتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي وكأن نفس الايام والاحداث ستعاود بالظهور مجددًا. يجب على السياسيين اعادة الثقة لدى الناخبيين وازالة الشكوك لديهم ورفع معنوياتهم والعمل على زيادة ثقتهم باصواتهم وزيادة اهتماماتهم السياسية وهذه الاجراءات تتطلب جهودًا ووقتًا وليس فقط خلال ايام من الانتخابات. فالحد من ممانعة التسويق السياسي هي حاجة وطنية للمحافظة على سلامة الديموقراطية وضمان التغيير. التغيير في لبنان يتطلب تغييرًا برلمانيًا الذي بدوره يطرح التعديل في النظام ولا ينفع خرقًا نيابيًا من هنا ومن هناك بل يتطلب اغلبية نيابية.

يعلم القاصي والداني ان التغيير المقترح سابقًا في لبنان لن يؤدي الا الى احداث سوريا واليمن وقد تنزلق الامور اكثر فكان التغيير البرلماني الحل الانسب لضمان عدم لجوء اللبنانيين للدول الراعية للتغيير.

لبنان بحاجة للبدء في النهوض والعمل على انشاء نظام يحفظ حقوق الانسان ويهتم بتطوير الحياة داخل هذا البلد، ولكن لا اعتقد انه بوجود نظام طائفي قائم على المحاصصة الطائفية ان ينجز اي تقدم حتى بوجود اكفأ الافراد.

محمود أحمد الحمصي

الدكتور محمود الحمصي، باحث ومحلل سياسي، مولود في بيروت حاصل على دكتوراه الفلسفه في الادارة العامة ومحاضر في جامعة بيروت العربية، شارك في العديد من المقالات العلمية والبحثية المتعلقة بالشؤون الإقليمية والدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى