مبادرات مسؤولة

كلمة في تأبين المهندس الراحل حسن حمود ورسالة إلى الأوفياء والشرفاء في هذا الوطن…| بقلم د. طلال حمود

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

بداية لا بدّ لي ان أشكر كل مَن قدّم لي التعزية والمواساة في وفاة ابن العم المرحوم ” المهندس حسن ناصيف حمود” فقيد العلم والشباب والغربة لأنه وكما معظم شباب هذا الوطن إضطر للهجرة إلى أفريقيا لتحصيل لقمة العيش وأقل مقوّمات العيش الكريم التي افقتدناها لأسباب يعرفها القاصي والدّاني في وطني المُغتصب لبنان.

ونسأل الله أن يتغمّده بواسع رحمته وان يُسكنه فسيح جنانه، جزاكم الله خير الجزاء وأسأل الله أن لا يريكم سوءًا في أنفسكم ولا في من تحبّون، وألهم عائلته وبالأخص والدته ووالده الصبر والسلوان، على هذا المصاب الجلل بفقدان هذا الشاب الصّالح الطّاهر الخلوق والمكافح.

وللأسباب مُتعدّدة ستكتشفونها لاحقًا اخص هذا الأب المناضل والمكافح ( الحاج ناصيف حمود) بهذه الكلمات وفي هذا الموقف العصيب فذلك لأنه اقلّ الواجب من طرفي لأنني لن استطيع ان اكون بجانبه لمواساته ولتخفيف عبء ألم الفراق عنه لأنني خارج البلاد لذات الأسباب التي دفعت “المهندس الفقيد” للهجرة الى افريقيا بسبب عصابات وزمر هذه الطبقة الحاكمة التي تسلّطت على رقابنا منذ اكثر من ثلاثين سنة وما زالت تعتمد على ذات السّياسات والأساليب التي دمّرت كل شيء في وطننا.

والألم يتضاعف عندما اخبركم انني واكبت مسيرة “الشاب الراحل” المدرسيّة والجامعيّة والمهنيّة طيلة الفترة الماضية منذ عودتي الى لبنان في العام ٢٠٠٠.

و تربطني بوالده الطيّب علاقة اكثر من اخوية استمرّت طيلة تلك الفترة وحتى اليوم ومسيرة طويلة من العطاء على امتداد هذا الوطن.

فهو، اي الوالد، ومنذ شبابه تربّى على قيم مقاومة المحتلّ الإسرائيلي الغاصب في قريته الحدودية “شيحين” في الشريط المحتل في الجنوب ونفّذ شخصيًا عدّة عمليات وكمائن الحقت بهذا العدو اضرارًا فادحة وساعدت بكل تأكيد في إنتزاع الحرية والأرض من هذا المُغتصب الشّرس.

ولعب الحاج المقاوم دورًا بارزًا في صمود الأهل في الجنوب إبّان الإحتلال الصهيوني، فكان مقاومًا ومدافعًا شرسًا عن الأرض والتراب وشجره الزيتون الجنوبيه ونبته التبغ وبساتين الليمون والموز والحمضيات وروى لي الكثير من الحكايا عن مقارعته للحاكم العسكري الإسرائيلي إبّان تلك الفترة المشرّفة جدًا من مشوار نضاله.

وهو لم يغب يومًا عن أيه مناسبه إجتماعية لمواساة الفقراء والمعدومين والمحرومين والمستضعفين حقًا.

وقد بذل ايضًا مجهودًا كبيرًا في سبيل التواصل بين أبناء ”آل حمود”، سنّة وشيعة، دروزا وعلويين، في لبنان وبلاد الإغتراب… ويشهد الصغار والكبار والكهول من أبناء العائلة من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال وفي معظم قرى البقاع مرورًا بصيدا وبيروت بكل تضحياته في هذا المجال… بحيث جال كثيرًا مع اعيان العائلة وواكبته في الكثير من هذه الجولات (بعد وصولي الى لبنان وحتى فترة ليست ببعيدة) بهدف زرع ثقافة التكافل والتعاضد والتعاون والمحبّه والإلفه والتسامح ونبذ كل انواع الأحقاد بين جميع شرائح هذا الوطن الذي عمل الكثيرون من المسؤولين والزعماء والساسة في لبنان لإشعالها ولإستمراريتها لأنها سبب من اسباب تربّعهم على كراسيهم ووصولهم الى المراكز التي وصلوا اليها ووسيلة لكي ينهبوا بالتالي ما نهبوه من خيرات هذا الوطن وهدروه من المال العام.. فكانوا يزرعون الحقد والبغيضة وكنا ننزع فتيل الفتنة ونقاوم التباعد والتشرذم والتمذهب على طريقتنا وبإمكانياتنا المحدودة امام قدرات وامكانيات المُتسلطين؟!

وتواكبنا ايضًا سويًّا في معظم نشاطات العمل الإنساني، الإجتماعي والوطني الذي قامت بها جمعية عطاء بلا حدود وملتقى حوار وعطاء بلا حدود منذ تأسيس الجمعية والملتقى.

ورغم كل هذا التاريخ النضالي الطويل، بقي الحاج ناصيف حمود، صادقًا ملتزمًا بالقيم التي ربّى ابناءه عليها، نزيهًا، نظيف الكفّ في وظيفته في إحدى الدوائر الرسميه بعد ان استلم مركزًا اداريًا في احدى المؤسسات العامة في مدينة “صور”، حيث لم يقبل يومًا رشوة او هدية او سمسرة او ما شابه ذلك. وحارب الشبّيحة والفساد والفاسدين في تلك المؤسسة ومنعهم من ظلم الناس ومن إستغلال وظيفتهم بإسم القائد او الزعيم او بإسم النهج او الخط احيانًا اخرى، بهدف الثراء الغير مشروع وفرض الخوّات والطمعيّات وإقتناص الناس لتمرير ملفّاتهم او لعلاج مشاكلهم مع المؤسسة.

وبقي راضيًا بمعاشه الزهيد فيما الكثير من رفقاء الدرب في الكفاح والنضال والسلاح والكثيرين الكثيرين ممن كانوا معه في الوظيفة الرسمية أصبحوا يملكون الڤيلات والقصور الفاخره والعقارات والشركات والسيارات الفخمة الحديثه وحتى اليخوت والطائرات الخاصه. واصبحنا نرى ابناءهم وزوجاتهم يجولون في اغلى المناطق السياحية في فرنسا وايطاليا وسويسرا… فيما امتلأت حساباتهم بالمال الحرام الذي لم يتركوا طريقة إحتيالية لجمعه وتكديسه؟!

واخيرًا وإنّ أخطر ما لمسته في قصة أخي وصديقي الحاج ناصيف هو إعلامي بإصابة ولده البكر بمشكلة صحية خطيرة في الكبد والبنكرياس اثناء زيارتي الأخيرة الى لبنان وإنّ احد الأطباء لم يرحمه وارتكب خطأً طبّيًا فادحًا في تشخيصه وعلاجه- طمعًا او جشعًا لا سمح الله؟- وانه قد باع قطعة من أرضه التي قاوم العدو ليحتفظ بها وليزرع فيها شتول التبغ والزيتون وذلك لكي يستطيع ان يُكمل علاج ابنه المرحوم وعلى حسابه الخاص في احد مستشفيات بيروت التي لا ترحم الفقراء ربما لأن الفقراء يجب ان يموتوا في هذا الوطن كما رسم وخطط لنا النافذون الفاسدون في لبنان… خاصة وان التعويض الذي حصل عليه في نهاية الخدمة اصبح بلا اية قيمة تذكر مع تدهور قيمة العملة الوطنية وبفضل “سياسات رياض سلامة والطبقة الحاكمة” ولأن اموال الضمان الإجتماعي قد تبخّرت لأسباب تعرفون جميعكم من كان خلفها؟!

انهي رسالتي بالقول بأنني أحيّ فيكم جميعًا هذه العاطفة النبيلة، الجيّاشة واعذروني لشدّة تأثّري بوفاته، شاكرًا كل من اتصل أو ارسل رسالة تعزية ومواساة.

الدكتور طلال حمود

الدكتور طلال حمود - طبيب قلب وشرايين - مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود - دكتوراه دولة في الطب العام، جامعة "غرينويل" فرنسا سنة 1994، إختصاص أمراض القلب والشرايين من جامعة ومستشفيات "غرينويل" و "باريس" في فرنسا ، سنة 1997. - إجازة جامعية في العلوم البيولوجية وعلم الإحصاء من جامعـة "غرينويـل" فرنسا سنة 1996. - شهادات جامعية باختصاص أمراض القلب عند الرياضيين، عمليات التمييل والبالون، التصوير الصوتي للقلب والشرايين وشهادة جامعية في إختصاص القلب الاصطناعي من جامعة ومستشفيات "فرنسا". - دبلوم حول عمليات التمييل والبالون وآخر تقنيات توسيع الشرايين خلال سنتين في معهد طب القلب في "مونتريال" كندا من سنة 1998 حتى سنة 2000. - قام بعدة أبحاث حول أمراض القلب والشرايين عند المصابين بمرض السكري تقنيات توسيع الشرايين بالبالون والراسور، أدوية تخثر الدم، علاج الذبحة القلبية في مستشفيات "باريس" و "مونتريال". - عضو الجمعية الفرنسية والجمعية الكندية لأمراض القلب والشرايين. - عضو فعّالل في الجمعية اللبنانية لأمراض القلب والشرايين حيث قام بتنظيم عدة مؤتمرات وندوات طبية مُتخصّصة في بيروت والمناطق اللبنانية المُختلفة وعدّة ندوات أخرى حول الوقاية من أمراض القلب والشرايين وطرق علاج وأسباب وعوارض هذه الأمراض وقد كان عضو فاعل في الهيئة التنفيذية لهذه الجمعية لفترة اربع سنوات ( 2010-2014) حيث شارك بشكل نشيط جدا في كل النشاطات والمؤتمرات الوطنية والدولية التي نظمتها الجمعية في تلك الفنرة. - يعمل حالياً في عدة مستشفيات مهمة في بيروت والجنوب : مستشفيات : الساحل , رفيق الحريري الجامعي ,بهمن في بيروت , الراعي ومركز لبيب الطبي في صيدا, النجدة الشعبية في النبطية وعمل سابقا في مستشفيات الرسول الاعظم –مركز بيروت للقلب ، جبل لبنان، المشتشفى العسكري المركزي ( بيروت ) ، وفي مستشفى حمود - صيدا. -طبيب مُسجّل ومُعتمد في نقابة الأطباء الفرنسية ويعمل بشكل دائم في عدّة مستشفيات مرموقة في فرنسا بمعدل مرة كل شهرين تقريبا في السنة. - له عدّة مقالات في المجلات الطبية المُتخصصة العالمية حول مواضيع الأبحاث المُشار إليها وعدّة مقالات في الصحف والمجلات اللبنانية الغير مُتخصّصة حول واقع أمراض القلب والشرايين في لبنان وطرق علاجها والوقاية منها وقام بتأليف موسوعة شاملة عن امراض القلب والشرايين تحوي على اكثر من ١٣٧ فصل وتتناول كل ما بمكن ان نريد ان نعرفه عن امراض القلب والشرايين وهو بصدد نشرها عبر مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية. -مؤسس ورئيس جميعة عطاء بلا حدود وهي جمعية انسانية, صحية, اجتماعية, ثقافية, تربوية وبيئية تأسست سنة 2005 وتعمل منذ ذلك التاريخ على زرع ثقافة العطاء في المجتمع اللبناني وقامت حتى تاريخ اليوم بتنظيم عدة ايام صحية مجانية شملت اكثر من 70 مدينة وقرية لبنانية وكل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وقد قامت بعدة نشاطات تربوية وبيئية واجتماعية وثقافية متعددة. ولديها مركز رعاية صحية مجانية في الضاحية الجنوبية يؤمن الادوية المزمنة لأكثر من 500 عائلة لبنانية مع مساعدات كثيرة للأخوة النازحين السوريين. -مؤسس ورئيس ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وهو "ملتقى الوطني جامع وعابر للمناطق والأطياف والحدود" والذي كان لي شرف إطلاقه منذ حوالي سنة تحت وهو يضم عدد كبير من الوجوه السياسية والإعلامية والإنسانية والإقتصادية والاكاديمية والادبية ( وزراء حاليين وسابقين ، نواب مدراء عامون، اطباء ، اكاديميين رؤوساء جمعيات ورؤوساء بلديات من مختلف المناطق ، ناشطين في كل مجالات العمل الإنساني ) و التي اغنت كثيرا هذا الملتقى . وهو ملتقى يحاول ان يعمل فقط من اجل الوطن ، الإنسان والإنسانية عبر الإضاءة على كل المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية والصحية والبيئية والثقافية التى يعانى منها لبنان وامتنا العربية والتعاون فيما بيننا من اجل السعي المتواضع لوضع إقتراحات وخطط لحل البعض منها، وليس الغوص في التحاليل السياسية والغرق في مستنقعاتها العميقة الموحلة. ومن المواضيع التي تم التداول بها حتى اليوم : _ الحرية في الرأي والتعبير، مدى تأثيره _ حرية الاعلام ودوره وتأثيره على المجتمع _الثروة النفطية والغاز في لبنان _ قطاع التكنولوجيا وما يحتويه من سلبيات وإيجابيات _ الجرائم الالكترونية _الدين العام وسندات الخزينة الوضع المالي والاقتصادي في لبنان وتأثيراته للمستقبل -سبل مكافحة الفساد في لبنان - خطر وسائل التواصل الإجتماعي على التففك الاسري والإجتماعي - الحروب المائية في المنطقة العربية - اهمية الذكاء الاصطناعي في تطور الطب -تشجيع دور المرأة في الإنخراط في العمل السياسية. -السياسة الروسية في الشرق الاوسط - صفقة القرن وتداعياتها على لبنان -مشكلة النزوح السوري في لبنان ومخاطر التوطين _العلاج الجيني تقدمه ودوره في معالجة الامراض _المشاكل النفسية والانتحار _ ثقافة زراعة ووهب الاعضاء _ موقف الاديان من ذلك_ الاعضاء التي يمكن زرعها..... -قضية مكتومي القيد في لبنان وغيرها وغيرها من المواضيع المهمة التي لا نزال نتناولها بوتيرة موضوع كل ثلاث ايام منذ ستة اشهر تقريبا إضافي الى تنظيم لقاء في دار الندوة حول إيجابات وسلبيات قانون الانتخابات النيابية الجديد بمشاركة الوزيرين مروان شربل وشربل نحاس والاستاذين ربيع هبر ومحمد شمس الدين بحضور عدد كبير من المهتمين وعقدنا لعدة لقاءات تعارفية وتنسيقية بين اعضاء الملتقى وسعينا وتحضيرنا لعدة مؤتمرات وطنية مستقبلية مهمة وعابرة للمناطق والطوائف لأنها تهم كل اللبنانيين. وقد تشكلت هيئة إستشارية للملتقى تضم عدد من الشخصيات الروحية والسياسية والإعلامية والإقتصادية والتربوية والاكاديمية والإنسانية والإجتماعية والبيئية - حوالي ٢٥ شخصية مرموقة- كلها من المتطوعين المتحمسين لهذا العمل الوطني الجامع- وقد عقدت عدة لقاءات دورية وهي في حالة إنعقاد وتشاور دوري ودائم وقد اقرت ورقة عمل خلفية اولية او ميثاق شرف للملتقى سوف نعرضه عليكم لاحقا بعد الإنتهاء من تنقيح وتشذيب بعض نقاطة وخلاصته اننا نسعى لتكوين بوتقة ( لوبي ضاغط) وطنية جامعة عابرة للطوائف والأطياف والمناطق والزورايب اللبنانية ولاحقا العربية في سبيل تصحيح سير الأمور والسعي لمعالجة كل القضايا الوطنية الملحة وهي متشعبة ومعقدة وخطيرة وتهدد مصير هذا الوطن وإستمراريته مع تفشي ظاهرة الفساد والهدر والمحاصصة وإنعدام حس المسؤولية عند معظم حكام هذا الوطن وغياب اقل مقومات العيش الكريم للمواطن اللبناني والعربي من بنى تحتية اولية وطبابة وتعليم ومؤسسات عادلة ونزيهة تعطي لكل مواطن حقه ولأن الحالة اللبنانية تعم معظم بلادنا العربية التي تتخبط بكل انواع الازمات واخطرها واهمها الإرهاب والتكفير وفساد الطبقة الحاكمة وعدم شعورها وتحملها لآهات وآلام شعوبها. والملتقى ينشط اليوم ويضم حوالى ٨٥٠ شخصية نخبوية من كل الإختصاصات السياسية والإدارية والإقتصادية والمالية والأكاديمية والإجتماعية والإنسانية والفكرية والثقافية موزعة على خمسة مجموعات . وقد نظّم الملتقى حتى اليوم عدة مؤتمرات وندوات مالية وإقتصادية واخرى لها علاقة بسُبل مكافحة الفساد والإصلاح السياسي والإقتصادي والنقدي وآليات وكيفية الإصلاح الدستوري والإداري في لبنان.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. خالص العزاء لكم دكتور طلال وللعائلة الكريمة ورحم الله فقيدكم العزيز واسكنه فسيح جناته وجزاه خيرا عن انجازاته و عطائه وجعلها في ميزان حسناته بأذن الله تعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى