إقتصادازمة لبنانالاحدث

حتى لا تضيع الفرصة | كتب د. حسين نابلسي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

الأزمة البنيويّة التي يُعانيها لبنان بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية دقيقة وحساسة، وتؤدي الى خلط أورَاق بين الصالح والطالح وضياع للمطالب الحقيقية والأهداف السياسية التي تخدم الشعب وتؤدي للخروج من هذه الأزمة الحادة. فإقتصاده واقتصاد المنطقة يترنّح على وشك الإنهيار متأثراً بالغزو والهيمنة الأمريكية المباشرة وغير المباشرة عبر الوجود العسكري مثل غزو العراق وقبله زرع واستيطان العدو الاسرائيلي في فلسطين ودعم وجودها عبر الأدوات الإرهابية والإنتهازية كما جرى في سوريا أو كما يجري الآن في مختلف الساحات من احتجاجات تحت شعار “الإصلاح و التغيير والثورة” و لكن في عمقه يستهدف خلط الأوراق وصولاً لإرباك بيئة وسلاح المقاومة وتشويه ثقافتها عبر خلق أزمات في الحياة اليومية للمواطن تؤدي للتخلص من دور المقاومة المحوري وإسكات الأصوات الممانعة والرافضة لأمريكا و حلفائها في المنطقة.

من المؤكد إن لبنان أمام خرائط وأساليب جديدة طابعها عدواني إستعلائي، تهدف لتكريس التوطين والتقسيم تبريراً لقيام الدولة اليهودية بحدودها المزعومة وتزامناً مع المشاريع التسوويّة وآخرها صفقة القرن. إن ما يجري هو مخطط متكامل يجري تطبيقه على دفعات من خلال الإضطرابات والثورات الملونة ودعوات لتقسيم العراق الى ثلاث دول ” شيعية، سنية، كردية” من خلال الإصرار على دساتير تكرس نظام الكانتونات والفيدرالية إحياءاً للروح القبلية والآثنية والمذهبية في المنطقة التي تحمل في طياتها التناقضات والتعارضات السياسية والعسكرية وصولاً للحرب الأهلية ونزعات الإنفصال والتبعية والوصاية بين مكونات المجتمعات العربية وبالأخص اللبنانية.

في هذا الإطار لا بد من الإستعداد لمواجهة هذا المخطط وهذا الدور مناط بالأحزاب والقوى الوطنية التي حفظت وحمت لبنان من العدو الاسرائيلي وأطماعه والتي لها مصلحة حقيقية في التغيير والتحرير وتحقيق آمال وأهداف المجتمع اللبناني الذي هو جزء من الأمة العربية.

وهذا الامر يتطلب مبادرات أو خطط عاجلة لاستيعاب ما نتج من تداعيات المرحلة السابقة على الصعيد الإجتماعي والسياسي والإقتصادي، فإن نزول الشعب للشارع هو حق طبيعي لأن الثورة هي بنت الألم وثمرة الظلم والطغيان والفساد … وعلى الجميع تحمل المسؤولية في هذه المرحلة من أجل تعزيز الإلتحام مع النخب وأصحاب المصلحة الفعلية بالتغيير لأن هذه المرحلة مفصلية لكل هذه القطاعات السياسية والإجتماعية من عمال وطلاب وموظفين ونخب مثقفة خرجت عن أطرها واختلطت مع قوى مضادة أكانت في السلطة أو لها ارتباطها بالسفارات أو الخارج وقامت بإعمال مخلّة مثل قطع الطرقات لتشويه روح الثورة الحقيقي فهنا يأتي دورنا بتكريس الفرز الوطني على أساس تبني المطالب والعداء الأمريكي والإسرائيلي وإيجاد برنامج وطني ودعم أي قيادة لها مواصفات إصلاحية وطنية تحمل هذا البرنامج الذي يشخص الواقع الراهن وينطلق من التحرر الوطني والتنمية والتقدم والديمقراطية.

هنا لا بد من خلق آلية للتغيير تؤكد على الحوار الشامل مع القوى الثائرة المخلصة والحقيقية ومساعدتها وقيادتها لتحقيق المطالب المعيشية ورسم خطط ومشاريع إصلاحية على كافة الصعد السياسية والإقتصادية تتلاقى مع برنامج الإصلاح الذي يقوده الثنائي الوطني (الشيعي) وحلفائهم الحقيقيين من داخل النظام أو من خارجه واستعجال كافة المشاريع القديمة وتعديلها بما يتناسب مع الوضع الحالي وما يخدم الجماهير العريضة صاحبة المصلحة الفعلية بالتغيير والقاعدة الأساس للمقاومة وقواها الحية. وإعطاء الأولوية للإصلاحات الإقتصادية لأنها أساس الداء والبلاء والمرتبطة كلياً باجندة البنك الدولي الخاضعة لهيمنة قوى الاستعمار والاستكبار العالمي.

إذا المطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى المزيد من التحالف بين قوى السلطة التغييرية وأطراف الحالة الإحتجاجية من خلال عدة نقاط:

1. انهاء دور المعرقلين للإصلاحات ووضع الخطط الكفيلة لزيادة الإيرادات وترشيد الانفاق. إضافة الى دعم الميزان التجاري تصديرا واستيرادا للموارد الزراعية والصناعية والاستهلاكية بما يتناسب مع الاسواق.

2. معالجة واقع السوق المالي وسوق النقد بحماية الليرة اللبنانية من الانهيار وحماية اصحاب رؤوس الاموال بالعملة الوطنية وهذا يتم من خلال العمل على توازن السوق الذي يلجم المحتكرين والتجار والمصارف ويضعف سيطرتهم على مفاصل القطاعات الاقتصادية الحيوية.

3. إيجاد أنشطة ومشاريع اقتصادية (زراعية، صناعية) عبر تشجيع القطاعات بدعم الموجود منها أو تفعيل الجمعيات والمؤسسات التعاونية لخلق فرص عمل وتشجيع التعليم وتعميم ثقافة الانتاج ومحاربة كل أشكال الحرمان والفقر والمرض عبر سلسلة سياسات واجراءات عملانية بدعم السلع الاساسية المعرضة دائما للاحتكار أو اذلال الشعب.

4. البقاء على جهوزية تامة لأي لحظة يحاول استغلالها اعداء لبنان للإنقضاض علينا والدفاع عن النفس آخذين بالإعتبار ميزان القوى وخريطة التحالفات والزمان والمكان، وبهذا نكون قد حفظنا بيئتنا وبالتالي حفظنا أنفسنا وتكون البوصلة بالاتجاه الصحيح!.

د. حسين نابلسي، أستاذ جامعي وكاتب في الاقتصاد السياسي

د. حسين نابلسي أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية ومدير فرع الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم في النبطية. يعمل كمستشار للعديد من المؤسسات الأكاديمية وهو عضو مجلس ادارة في العديد من المؤسسات والجمعيات الاهلية. كما شغل سابقا العديد من المناصب الإدارية.

تعليق واحد

  1. السلام عليكم دكتور العزيز : مقال كلش قيم وله أبعاد و تأثير اقتصادي وسياسي واجتماعي ويحمل في طياته كل معاني الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي من خلال : محاربة الفاسدين من خلال قانون عادل وقوي للدوله لان الفساد والارهاب وجهان لعمله واحده ولهم نفس التاثير في لبنان والعراق ٢- محاربة المخططات الخارجية من خلال التلاحم والوحده لابناء الوطن الواحد وان يكون الولاء للوطن لا للمذهب او الطائفه ٣_ النهوض بواقع التعليم لأن من خلاله تنهض الأمم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى