عقد مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في بيروت لقاءً حواريًّا تحت عنوان: “مستقبل العلاقات العربية والإسلامية على ضوء التطورات الإقليمية والدولية”، شارك فيه الباحث في الشؤون الدولية الدكتور بلال اللقيس والكاتب والمحامي الاستاذ ممتاز بحري وحضره حشد من الشخصيات الفكرية والسياسية والإعلامية.
قدم للقاء وأداره الصحافي قاسم قصير الذي عرض لأهم التطورات الإقليمية والدولية سواء المفاوضات حول الملف النووي الإيراني والحرب في أوكرانيا والمفاوضات السعودية الإيرانية وتطورات العلاقات بين تركيا والدول العربية وأشار إلى عدد من المشاريع التي طرحت لتطوير العلاقات العربية والإسلامية والتي لم تستطع تحقيق تقدم كبير في هذا المجال ومنها منتدى التكامل الإقليمي والكونفدرالبة المشرقية ومنظمات التعاون العربي والإسلامي.
ثم تحدث الدكتور بلال اللقيس فقدم رؤية متكاملة حول كيفية تطوير العلاقات العربية والإسلامية على ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية داعيا إلى وضع برنامج عمل متكامل على جميع الصعد السياسية والإعلامية والثقافية يهدف إلى تعزيز نقاط التواصل واللقاء.
واعتبر أنّ أهم عنصر يسمح بهذا اللقاء هو تحديد العدوّ وهو الكيان الغاصب لفلسطين، وجعل القضية الفلسطينية محورًا للقاء بين العرب والمسلمين، وهذا ما يهدف إليه المحور المسمّى بمحور المقاومة في المنطقة. وعرض للنقاط الإيجابية التي قد تساعد في تعزيز هذه العلاقات ومنها تراجع الهيمنة الغربية وتبدل الأولويات الأميركية وتراجع قدرة الكيان الصهيوني على الفعل والتأثير في مقابل صعود محور المقاومة والمتغيرات الحاصلة إقليميا ودوليا مؤكدا أن هناك فرصة اليوم لتقديم استراتيجية جديدة من أجل بناء علاقات عربية وإسلامية فاعلة في المنطقة والعالم.
واعتبر اللقيس ان الدفع لبلوغ ذلك يفترض ان يعتمد منهج “من الواقع إلى الطموح”.. ويشترط في أي مشروع من هذا النوع أن لا يقصر تفكيره بالأنظمة العربية كون أغلبها يعاني من عجز عن تعريف مصالحه وتحديد ماذا يريد. وعبّر عن اعتقاده بأنّ العلاقات المتوازنة تُبنى على العدالة، وشرط العدالة هو نوع من الندّية بين الأطراف وهذا لا يتحقق إلا إذا كانت الأطراف تعرف ماذا تريد وتملك تصوّرًا واضحًا عن مصالحها.
ومهما تعارضت هذه المصالح يمكن للأطراف أن تجد سبلا للتوفيق بين المصالح المتعارضة، أما إذا كانت المصالح غير واضحة فلا يمكن الانتقال إلى الخطوة التالية. وهذا هو المأزق الذي تعاني منه أكثر الدول العربية والإسلامية. ولا مانع من العمل على الخطين أفقيًّا وعاموديا من أجل الوصول إلى تلك الحالة من الوضوح.
وبالأخص قوى المقاومة التي يمكن ان تشكل قاطرة الدفع التي تعيننا لتعريف ذواتنا ومصالحنا وتجلب الآخرين الى أجندتنا ( خصوصا ايران وتركيا .. الخ )
من جهته الكاتب المتخصص في الشؤون الإقليمية والدولية الاستاذ ممتاز بحري تحدث عن الجهات الفاعلة بجدية في المنطقة وهي قوى ثلاث عندها مشاريع واضحة وتعريف محدد لمصالحها و ما تريد وهذه الأطراف هي: إيران وتركيا وإلكيان الصهيوني كونها الدول الأكثر فاعلية بغض النظر عن موقفنا المبدئي الرافض للكيان الغاصب. ولكن من باب توصيف الواقع نجد أنّ الدول العربية ليست فاعلة بالمقدار المطلوب فأكثرها يغلب عليه الانفعال ويبدو أنّه يعرف ما لا يريد ولكنّه على الأقل لم يعلن ماذا يريد. وهذا ما أدى إلى تراجع المشروع العربي ودور الدول العربية وعرض لأهمية كل من هذه الأطراف الثلاث ونقاط القوة والضعف في مشاريعها السياسية والإستراتيجية داعيا إلى إعادة البحث في كيفية تطوير العلاقات العربية والإسلامية عبر انتاج خطاب سياسي وإعلامي جديد بعيدا عن الخطاب المذهبي والابتعاد عن عناصر التفرقة والبحث عن نقاط القوة التي تجمع العرب والمسلمين.
وبعد ذلك جرى نقاش مفصل حول ما قدمه الباحثان وخصوصا حول علاقة تركيا بالكيان الصهيوني وكيفية الحفاظ على التنوع الديني والثقافي في المنطقة وتعزيز دور المسيحيين في المنطقة ودعا المشاركون لضرورة بناء مشروع التعاون العربي والإسلامي على أسس سياسية قوية وفاعلة .