“سم في الهواء” سيرة وطن العذابات الذي يقتل ابناءه | بقلم دلال قنديل ياغي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
خلف آثار من يبتعدون نستشف بين سطورهم سيرًا لم تكتمل.
روايةُ الكاتب الراحل جبور الدويهي وصلتني متأخرة من رحلةِ سفر.
سيرة وطن العذابات الذي يقتل ابناءه، بالحنين أو بعذاب البقاء. كأنهم يحتاجون عكازاً ليُخفوا عجزهم عن المضي،كالذي إختاره الكاتب لبطل الرواية.
الى أن يضعوا أقدامهم على الحافة، يحلقون مع الحمام ،لتكون النهايات مفتوحة على التوجس والقلق.
بعد غياب الأم والعمة، يصبح الراوي أكثر هشاشة .
ذاك المتمرد الذي يستكين بعد زواج فاشل،وسجن سنوات قصاصاً على تعنيف زوجته المتحولة من مفاهيم التحرر الى التدين فالعلمانية .
يشهد الكاتب موت المدينة من مرتفع يكشف تلوثها، خرابها.
ينتقي فينا جبور الدويهي تلك الخبايا من ذكريات الحرب ،سمومها، ومتاريس القتل على الهوية، والقنص الذي يختاره “هواية” ببندقية هي ما أورثه اياها ملهمه وصديقه المبهم،في حقيبة ركنها بأمانات الاوتيل الذي جمعهما.
أحلام التغيير تتسرب كصاعقة، تأتي وتذهب في لمح البصر، لمجموعة من التروتسكيين، في الجامعة سكن وجدانه قائدها ، إختفى هو الآخر. لم يبقَ منه سوى صورة معلقة على جدار.
“سم في الهواء”
ككل ما تركه جبور الدويهي من روايات يشدنا الاسلوب ،اللغة، الحبكة.
…وهذه المرة نستعيده بحنين الحزن الدفين لرحيل من لا تعويض لغيابهم.