إنتصار الدم على السيف في تشيّيع السيّدين نصر الله وصفي الدين | بقلم د. رنا منصور

أيّها الأحرار، أيّها المُضحّون، أيّها الذين تحملون في قلوبكم نور الحق وإرادة التحرير غداً، ستتدفّق الجموع المليونيّة كَالبحرِ الهادر لتوديع شهيدَيِ الأمّة، السيّدين نصر الله وصفيّ الدين، ونحن نُدركُ أنَّ الدماء الطاهرةَ تَنطق بالحق، وتصرخُ في وجه السيّف الغاشم: “إنَّ الحقَّ لا يُقتلُ عندما يُغتال الشهيد، بل يُخلّد ويَنتصر!”
غداً ستزحف الحشود كلّها من كلّ فجٍّ لتشيّع شهيدَيْها، وهذه ليستْ إلّا رسالة للعالم وللصهاينة المحتلّين: أنّ الأُمّة التي تلدُ من دماءِ شهدائها حياةً جديدةً، وقوّةً لا تُقهَر، هي أُمّةٌ لا تعرفُ الهزيمة. فالشهيدُ لا يغيبُ، بل يصيرُ شعلةً تضيءُ درب المُقاومين، وإرثاً يُحرّك ضمائرهم ويُحيي الأملَ في قلوبهم.
نعم، لقد حاول السيف الصهيونيّ أن يُسكت صوت الحقّ، وأن يَقطع طريق النضال بالقنابل والمتفجّرات، لكنّهُ واجهَ حقيقة أقسى من كلّ سلاح: حقيقة أنّ دم الشهيدِ يُنبِت أُمماً، ويُعيدُ تشكيلَ تاريخٍ. فما أسرعَ ما تتهاوى قوّة السيفِ أمام إرادة الشعب التي تُصاغُ بالإيمان والوفاء!
غداً ستتحوّلُ جنازةُ الشهيدَيْن إلى مهرجان انتصار للكرامة والإرادة. فكلّ خطوةٍ في هذا التشيّيع هي خطوة نحو تحريرِ القدس، وكلُّ هتافٍ هو إعلانٌ بأنّ “إسرائيل”، مهما طالَ الظلامُ، مصيرُها إلى زوال.
وإننا لننظر من اليوم إلى هذه الجموعِ المتدفّقة من ٦٧ دولة، الغاضبةِ، المُتحدّيةِ، والحاشدةِ لنقول إنّها تُجسّدُ حقيقةً واحدة: إنَّ الحقَّ يُولدُ من رحمِ التضحيات، وأنّ دماء الشهداء هي البذورُ التي تُنبتُ حرّية الأوطان. فطوبى لأمّةٍ تعرفُ قيمةَ دمائها، وتُدركُ أنَّ النصرَ رغمَ كلّ السيوف آتٍ، لأنّ الحقَّ أبقى، ولأنّ إرادة الحياة أقوى من كلّ محاولات القتل!
وَسيَغْلِبُ الحَق الباطِل… إِنّ الباطِل كان زهوقاً.