نبيه برّي.. المواجهة مستمرة … بالإنجازات | بقلم د. حسين نابلسي
سبق أن نشرت هذا المقال على أحد المواقع الاخبارية والتي برزت مع ما عرف وقتذاك انتفاضة 17 تشرين اول 2019 التي سرعان ما تغيرت وجهتها واهدافها الاولية واصبحت مجموعة من الافراد تسعى لتنال من رموز وشخصيات وطنية فكتبنا جملة وقائع وحقائق ناصعة عن دور ومنجزات دولة الرئيس نبيه بري بمعرض تأكيد المؤكد وتذكير البعض، بدوره الرائد من أجل لبنان الدولة والمؤسسات وحمايته وهو الذي دعا إلى الحوار والتلاقي من أجل لبنان دونما تجاوب مشيرا الى خطورة المرحلة ودقتها ولكنهم رفضوا وراهنوا على المتغيرات! وها هو اليوم من جديد وكما في السابق يؤكد للقاصي والداني بأنه ضمانة لبنان الدولة والكيان ضد كل الاطماع وبوجهة كل الاعداء الذين يسعون الى فرض واقع وتغيير مسار ولكنه بالمرصاد كما عرفته الاجيال الماضية وعرفناه وستعرفه الاجيال اللاحقة … قوة لبنان وعنفوانه.
إذا وكما هو معلوما” فالإدارتان الأميركية والاسرائيلية تحاولان رسم خريطة طريقة جديدة مرة بواسطة ادواتهما وأخرى بتدخلهما المباشر لإرباك المقاومة وقواها الممانعة من خلال ما يسمى بالثورة الملونة تنتهي بفوضى خلاقة وصولا لتحقيق أهداف العدو، وأخرى بشن الحروب المدمرة، لم يغب عن عين الرئيس بري وفريقه السياسي هذه المخططات وكانت لها بالمرصاد من خلال سحب الذرائع وخلق الوقائع وانضاج الظروف الموضوعية والذاتية لتطوير أحوال الشعب ورفع مستواه قدر الامكان، وهنا لا يسعنا الا أن نلحظ ما قام به من انجازات و اسهامات في مواجهة ذلك ولا يتسع مقال واحد عن تعدادها بدءا بفتح ادارات رسمية للدولة واقامة المدارس والمعاهد والمستشفيات الحكومية وتشجيع القطاع الخاص وتحسين استغلال مصادر المياه وادارتها ومرورا بتطوير مجال الصناعة والزراعة باستعمال الامكانات العلمية والتقنية، وهذا ما يزعج الاعداء لأنهم يريدون ضعيفا تابعا منفذا لأهوائهم.
إن الرؤية التي جسدها الرئيس نبيه بري وفريقه نقلت الجنوب والبقاع ومعه لبنان من حالة الحرمان الى مفهوم المدنية عبر اقامة شبكة مواصلات برية متمثلة بطريق السلام من الشمال الى الجنوب وعلى طول الحدود والى شق الطرق لربط كل القرى ببعضها وتحسين وتوسيع مرفأ صور والعمل على إقامة مرفأ في الصرفند وإحياء مجموعة شرايين حيوية. كما شجعت تلك الرؤية السياحة وأعادت ترميم آثار وقلعة الشقيف وصور وغيرها من المناطق السياحة واقامة المنتزهات والمطاعم على الشواطىء وكل ذلك كان له مردود اقتصادي اسهم برفع المستوى المعيشي ـالاجتماعي للمجتمع والى العيش ببحبوحة لغالبية اطياف المجتمع خلافا لما كان سائدا في فترة الحكم الاقطاعي.
يرى الرئيس بري أن الطريق الى المستقبل مفتوحة، وأن تاريخ لبنان الحاضر وبالأخص جنوبه وبقاعه منذ ما قبل السبعينات حتى الان كان يعاني من الحرمان وقد تم تفعيل مجلس الجنوب ليرفع المعاناة ويبني الجنوب الذي نحلم به، فكل ذرة من ترابه لنا وعزيزة علينا وهذا شعار الامام موسى الصدر ومن بعده الرئيس بري ومعه المجاهدين. وعندما نستعرض الأحداث التي عاشها، وما تعرض له جنوب الوطن من حرمان واضطهاد وغزو واحتلال منذ أيام الدول العثمانية والانتداب الفرنسي واضطهاد الاقطاع السياسي لرجال الدين والعلم، وتعطيل بناء الدولة والمحاصصة التي حصلت بين بعض الفئات والمذاهب واستلام مفاصل الدولة من قبلهم وبالأخص الوزارات السيادية والاطباق على البنوك والجانب الاقتصادي والمناصب العليا في الفئات الأولى وترك المهن الصغيرة لفقراء الجنوب والبقاع، نلمس الفرق بين ماضينا المرير وواقعنا الحالي.
فالحرمان والمعاناة دفعا القوى الحية والوطنيين الشرفاء للصمود وعدم الاستسلام والوقوف بوجه الاقطاع والعمل على تنمية البشر والحجر، وحانت الفرصة التاريخية لوجود رجل دين وفكر ورؤيا (الامام موسى الصدر) ليشعر بمعاناة الفئات الشعبية وقاد الدعوة لاستنهاض الوطن كله بتصميم وإرادة دون كلل على كافة الصعد والمستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فبنى المؤسسات بفكره ليجسدها الحريصون والامناء على هذا الفكر واقعا عبر مجلس الجنوب وغيره من المؤسسات الانمائية.
لقد أثبت مجلس الجنوب كمؤسسة رعاها الرئيس بري بما لا يقبل الشك أنه أحد دعائم المقاومة المسلحة والنضال السياسي والقانوني والثقافي، فرغم شحّ موازناته ومحاصرته من قبل أعداء التنمية، كان سبيلا لرفع المستوى الانمائي ـالاجتماعي ولمواجهة الجهل والفقر وتأمين الحد الادنى من الحياة الكريمة مع استمرار الاشتباك الساخن والناعم مع العدو المتربص، آخذا على عاتقه قيام خطة شاملة لاستنهاض الانسان والأرض مرتكزين على القيمة الاقتصادية لهذه المنطقة والتي تحدد فرص قيام وتطور النشاط الاقتصادي الزراعي والصناعي والخدماتي والعلمي من خلال تنفيذ البنى التحتية حيث نفذ مجلس الجنوب ما يقارب 187 شبكة مائية وأكثر من 95 بئر لمياه الاستخدام المنزلي وحوالي 165 محطة تحويل كهربائية هذا عدا عن تشييد وتجهيز 9 ملاعب رياضية بمواصفات عالمية ولم تتوقف نشاطات المجلس عند هذا فكان نصيب الجنوب والبقاع الغربي بناء 7 مستشفيات متكاملة وعدد كبير من مستوصفات الرعاية الاولية.
استكمل هذا النهج ودائما بقيادة الأستاذ نبيه بري، وكما بات معروفا للجميع فإن التنمية الاقتصادية شملت كل منطقة وكل القطاعات فتم إقامة فروع للجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة وقد بنى مجلس الجنوب المدارس الرسمية بمواصفات عالمية (ما يزيد عن 280 مدرسة) في كل القرى تقريبا، بالاضافة لإقامة المعارض والمهرجات الثقافية والفنية والمسارح والحفلات والتشجيع عليها لإنعاش الدورة الاقتصادية وزيادة الاواصر الاجتماعية، وعلى مر السنين تم تشجير ملايين الشتول والاستعانة بالبرامج العلمية والتكنولوجيا في تطوير الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية والافادة من مشروع الليطاني والمشروع الأخضر ودعم مشاريع الري وإزالة التعديات والحد من التلوث في نهر الليطاني عبر شراكة مع صناديق ومؤسسات دولية مانحة برعاية وطلب من الرئيس بري شخصيا. ولكن بقي حل مسألة الكهرباء معلقة نتيجة تشابك الملفات وعدم رغبة فريق سياسي بايجاد حل نهائي وفقا لما بات واضحا في السجالات الاعلامية بين أعضاء كتلة التنمية والتحرير والافرقاء الآخرين وهذا ما ترك استياءا عند الناس الذين ما زالوا يطالبون بحلّه سريعا وهذا الامر لا يمكن تحميله للقوى المحلية بل لأركان الدولة والحكومة مجتمعة.
وبناء على ما سبق فان القيمة الاقتصادية والثورة العمرانية لجنوب لبنان نهضت بفعل حكمة ورؤية دولة الرئيس بري وكتلته النيابية من خلال خططها الاستراتيجية لمواجهة أعداء الوطن وتثبيت صمود اللبناني على أرضه وهي مسألة متعلقة بأبناء الوطن جيل بعد جيل كي يتصدوا للعدو الصهيوني في محاولة استيلائه على مواردنا المائية والنفط والغاز في البر والبحر اللبناني وحرمان أهالي الجنوب ولبنان من هذا الحق والمحاولات مستمرة..
برأينا إن الحالة التي نعيشها اليوم هي أشبه بالسنوات العجاف الماضية بدءا من الربيع العربي ووصولا الى الحصار المالي والاقتصادي ومحاولة تقويض عزيمة الناس من اجل تكريس اتفاقات جديدة. ونحن على مقربة من عام جديد وعلى اعتاب استمرار التوترات في اكثر من منطقة اقليمية ودولية لا بد من تأكيد على الانجازات آنفة الذكر والحفاظ عليها وعدم التفريط بها، ومواجهة الدول التي تسعى جاهدة للحفاظ على امن اسرائيل وتشويه صورة الاسلام تارة من خلال تصرفات اعادتنا الى القرون الوسطى سمته صراعات مذهبية و اقليمية اكل الدهر عليها وشرب وتارة توصيف اهل المنطقة بالارهاب.
ان اعتراف الجماهير بما تحقق من مشاريع وانجازات، سيضع الاصبع على الجرح النازف ويقلب الطاولة على ادوات لم تر التحولات والتغييرات التي تتسارع من حولنا وتنبئنا بمرحلة تسويات كبيرة في المنطقة، وستكون بعض الانظمة وقودا وقربانا لها لانها ما زالت تجر العربة للوراء والتاريخ يسير للامام، فكما دفع الارهاب ومن سانده في سوريا ثمنا لحماقاته ستدفع الانظمة والحركات التي تتربص بنا شرا ثمنا باهظا بعد ان استنزفت في اكثر من مكان وسيتخلى عنها اعوانها كما سيتخلى البعض في الداخل اللبناني عن استعلائه ليكون الانتصار لمشروع التنمية والتحرير، ودائما تكون الطاف الله وحكمة الرئيس بري في ذلك فلا يستبدل أو يحل الانتهازيين الفاسدين محل المقاومة التي يحاول الكثيرين تقديمها هدية مجانية للعدو الصهيوني.
وما المواقف الثابتة للرئيس نبيه بري بمواجهة ورفض كل اشكال الحروب الاقتصادية والسياسية والمالية والحربية اليوم والة الدمار والقتل التي تستهدف لبنان وتحاول اعادة عقارب الساعة الى الوراء كل ذلك لن يثنيه عن متابعة طريق الحق وهو يقف بصلابة وشموخ أمام كافة الضغوط والتهديدات الصهيونية ورغبتهم في تقويض انجازاتنا وتشتيت الوحدة الوطنية واحتلال الارض وسرقة الموارد، لكننا على ثقة بأنه سيصمد بوجههم ومعه القوى المخلصة وهذا السبب الحقيقي لما يجري الآن… وسينتصر كما في السابق … بتاريخه وبإنجازاته.