جورج قرم: وضع يدّ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في لبنان بات وشيكاً
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
مقابلة مجلة ماغازين مع المفكر والكاتب جورج قرم ننشرها مترجمة لكون قرم قد عبر دائمآ عن نظرة سلبية تجاه السياسات النقدية والمالية في لبنان
في حوار معه مؤخرا، ألقى وزير المالية اللبناني السابق- جورج قرم- نظرة فاحصة على كل من خطة الإنقاذ التي اقترحها سعد الحريري، والإدارة الكارثية التي يراها متمثلة في بنك لبنان المركزي.
كيف تقيم خطة الحريري للخروج من الأزمة؟
أعتقد أن الدولة مصرة على السير على نفس النهج واتباع نفس السياسات التي تؤدي إلى الوقوع في الأخطاء ذاتها، فتلك الخطة المستقبلية المعروفة بـ (سيدر) لن تؤدي إلا لمزيد من قبضة الدول الغربية على مقدراتنا واقتصادنا. يكفي أن نسعى إلى الحصول على المزيد من الاستثمارات وتحسين أحوال الاستثمارات الحالية من أجل النهوض بالاقتصاد، وليس مجرد إهدار الأموال على بعض المشروعات التي لا يستفيد منها سوى مقاولو الأشغال العامة. لذا أرى أن سيدر ما هو إلا قيام الدولة بالحصول على المزيد من القروض.
سيدر هو جانب واحد من الخطة، ألا تعتقد أن تخفيض العجز بنسبة 63% وميزانية بلا ضرائب تعد بمثابة نوع من المقاييس الإيجابية؟
دعني أقول لك أنه يمكنني دائما أن أخصص لك جزء من اليمزانية عندما يكون لدي فائض ولكني في الوقت ذاته أعرف جيدا أنني سأواجه نوع من العجز. تسعى الحكومة عادة إلى تقليل العجز بصورة مصطنعة، فوزير المالية الذي أراه ديكتاتورا في إدارته هو شخص واهم عادة. ولعل ذلك ما يدفعني إلى التساؤل، كيف يمكن إسناد مهام وزارة المالية إلى تلك الجهات المعروفة بإهدارها للأموال وسوء إدارتها!
ما رأيك في الشق المتعلق بالخصخصة من الخطة؟
أراها عملية تستهدف إفقار الدولة بالكامل، في الوقت الذي تعد فيه الاتصالات هي المصدر الثاني لإيرادات الدولة، فإذا أردنا المزيد من إضعاف الدولة فلنسعى نحو الخصخصة.
إذا فأنت لا تؤمن بتلك الخطة، أليس كذلك؟
إنها لا تعد خطة من الأساس، الخطة الحقيقية هي التي تعي جيدا الجوانب الاقتصادية التي تحتاج إلى الإصلاح. لذا فأنا لا أراها سوى نوع من هيمنة الليبرالية الجديدة بصحبة أناس يتفنون في اختلاق الأعذار من أجل المزيد من نهب أموال الدولة. فنحن لدينا حكومة توحدية لم تتمكن من تغيير أيا من ملامح سياستها الاقتصادية، فهي حقا يمكن تشبيهها بـ قطار أعمى.
كيف تفسر الإغلاق طويل الأمد للبنوك؟
أعتقد أن البنك المركزي في لبنان قد تلاعب بالنظام المصرفي، لقد رحل المصرفيون وهم على يقين تام بمعدلات الأرباح. فنحن اليوم لدينا نظام مصرفي منهك للغاية ويعاني من الانحراف والتدهور، وذلك في ظل سيطرة البنك المركزي على أكثر من نصف الميزانية العمومية للبنوك.
تشير الأرقام إلى أن الأصول المصرفية تصل إلى 250 مليار دولار، والودائع البنكية تقدر بـ 170 مليار دولار، هل هذه المبالغ لا تزال موجودة؟
في الحقيقة هناك تشابك وارتباك كبير بين كل من أموال البنك المركزي وأموال البنوك الأخرى. فهي الشئ ومثيله تماما ويصعب التمييز بين كليهما.
ماذا لو تم إعادة فتح البنوك في السياق الحالي، فهل سنواجه أزمة انهيار الليرة؟
يجب ألا يحدث ذلك، فالبنوك المغلقة حاليا هي ما تشكل حالة من القلق والذعر في البلاد. في الواقع لقد فعلنا ما تفعله الدول العظمى تماما، حيث يبقى البنك مغلقا مما يحد من عمليات السحب ويجبر الناس على سحب أموالهم من خلال ماكينات الصراف الآلي. إنه فعلا أمر محزن، فذلك البلد الذي كان نموذجا يحتذى به في الليبرالية المصرفية والمالية والاقتصادية، قد بات خاضعا لهيمنة كيان ديكتاتوري يعرف بـ البنك المركزي. أعتقد أننا لن نستطيع تحسن أوضاع الليرة إلا في حال تشكيل حكومة جديدة تبتعد كل البعد عن دوائر السلطة الحالية وذلك من أجل مساعدة الاقتصاد اللبناني في استرداد عافيته من جديد.
في مقابلة سابقة له في 28 أكتوبر مع شبكة سي إن إن، قال رياض سلامة بأن لبنان قد أوشك فعليا على الانهيار، وذلك قبل تصريحاته لـ رويترز والتي قال فيها بأن لبنان يحتاج إلى حل عاجل، فما تعليقك على ذلك؟
في الحقيقة، أنا لم أر محافظ بنك مركزي قط يضر ببلده بتصريحات خطيرة مثلما هو الحال لدينا في لبنان، أرى أنه قد حان الوقت لمحاكمة هذه الإدارة الغير معقولة للبنك المركزي. لقد امتلكت شركة للطيران بما يخالف القوانين تماما، لقد أقحمت نفسها في كافة القطاعات الاقتصادية وغيرها. وما يصعب استيعابه أيضا هو وجود هيئة في وزارة المالية تسمى مفوضية الحكومة في البنك المركزي والتي من المفترض أن تقوم بمراقبة أدء هذه المؤسسة المصرفية الكبرى والتأكيد على قيامها بمهامها الأساسية في الدولة، والغريب في الأمر هو ان هذه الهيئة لم تصدر أية تقارير منذ سنوات.
إذا أنت ترى بأن البنك المركزي في أصل كل الشرور، أليس كذلك؟
نعم، البنك المركزي هو المسئول عن الأزمة الحالية، فالنظام فاسد للغاية، ولو كان هناك إدارة تتمتع بقدر من الحكمة، لما كان الحال كما هو الآن. فقد عانينا كثيرا من أفعال تلك المؤسسة المصرفية والتي قامت بتقديم قروض مدعومة لبعض الأثرياء مثل نجيب ميقاتي لتمكينه من شراء المزيد من الشقق السكنية.
ما هي العواقب والآثار الملموسة على حياة اللبنانيين في حال انهيار الاقتصاد؟
لحسن الحظ، لقد تمكن الكثيرون من بناء منازلهم قبل الأحداث الأخيرة. ونحن نتحدث حاليا عن 2 او 3 مليار دولار كان من الممكن توفيرها، فالخطأ الفادح الذي ارتكبه البنك المركزي هو إتاحة تحرير الشيكات المصرفية بالدولار منذ عام 1992، ولولا ذلك، لاستمر اللبنانييون في الدفع بالعملة المحلية، وكنا سنحظى بانخفاض معدل دولرة الاقتصاد بنسبة 30 كما هو السائد منذ عام 1970
بالنظر إلى كل ما سبق، كيف تتنبأ بنهاية الأزمة الحالية؟
أعتقد أن الأزمة الحالية ستنتهي بالمزيد من وضع يد كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وأيضا المزيد من السياسات التقشفية، مما يقلل بالطبع من إيرادات الدولة، لقد ساهمت مؤتمرات باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 وباريس 4 في إغراق الاقتصاد اللبناني.
يطالب المتظاهرون باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط يحتمل أن تنقذ الاقتصاد. ما رأيك ؟
الحكومة التكنوقراطية هي خرافة وليست حلاً، فوراء التكنوقراط ، عادة ما يقف الساسة.
رابط المقابلة اضغط هنا
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا