لبنان : اقتصاد طبقة الواحد بالمئة يتهاوى
السياسة النقدية و ديبلوماسية الحريري إنتهت… هل سيشهد لبنان أزمة مالية إقتصادية أم لا؟
إننا نشهد تماما بداية الأزمة المالية، و وداعاً لصانعي السياسة النقدية القديمة في لبنان. سأطرح السؤال بشكل أصحّ: كيف يكون النهوض من الأزمة الآتية و ما هي سرعة التدهور من الأزمة الحالية اللّتان سوف يتعرض لهما المجتمع والنظام المالي اللبناني ككل؟
بدايةً، و بغض النظر عما تسمعونه “نحن على ما يرام” ، يجب إعادة النظر و التفكير فيما كان يقوله الرئيس الأمريكي ترامب على مدى السنوات الثلاث الماضية: “أخبار زائفة”. عذراً ولكن في مرحلة ما، يتوجّب علينا بتحليل خطاب الرئيس الأمريكي ترامب بمعناه عن الشعارات الزائفة.
. هل تذكرون شعار “سياسة الخدع”؟
ليس من الخطأ في إلقاء اللّوم على العولمة و اللّتي إتفق قادة العالم الحرّ على الانسحاب من الإقتصاد المفتوح لإعادة الإقتصاد المغلق و هذا ما ذكرته في مقالتي السابقة “كلّ دولة لنفسها” و الّتي تشير أنّ أيّ بلدٍ قائم على خطط أقل إستعداداً للتحرك في ضوء النظام السياسيّ الناشئ ، سيعاني أشد المعاناة. يتصرف ‘قادة البلاد’ في لبنان وكأنهم (فوق القانون) ولا ينبت منهم أي مصلحة في توجيه المواطن اللبناني إطلاقاً ، وقد فشلوا بتشكيل نظام إقتصادي و مالي لخدمة الشعب منذ التسعينات. فقد دخل البلد في حالة الشلل من المرحلة الأولى ، ولم يجرؤ أيّ مسؤول بإتخاذ المبادرة الّا في حالات نادرة.
كان ينبغي على الحكومة أن تتجنب الصدام مع شعبها. يجب إستبدال سياسة الثورات بالطرق الديمقراطية لإزالة هذه الأنظمةShifting away from bottom up to up down and it’s totally perfect
كثُرت الشعارات في الفترة الماضية بترويج الإطمئنان ‘طولوا بالكن’ و ‘البلد بألف خير’ (سياسة الخدع)، إنما في الحقيقة ينبغي القلق و الخوف في ما يُنتظر من حالة التراجع المالي و الإقتصادي حيث العقد العالمي الجديد لا يشبه أيّاً من العقود الماضية. بعد انتخاب الرئيس ترامب ، كتب أحد المفكرين الأميركيين في العلوم السياسية Ian Bremmer ، رئيس ومؤسس Eurasia Group الرائدة في مجال البحوث السياسية والاستشارات الإستثمارية وأستاذ في جامعة Columbia -SIPA إن ‘آخر فصل من كتاب الحرب العالمية الثانية انتهى'(1945-2016). سوف أشرح بإيجاز؛ أثناء بداية سياسة الثمانينات وإقتصاد التسعينيات دخل لبنان بشكل غير مباشر من قبل ما بعد الحرب العالمية الثانية (١٩٤٥-٢٠١٦) مع البلاد اللتي تأثرت في هذه المرحلة مما ادّى إلى تأسيس مجتمع ديموغرافي و إقتصادي جديد، ومنذ ذلك الحين ظلت الأموال تعوم داخل البلد في المؤسسات الحكومية اللبنانية و الغير الحكومية من أجل الحفاظ على التوازن وإنشاء نظام اقتصادي ومالي سليم بغايدة دعم السلم الأهلي. لا تلام الدول الغربية والبلاد الأجنبية ، فإنها مهتمة بتحقيق الاستقرار وحريّة الدين و ضمانة الأمن. وكان الغرض من الأموال هو النهوض بدعم السياسية المحلية. ولكن لسوء الحظ ، لقد تحوّلت الجهود لمساعدة الشعب اللّبناني من قبل الغرب إلى دائرة مختلفة بخلافات سياسية داخلية ، جرّ لبنان ببطء إلى وجهة إقليمية شاملة، ولا أشير إلى الثقافة أو اللغة أو التقاليد إنما أشير إلى نظام اقتصادي مفتوح حلّ مكانه نظام مركزي و إحتكاري و حكم سياسي من الأقليّة . ولكن الأهم من ذلك هي العملة التي تريد الإبتعاد عن الدولار الأمريكي
كيف ابتدأ نظام التسعينات هذا
يتذكّر الشعب اللّبناني مواقف رفيق الحريري في ما يختصّ ببدأ تقوية سيولة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي ليصل إلى أعلى مبتاغاه في العقد الماضي. في الواقع ، معظم الرواتب اللبنانية تعطى بالليرة اللبنانية ، وجميع البنوك تدعم الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي سواء في المدخرات أو في القروض ، ما قد أقوله لكم بإختصار ليس بالتفسير الاقتصادي: لا توجد قواعد عالمية في هذا المفهوم الّا في لبنان بتحديد سعر الصرف ١٥٠٠ ل.ل مع تطبيق السياسة النقدية. يؤدي سعر الصرف الثابت تلقائيا إلى إلغاء السياسة النقدية بينما لا يزال النظام المصرفي اللبناني يطبق هذه السياسة.
الاقتصاد العالمي مقابل نظام السياسة النقدية اللبنانية
الجميع فهم الأمر بشكل خاطئ. في ما قد إبتدأت السياسة النقدية ،بدأ البنك المركزي اللبناني بسيولة النقود اللبنانية في حين أن السياسة النقدية ما زالت تطبق. والواقع أن مزايا سعر الصرف الثابت تجعل السياسة المالية Supereffective الذي من هدفها أن تبقي معدل التضخم منخفضا وتخفض أسعار الفائدة. لكن هذا النظام تم إلغاؤه من خلال النظام المالي الذي يطبقه البنك المركزي اللبناني من بيع وشراء سندات الخزينة تحت شروط السعر الأدنى لفائدة المناقصة في السوق المفتوحة Secondary Market حيث من يستطيع دخول Secondary Market هم فقط من الطبقة ١٪ و سعر السوق المفتوح الأولى تفتح حصرياً للبنوك اللبنانية لمصلحة طبقة معينة من الشعب اللبناني
كيف تمّ احتكار السوق اللبناني و كيف ساهم رياض سلامة في صنع فجوة غير عادلة بين الطبقتين Rich and Poor
وضع سلامة مقياس الوصول إلى شراء سندات الخزينة تحت شروط السعر الأدنى لفائدة المناقصة
Secondary Market أو في الحفاظ على مصالح ٪ ١
بدلا من الإهتمام على وضع خطط مالية و نقدية لتعزيز الطبقة العاملة و المتوسطة، تمّ استخدام عملة اليورو بضبط سندات الخزينة بشراء اليورو في عملة الدولار الأميركي بسعر الأدنى وبيعها لاحقاً بأعلى السعر مما جعل توفر العملة الأميركية بكمية معينة في السوق اللبناني و وضع الكمية الأكبر في خزينة المصرف المركزي للتحكم بشراء و بيع العملة، و يتم تخصيص الأرباح المالية بالطبقة ال١% بدلاً من استخدامها لتسديد الدين العام أو دعم القروض للطبقة العامة بدون أي فائدة أو بدون شروط متوجبة. إنّ إستخدام الليرة اللبنانية كعملة للرواتب المدفوعة في لبنان تنقص من قيمة الراتب باستخدامه بالأسواق اللبنانية لشراء السلع و هذا ما يعرف في الإقتصاد Real Money vs Nominal Money؛ أي قيمة الليرة في دراسات ال CPI (Consumer Price Index) و Per Capita Income لا توازي قيمتها الحقيقية مقابل السلع اللتي تباع بالعملة الأميركية و بالتالي هذه السلع لا توازي فرق السعر الدولار الأميريكي بالليرة اللبنانية ممّا ادّى إلى التضخم في الأسواق اللبنانية من بعد رفع أسعار السلع و البضائع مقابل الليرة اللبنانية. هل تعتبر طريقة بيع و شراء سندات اليورو لضبط سندات الخزينة شيئاً عبقرياً؟ أين هي دائرة الاقتصاد السليمة؟
تُحتكر الأسواق المركزية مرّة أخرى من قبل ١ ٪ القابضة على الشركات الكبيرة وتحويل البنوك واللوائح والسياسات لرفع أسعار الفائدة بدلا من جعلها منخفضة. هل شهد لبنان من أي وقت مضى منذ التسعينات بسعر فائدة صفر ٪ على أي نوع من القروض؟ لا
يستمر سعر السوق في التحول حيث ينبغي في الواقع تجنب أي تضخم مع ارتفاع الأسعار بينما لا يزال الحد الأدنى للأجور يتراوح بين 400 و 600 دولار: وينبغي تجنب ذلك بسياسة صرف العملة الثابت
السياسة المالية
في حين أن سياسة الصرف الثابت ساعدت السياسة المالية إلى ارتفاع حاد في إعادة إعمار البلاد فقد فشلت الحكومات المتعاقبة في تخصيص مباشر وفعّال بإستخدامهم في المؤسسات الحكومية على : التعليم ، البنية التحتية ، وتطوير الأعمال والبيئة ،الإنتاج والتكنولوجيا والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي
NGO’s
بالإضافة إلى الفساد المذكور أعلاه الذي أنشأه القطاع السياسي اللبناني ، تم الحفاظ على المنظمات غير الحكومية من قبل نفس طبقة ١٪ للشفقة على الشعب بصرف الأموال بالقروش على حقوقه المدنية بدلاً من استمداد الحقوق شرعياً من موازنات الدولة اللبنانية
القطاعات المصرفية
ساهمت القطاعات المصرفية في إنشاء أقوى احتكار لمصلحة ال ١٪ المدعومة بقوة مركزية من غير ترك أي مجال للمنافسة في السوق المحلّي. وإلى جانب العجز في تخصيص الأموال من خلال السياسة النقدية للأعمال التجارية الصغيرة ، وضع النظام المصرفي اللبناني أعباء إضافية لجعل القروض ميسورة التكلفة. فقط أولئك الذين يستطيعون الرهن هم القادرون على طلب قرض. ومما يُذكر من أهمّ القروض الغير المتوفرة بالكامل إلى الطلاب الجامعيين بأدنى أو بلا شروط للتمكن من تخفيف العبء على الطبقة العاملة و من صنع دائرة إقتصادية ناجحة. ومن المفارقات أن النظام المصرفي اللبناني تمّ إنشاء إدارات صغيرة لدراسة إمكانية بدء أعمال تجارية صغيرة في شكل تقليدي لإستخدام النظام الذي يتفاعل مع سياستهم بدلاً من منح الزبون الحرية المطلقة لإستخدام شركة خاصة أو إستخدام دراساته الخاصة مما أخفض نسبة الفرص لإنشاء أعمال مختصة في هذا المجال.
سرقة النموذج الغربي في بلد صغير وتطبيقها بالعكس هي من أخطر أنواع الإحتكار بدون رقابة دولية. ولكن ها إنّ الدول المنظمة ساعدت المجتمع اللبناني بكشف ألاعيب الأقوى تحكماً بالأسواق المالية و التجارية في لبنان من خلال فاتكا
في الختام ، إلقاء اللوم على رئاسة المصرف المركزي اللبناني و الطبقة السياسية في جمع الأموال من خلال المذكور أعلاه بغياب خطط للتمويل والتخصيص لإدارة حكومية مسؤولة. يُذكر أنّ لبنان هو بلد يعرف بتدفق كمية مال طائلة ويتم إستخدامها بشكل محتكر.
للمؤسف بأن أذكر ما يُستعمل لتضليل المجتمع على طريقة تقليدية بالحفاظ على قطاع واحد متاح لتقييم الوضع الإقتصادي و هو قطاع السياحة مما يضع دراسات مؤشر اسعار المستهلك والدخل المتوسط للفرد ونسبة التوظيف في الظلّ. أذكّر أيضاً بأنّ الشلل الإقتصادي له علاقة مباشرة بأصحاب الشركات اللبنانية اللذين يمتلكون٩٠٪ منها هم الطبقة ١٪ و أمّا الطبقة الغنية تقليدياً والتي تشكّل ٤٪ من المجتمع اللبناني فتمتلك ٦٪ من الشركات الرائدة في تحكم الأسواق اللبنانية تاركين ٤ ٪ من السوق لتتوزع على باقي الطبقات اللبنانية مما يشير أن نسبة الطبقات العاملة والمتوسطة في لبنان تشكل ٩٥٪ . أشير أنّ الأرقام المذكورة أعلاه هي غير مأخوذة من أيّ دراسة أو شركة تطابق الدراسات الإقتصادية بحيث أن لا يوجدReal Index للإقتصاد اللبناني, و كوني متخصصة بالبحوث السياسية والإقتصادية، أؤيّد الأرقام هذه مجمّعة من خلال أبحاثي أثناء مكوثي في لبنان
الخلاصة
إنها المرة الثانية ومن خلال تحاليلي الإستراتيجية أُذكّر بأن الرئيس ترامب يدعو إلى اقتصاد مغلق و كل الأمة لنفسها ، وخلق عالم جديد و بقطع جميع أشكال المساعدات للخارج و استبدالها بدعم شعبه ، وأضيف بما قد يشهد العالم من تغير بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي و النتائج قد تسبب في زعزعة استقرار اليورو مما يضع لبنان في موقف حرج و ضعيف بما ان لبنان لا يتركز على مخططات إقتصادية إنماعلى أموال الغرب ، سندات اليورو اللبنانية في البنك المركزي اللبناني في خطر بعد خروج بريطانيا. وقد وضِع رئيس مصرف لبنان المركزي تحت ضغط لتحقيق الاستقرار في مقابل الدولار ، مما يجعل الدولار أقل توفراً كسيولة في السوق اللبناني .
هل سيظل لبنان يقف ضد ما كان يحفره لسنوات بدون الخطة البديلة؟ هذا يجيب على سؤالي :كم ستبلغ سرعة التعافي المالي الإقتصادي ؟ لا أحد يعرف. ولكن لبنان ليس لديه على الإطلاق استراتيجية للخروج من أزمة بريكسيت الغير متوقعة التي لم يفكر أحد في تأثيرها مباشرة على الشرق الأوسط. كما أكدت تحليلي من خلال ذكر دبلوماسية العملة ونهاية النظام العالمي القديم. منذ الآن أوروبا ستكون منهمكة في إصلاح اقتصادها, و لن يكون هناك أموالاً متدفقة من الولايات المتحدة الأمريكية للمؤسسات الغير الحكومية طالما لا زلنا نشهد دعم بعض الجهات السياسية للجهات الإرهابية. بالرغم أن الطبقة السياسية نجحت بإبعاد الفكر اللبناني عن الفكر الغربي فها هي غير قادرة على ضبط الأوضاع الاقتصادية في الأوقات الحرجة بدون بلاد الغرب. أعطت أمريكا قبضة صاعقة في الاختيار الصحيح لوضع مواطنيها أولاً ممّا يجعل التدفق المالي للخارج صعب جداً ويلزم بالتالي البلاد الغير متأهلة للإكتفاء بالذات أو النئي بالنفس الالتزام للقوانين الدولية من الناحية المالية و الإقتصادية وهي بالتالي تلزم البلاد الأقلّ نظاماً تجاه شعبها بإدارة عادلة. لقد نجح الرئيس الأميركي بوضع أمريكا في القيادة العالمية الأولى . وكما ذكر السيد ترامب في إحدىState Of The Union Address بعض البلدان “will go to hell”، فإنني أخشى أن يكون لبنان واحدا منها إذا” لم تغتنم الفرصة”.
ماذا عن الحكومة اللبنانية الجديدة
تعهّدت الحكومات اللبنانية الجديدة التي تشكلت خلال آخر 4 سنوات بالتغيير حيث أرى أنها حافظت على نفس السياسات القديمة و تم إنشاء خطّة ما تُسمّى ‘الميزانية العامة’ التي هي رائدة في تحويل الوهم إلى حقيقة كاذبة و خداع المواطنين عندما لا توجد أموال فعلية في المدخرات العامة. أكثر من أي وقت مضى و نظرا بحق جميع المدخرات العامة هي في الواقع صفر. كيف ستتشكل البلاد وعلى أي طريق يمكنك قراءته في مقالتي المقبلة.