سمعتهم يتحدثون عن زماننا الذي ما ذقنا به طعم الاستقرار والفرح والذي عشناه بالنكد وبالنقد المتبادل انّه الزمن الجميل حتى أدركت كم كنّا وما زلنا تعساء لأن كل جيل منّا يظنّ الجيل الذي سبقه تافها ليكتشف عندما يصبح بدوره الجيل التافه أن زمانه ما كان الا زمانا جميلا.
الزمن الجميل هو العمر الذي عشناه معاً في السراء والضراء ونجونا منه معاً باعجوبة او بحظ او في لحظة شرود و لا مبالاة ملاك الموت الذي لم يجدنا حتى اهلاً لإلقاء القبض علينا .
ربّما كانت الآخرة بغنى عن اشكالنا .
الزمن الجميل هو الزمن الذي لم نغرق فيه في البحر بين الصخور ونحن نتمسك بدولاب سيارة منفوخ وهو الزمن الذي كنا نلعب فيه كرة القدم بكومة ورق أو كرتون أو بلاستيك جعلنا منهم كرة في الشارع بين السيارات او في حقل مليء بالحجارة بين الصخور والأشجار وهو الزمن الجميل الذي فيه كان حيُّنا يهاجم حيّاً آخرا ب”النقيفة”والحجارة لا لشيء إنما لنعيش الحرب الأهلية مباشرة .
زمننا الذي يقولون فيه انه جميل هو الزمن الذي كنّا فيه نلعن العمر والزمن والمدرسة والكتب والقلم طمعا بمسدس او بندقية حربية او دورة عسكرية لنصبح قتلة تهابنا الناس.
وحده الحظ و عناية الأهل دفعتنا دفعا وبالقوة لنسلك دروب النجاة و نجونا وما إن نجونا والتفتنا للدار حتى مات اهلنا.
أجمل ما في الزمن الجميل اننّا لم نعِ أبدا جماله في حينه إنما مع تعاسة الايام التي دخلنا فيها فيما بعد ليصبح فيه مستقبلنا حاضرنا حاليا أدركنا كم كان الماضي أرحم من التفاهات التي نعيشها حاليًا والتي ستكون أسوأ في المستقبل.
من حفرة إلى حفرة ومن فخ إلى فخّ ومن خيبة إلى خيبة ومن سرقة فردية إلى نهب جماعيّ.
الذاكرة و الحنين خير جراحين تجميل للماضي ،يجمّلا التعاسة ويعظما الأفراح والحقيقة ليست بالضرورة ما نشعره وما نحسه وما نلمسه وما نراه وما نسمعه وما نتذوقه وما نشمّه…
وهمٌ على وهمٍ كاذب.
ما كان لم يكن زمان جميل إنما لحظات ماض ارحم من لحظات حاضر و اسلم من لحظات المستقبل…
ما كنّا جيلاً تافها إلى حدّ هذا الجيل التعيس وأحفادنا ألعن منّا جميعاً.