من ضمن الأطروحات الفكرية والسياسية التي طرحها الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمه الله كانت أطروحة : ضرورات الأنظمة وخيارات الأمة.. وهي تتلخص بانه اذا كانت الأنظمة في بعض الدول العربية والإسلامية مضطرة إلى اتخاذ خطوات سياسية بسبب الضغوطات التي تتعرض لها خارجيا او بسبب بعض الالتزامات التي لا تستطيع التخلص منها فانه من حق الامة ان تعبر عن مواقفها ورايها حتى لو تعارضت هذه المواقف مع سياسات الانظمة وهذا يعطي قوة لكل دولة ويعطيها إمكانية تحقيق بعض الإنجازات.
وقد طرح الإمام شمس الدين هذه الاطروحة في محاضرة خاصة في دار الندوة في تسعينيات القرن الماضي خلال بداية موجة التطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني وتضمنت المحاضرة اراء اخرى ومنها اهمية المصالحة بين التيارات الإسلامية والقومية واليسارية من اجل توحيد الجهود لدعم القضية الفلسطينية وقضايا الامة .
وتم طباعة المحاضرة في طبعتها الاولى من قبل مؤسسة أفق للاعلام وكان يشرف عليها عدد من الاعلاميين ومن ثم طرحت للنقاش والحوار مع العديد من النخب العربية والإسلامية ونالت الكثير من النقاش بين مؤيد ورافض ولكنها شكلت تطورًا مهمًا في الفكر الإسلامي والعربي آنذاك .
واليوم يمكن العودة لهذه الاطروحة والاستفادة منها في مواجهة تحديات معركة طوفان الأقصى والحرب على غزة وفلسطين وتداعياتها في كل المنطقة ، فاذا كانت بعض الأنظمة العربية والإسلامية غير قادرة على خوض الصراع بالقوة ودعم قوى المقاومة بالسلاح والمال والدعم فلتترك الامة تعبر عن رايها ومواقفها عبر التظاهرات وكافة اشكال الدعم كما يجري حاليا في الاردن ولبنان والعراق واليمن ودول اخرى ولماذا تمنع بعض الدول الجماهير من النزول الى الشارع او الذهاب الى معبر رفح لوقف الحصار ضد قطاع غزة ولماذا تضطر بعض الدول لإرسال المساعدات عبر الجو ، ولماذا تخاف هذه الدول من انتصار المقاومة.
وحتى في إطار المصالح القومية والوطنية فان دعم الشعب الفلسطيني اليوم حماية لهذه الدول ومصالحها واية هزيمة الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة ستكون الخسارة لكل العالم العربي والإسلامي.
فهل يمكن الاستفادة من هذه الاطروحة اليوم ونستعيد بعض افكار الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمه الله.