الحياة تحت الصفر للشاعر عباس بيضون الصادر عن هاشيت انطوان أخرجت العزلة من صمتها أدخلتنا دوامة الأنا المتفلتة حيناً والمخنوقة بأجسادنا العليلة ووجوهنا الأسيرة وذكرياتنا الحزينة ..
يومياتنا أسيرة الروتين والعزل والأسئلة العالقة خارج الزمان …
“منفي الى غرفتي أجر أنا كسيحة
من أمام التلفزيون
أسحبها الى السرير
حيث يبدأ عذابها مع الوقت” أمام هذه الدهشة شدنا الشعر لبحث سر البقاء..
هكذا في زمن الحجر تسللت قصيدته الى حيواتنا نبشت اليأس المتآكل دون إندثار الأنا الممحية أسيرة الجدران والكمامة والجماد ..العقل الخيال والعواطف تجدد خلاياها وما خلاها آيل للتطويع والتدمير.
صادم شعر عباس بيضون بعفويته وعمقه متمرس بلغة منتقاة ببساطتها وعمقها يجعل من صور الحياة حتى بإختفائها مشهداً جمالياً يمنحنا دفء التدثر بإنسانيتنا المغزولة بوجع العبور بألم الفقد والحب والتكرار ..
“لا تزال تدور في قلب الشتاء المختفي
مع ذلك أرسلتْ الى المقهى
ذلك الرجل الضخم الهامد
الذي كلما أطبق فمه
تحركت الأرض
من تحتنا”
هكذا يشعل الشعر فينا الأسئلة يعجننا بتلاوين المرارة ..تواصل الأرض حركتها ونحن كيف يمكن أن يلوكنا الجمود؟
العاصفة آخر قصائد الديوان
تكمل بنيانه تقرب الينا صورة أصالة الشاعر الذي يمنح الشعر حياة في لحظة صمت العالم توقفه عن الدوران.
عشرون قصيدة تأتينا متدفقة بدهشة التأمل والمجاهرة بعجز تطويعه يصبح بالشعر ممكناً جماداً نتبادل معه الأدوار تارة يخلع عنا الأنفاس وطورا نمنح أشياءنا أسماء،من فقدنا ..نمنحها الحياة التي فقدنا..
عباس بيضون الكاتب الناقد الشاعر خلف القسوة تظهر قصائده رحمة البقاء ولو بالنفس الأخير تمنح الامل بإنسانية نستشفها عليلة.. غير معدومة.