أسبوع حاسم… فهل ينجو لبنان من هذا القطوع؟ | بقلم أحمد بهجة
أسبوع حاسم سيمرّ على لبنان اعتبارًا من اليوم وصولًا إلى يوم الأحد المقبل، موعد خروج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قصر بعبدا إلى منزله في الرابية، أيّ قبل يوم واحد من انتهاء ولايته الاثنين المقبل في 31 تشرين الأول 2022.
ما يأمله اللبنانيون جميعًا، بكلّ انتماءاتهم وتلاوينهم، هو أن يمرّ هذا الأسبوع على خير، وأن ينجو لبنان من هذا القطوع، وأن يشهدوا انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لأنّ هذا الانتخاب يوفر الكثير من الجدل والتجاذب بشأن الحكومة، خاصة إذا انتهت ولاية الرئيس عون من دون انتخاب خلف له أو من دون تشكيل حكومة جديدة تتولى صلاحيات الرئيس ريثما يكون المجلس النيابي قد انتخب رئيسًا…
ومعلوم لدى المراقبين والمتابعين حجم التأثيرات السلبية للتجاذب السياسي القائم اليوم والمرشح للاستمرار وربما التصاعد بعد الدخول في مرحلة الفراغ، لأنّ الخلافات السياسية والطائفية والمذهبية سوف تكبر وتزداد على خلفية أنّ حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع القيام بمهام رئيس الجمهورية، فيما تقول آراء أخرى أنّ ضرورة استمرارية المرفق العام سوف تفرض القبول بأن تتسلّم الحكومة الحالية صلاحيات رئيس الجمهورية.
لذلك يُجمع اللبنانيون على أولوية التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أو على الأقلّ تشكيل حكومة جديدة هذا الأسبوع، خاصة أنّ التباين الذي يعيق تشكيلها حتى الآن يتعلق بوزير أو اثنين لا أكثر، وبالتالي يجب على كلّ الأفرقاء المعنيّين أن يحسموا هذا الأمر لما فيه المصلحة الوطنية العامة التي يدّعي الجميع الحرص عليها، وإلا تكون ادّعاءاتهم مجرد شعارات على المنابر والشاشات ليس أكثر.
ما تقدّم مهمّ جدًا بالتأكيد من أجل تأمين انتظام العمل في المؤسسات الرسمية، لكنه خطوة أولى في رحلة الألف ميل، إذ لا يكفي أن ننتخب رئيسًا جديدًا للجمهورية أو أن نشكل حكومة جديدة، بل المطلوب كثير وكثير جدًا من الرئيس المأمول انتخابه ومن الحكومة المرجو تشكيلها، لأنّ البلد وصل إلى ما تحت الحضيض، ويمرّ بمرحلة صعبة للغاية على كلّ المستويات بدءًا من صعوبة حتى لا نقول استحالة توفير متطلبات الحياة اليومية للغالبية الكبرى من العائلات اللبنانية، وصولًا إلى انعدام فرص العمل، وإذا وُجدت هناك المعاناة مع تدنّي قيمة الرواتب والأجور قياسًا بتدهور العملة الوطنية بشكل كبير جدًا، مرورًا بضرورة أن توفر الدولة الحدّ الأدنى من الخدمات العامة… (القمح والكهرباء والدواء والاستشفاء والنقل العام والمياه النظيفة في زمن تكاثر الأوبئة وآخرها الكوليرا وانتشارها الكارثي في مناطق عدة).
هذه مهمات لا تنتظر ترف بعض أهل السياسة، بل يُعقّدها ويزيدها أكثر فأكثر ما نشهده من شدّ الحبال في ما بينهم من أجل وزير بالزائد أو بالناقص! والمطلوب من الجميع التضحية ببعض المصالح الخاصة والفئوية من أجل المصلحة العامة، خاصة أننا مقبلون على مرحلة جديدة بعد الترسيم البحري جنوبًا، وهي مرحلة تتطلب وجود مؤسّسات فاعلة وناشطة تتكامل مع بعضها البعض تمامًا كما فعلت في مرحلة ما قبل الترسيم، حيث وُضعت كلّ الحساسيات جانبًا، وتعاون الرؤساء والمسؤولون السياسيون والأمنيون والعسكريون من أجل الوصول إلى النتائج الإيجابية.
هذا بالضبط ما نحتاجه في المرحلة المقبلة، لأنّ الترسيم بحدّ ذاته غير كاف، هو مرحلة هامة جدًا ولكن هناك مراحل آتية تحتاج إلى متابعة ورعاية واهتمام بشكل دائم، وذلك لوضع الأمور على السكة الصحيحة بدءًا من الاستكشاف والحفر وصولًا إلى الاستخراج والبيع، وبين هذا وذاك مراقبة عمل الشركات التي سوف تتولى هذه الأعمال، ومراكمة الخبرات في هذه المجالات، وهذه حسنة ما قام به وزراء الطاقة السابقون والوزير الحالي الصديق الدكتور وليد فياض، من خلال تلزيم البلوكين 4 و 9 فقط وليس تلزيم كلّ البلوكات دفعة واحدة كما كان يُطالب البعض.
هذا في ما خص ملف الغاز والنفط، وهو ملف أساسي طبعًا، لكن هناك ملفات أساسية أخرى لا بدّ من الالتفات إليها، خاصة أنّ الاستفادة المادية المباشرة من الغاز لن تحصل قبل سنوات، وهذا يحتّم على المسؤولين وضع المعالجات اللازمة لملفات الكهرباء والمياه والدواء والطبابة والمواصلات والنفايات… وهذه المعالجات لن يتمكّن لبنان من إيجادها لوحده، وهناك الكثير من العروض المقدّمة للبنان من دول صديقة مثل روسيا والصين وإيران من شأنها إيجاد الحلول لهذه المشكلات التي عانى منها لبنان كثيرًا، وبات من الضروري وضع حدّ نهائي وقريب لهذه المعاناة… وهذا أمر مُتاح ولا يحتاج إلا أن يتولى مقاليد الحكم والسلطة في البلد أشخاص مخلصون ومترفعون يكون كلّ همّهم النجاح في إيصال لبنان وناسه واقتصاده إلى برّ الأمان…