شبكات التجسس: من المتسببين الحقيقيين؟ | بقلم معن بشور
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
إعلان وزير الداخلية القاضي بسام مولوي عن نجاح شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي عن اكتشاف 17 شبكة تجسس اسرائيلية على امتداد لبنان خبر مفرح للبنانيين الذين يحاصرهم القلق والعوز والفقر ويستحّق تحية خاصة لاجهزتنا الامنية التي ما زالت تعمل رغم الاوضاع المتردية ، على غير مستوى، التي تعيشها البلاد.
ولكن هذا الاعلان يطرح اسئلة عميقة على كل المعنيين بأمن البلاد واستقرارها وتحصينها من اختراقات الاعداء، وفي مقدمهم العدو الصهيوني، لأن في الاجابة عليها يكمن التحصين الحقيقي لأمن الوطن واستقراره.
اول الاسئلة هي التي اجاب عليها الاعلان نفسه حيث اشار الى ان الضائقة الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها اللبنانيون تشكّل التربة الخصبة لكل عمليات الاختراق التي تسعى لتمزيق المجتمع اللبناني من داخله وتحاول تدمير كل مقومات الحياة فيه .
غير ان السؤال الآخر الأكثر جديْة وخطورة هو ما قيل عن اسباب عقائدية وسياسية، وتنظيمات مشبوهة تقف وراء بعض عمليات التجنيد، سواء في شبكات التجسْس لصالح العدو او شبكات الارهاب لصالح قوى الغلو والتطرف والتوحش .
الا تستحّق الاجابة على هذا السؤال دراسة معمقة ومتكاملة من قبل القيمين على أمور الدولة والمجتمع، أهل السياسة والاعلام، لمعالجة هذا النقص في المناعة الوطنية في البلاد لصالح دعوات الفرقة وخطاب التحريض بعناوينه المتعددة .
الا تستحّق الاجابة على هذا السؤال التوجه الى بعض الساسة في هذا البلد الذين يستمرأون الخطاب التحريضي، الطائفي والمذهبي، ويغلّبون الاعتبار الانتخابي على الاعتبار الوطني.
الا تستحق الاجابة على هذا السؤال التوجه الى بعض رجال الاعلام، المرئي والمسموع والمكتوب، الذين يتجاهلون ان اول الحرب كلام، وان أول التجسس والارهاب كلام أيضًا، يتفوه به اعلامي في اطلالة اعلامية ليتحوّل الى خطاب تحريضي يغزو الشارع والحي والزاروب ويشعله بمن فيه.
الا تستحق الاجابة على هذا السؤال التوجه الى بعض القيمين على الشأن الاقتصادي والمالي الذين ينفّذون عن وعي كامل مشروع افقار لبنان وتجويع ابنائه واذلالهم والتلاعب بمصادر عيشهم ليتركوهم لقمة سائغة عند كل اعداء لبنان، لا بل الى محاكمة هؤلاء الذين نهبوا اموال الناس وهرّبوها باعتبارهم مجرمين بحقّ الامن القومي للبلد وليس فقط بحقّ أمنه الاقتصادي والاجتماعي.
اننا نعتقد ان كشف شبكات التجسّس أمر يستحق التهنئة والتقدير، ولكن ما يستحق التهنئة والتقدير أكثر هو ان يتمكّن القيْمون على أمور البلاد من كشف المتسببين الحقيقيين في دفع اللبنانيين الى الارتماء في احضان شبكات التجسّس الاسرائيلي او شبكات التخريب والتدمير.
كنّا دائمًا من مدرسة لا تفصل الامن الاقتصادي والاجتماعي عن الامن الوطني والقومي، ونرى انه كما يجب ان تنْصَب المحاكم لمحاسبة اعضاء هذه الشبكات يجب ان تُنْصَب المحاكم لمحاكمة المتسبّبين في سرقة موارد البلاد ودفع البعض الى مهاوي السقوط بيد الاعداء.