لبنان يدخل فعليًا في مدار الانتخابات النيابية… | بقلم أحمد بهجة
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
دخل لبنان فعليًا في مدار الانتخابات النيابية، حيث انتهت منتصف ليل الماض مهلة تسجيل اللوائح في وزارة الداخلية، وستستمرّ الحملات الانتخابية حتى موعد الانتخابات يوم الأحد في 15 أيار المقبل، على أن تنتهي هذه الحملات يوم الجمعة في 13 أيار لأنّ يوم السبت في 14 أيار هو يوم صمت انتخابي وفق ما ينص القانون.
الأرجح أننا من الآن إلى ذلك التاريخ الموعود لن نكون على موعد مع إنجازات اقتصادية تُذكر، وسيبقى الوضع الاجتماعي والمعيشي للغالبية الكبرى من المواطنين على ما هو عليه إنْ لم يتفاقم أكثر فأكثر بكلّ ما فيه من مساوئ ومآس وحالات إنسانية لا يمكن القبول بها بأيّ منطق إنساني.
طبعًا هناك قوى سياسية مشهود لها بمدّ يد المساعدة للناس بشكل دائم، ومن دون طبل وزمر وكاميرات وشاشات… لكننا اليوم في موسم انتخابي حيث تكثر عمليات تبييض الوجوه من خلال بضع كراتين أو قسائم توزع بعراضات إعلامية وإعلانية لمصلحة هذا أو ذاك من المرشحين أو ممّن يُسمّون أنفسهم اليوم رؤساء لوائح، لكنهم بالكاد يستطيعون الوصول إلى الحاصل المطلوب للفوز بالمقعد النيابي من دون باقي أعضاء اللائحة الذين لا يبقى لهم إلا الصور التذكارية ولقب “المرشح السابق”.
على أيّ حال، المفترض أنّ معظم اللبنانيين إنْ لم نقل كلهم باتوا أوعى من أن يتأثروا بمثل هذه المساعدات الموسمية البسيطة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، رغم الحاجة الماسّة إليها في هذه الأيام، لكن التجارب علّمتهم أنّ من يقدّم المساعدات بهذا الشكل إنما يريد تحقيق مصالحه الخاصة على حساب المصلحة الوطنية العامة، وأمامهم أدلّة كثيرة على ذلك، لعلّ أبرزها ما حصل لودائعهم في المصارف، حيث ضاعت أموالهم وجنى أعمارهم وتعبهم في لبنان وفي المغتربات، بينما أصحاب الحظوة من سياسيين وإعلاميين ورجال دين… طبعًا إضافة إلى أصحاب المصارف، هؤلاء استطاعوا تهريب مليارات الدولارات إلى الخارج، ليس فقط من حساباتهم الخاصة المجمّعة في معظمها بطرق ملتوية وغير شرعية، ولكنهم هرّبوا أيضًا مليارات حصلوا عليها كقروض من المصرف المركزي بعد 17 تشرين الأول 2019!
أمام هذه الوقائع الدامغة التي لم تعد تقبل أيّ جدل، وأمام ما يعيشه اللبنانيون من أزمات ومشاكل معقدة بات من المؤكد أنّ اتجاهات التصويت لن تكون بمعظمها لصالح أولئك الذين كشف الناخبون ألاعيبهم وخبروا وعودهم الكاذبة في أكثر من دورة انتخابية سابقة، بل ستصبّ الغالبية العظمى من الأصوات في مصلحة الذين صدَقوا مع الناس في كلّ الأوقات…
المهمّ أن تأتي الانتخابات النيابية المقبلة بأكثرية مريحة لهؤلاء الصادقين حتى يتمكّنوا من إقرار التشريعات والقوانين التي تحتاجها عملية النهوض بالاقتصاد الوطني، والتي يجب أن تقوم بها السلطة التنفيذية المنبثقة عن الأكثرية المريحة الآنفة الذكر، وخاصة على صعيد الإجراءات السريعة التي توفر للبنانيين الأمان الاجتماعي ولو في حدّه الأدنى ريثما تتحقق الإجراءات المتوسطة والبعيدة المدى الكفيلة بتوفير الحلول الجذرية المستدامة…