د. طلال حمود يحاور توفيق شومان : هل أعطى صندوق النقد الدولي جرعة أوكسيجين للسلطة الفاسدة قبل الإنتخابات؟
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
في إطار متابعة ملتقى حوار وعطاء بلا حدود بالأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية التي تعصف بلبنان منذ أكثر من أربع سنوات، وبعد ان كان قد طرح للبحث مع العديد من الخبراء والمعنيين ملف المفاوضات الجارية بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي والشروط والعقبات والمآلات المأمولة من هكذا إتفاق، حاور منسق الملتقى ورئيس جمعية ودائعنا حقناد. طلال حمود الكاتب والمحلل السياسي اللبناني الاستاذ توفيق شومان بشأن اتفاق الاطار أو اعلان النوايا الذي تم الاعلان عنه منذ يومين في بيروت بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي.
قال حمود إن الأسئلة المشروعة التي يطرحها اليوم كل مواطن لبناني متابع لهذا الملف هي الأسئلة التالية:
١-هل أن هذا الإتفاق من حيث توقيته الملتبس وقبل حوالي ٤٥ يومًا تقريبًا من موعد الإنتخابات النيابية في لبنان يشكل جرعة اوكسيجين للطبقه السياسية الحاكمة لإستكمال سياساتها الريعية والقضاء على اي حلم بالإنقاذ الحقيقي في لبنان؟ وهل هذه هي خطة التعافي الإقتصادي والمالي الجذرية الإصلاحية التي تمكن لبنان واللبنانيين من مواجهة الأزمة الخطيرة وغير المسبوقة، وهل تضمن توزيعًا عادلًا للخسائر لمصلحة صغار المودعين وماذا عن إستعادة الأموال التي هربها كبار النافذين إلى خارج لبنان؟
٢- هل هذا الإعلان المبدئي يضع الكرة في ملعب السلطة اللبنانية لناحية اجراء الاصلاحات المطلوبة لجهه إقرار موازنة حقيقية وهيكلة واصلاح قطاع المصارف واقرار قانون الكابيتال كونترول ووضع خطة لإصلاح قطاع الكهرباء وما إلى ذلك؟
٣-هل سيكون لهذا الاتفاق تأثير على الوضع الاقتصادي في لبنان لناحية انخفاض سعر صرف الدولار في المرحلة القريبة وبالتالي المساهمة في تهدئة الامور من الآن وحتى اجراء الانتخابات النيابية وبالتالي سيكون بمثابة جرعة تخديرية ستعتمد عليها قوى السلطة في محاولة سعيها لإعادة الإمساك بزمام الأمور والإستمرار في ذات النهج؟
٤- هل ان الطبقه السياسية المتسلطة في لبنان وبكل ما فيها من تناقضات وتوجّهات ورؤى ومصالح متعارضة ومتنافرة حول الكثير من الملفات ستكون قادره على تمرير وإقرار كل الشروط القاسية التي يطلبها الصندوق ضمن هذا الاتفاق المبدئي وكيف من الممكن ان يتمّ التوافق على كل هذه البنود في ظل هكذا تجاذبات؟
يقول الكاتب السياسي توفيق شومان ردًا على هذه الأسئلة وغيرها ان الذي جرى اول من أمس هو تفاهم وأكد على أهمية استخدام “مصطلح” اكثر علميةً مما يتم الترويج له في وسائل الاعلام. فالذي جرى هو تفاهم وليس إتفاقًا، وبالإمكان ان نقول انه “اتفاق اوّلي” او “اعلان نوايا” او “خارطه طريق”. لكن هذا الاتفاق غير مُلزم لصندوق النقد الدولي وفي الوقت ذاته يشكّل مدخلاً أساسيًا للوصول إلى الاتفاق الكامل النهائي الرسمي الذي يُلزم هذا الصندوق المالي الدولي باقراض لبنان بحسب ما بين ٣ إلى ٤ مليارات على مدى اربع سنوات. ومن ضمن بنود هذه الركائز: أولًا اعاده اصلاح قطاع الكهرباء في لبنان، ثانيًا اعاده هيكله القطاع المصرفي، ثالثًا إقرار قانون الكابيتال كونترول او تقييد السحوبات الماليه الى الخارج، رابعًا وهذا بند اساسي صياغة موازنة او التوصل الى موازنه ارقامها حقيقية وليست وهمية.
يضيف شومان “طبعا هناك مطالب أو بنود اساسية أخرى مثل استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، والتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان ورفع السرية المصرفية. هذه أهم البنود التي جاءت في التفاهم. وأكمل شومان هنا تُثار أسئلة كثيرة، فلماذا هذا التوقيت بالتحديد للإعلان عن التوصل لهكذا تفاهم؟ وبالتالي هل هناك جهات دولية تعمل على إعادة انعاش القوى السياسية اللبنانية خصوصًا في مرحله ما قبل الانتخابات اللبنانية المقررة في ١٥ ايار من الشهر المقبل وهل هذا التوقيت بريء”؟
وتابع شومان أنه حتى يتحول هذا التفاهم الى اتفاق رسمي هو بحاجة الى اقرار من الحكومة اللبنانية اولًا، وثانيًا بحاجة الى المصادقه عليه من المجلس النيابي اللبناني. بعد ذلك يُرفع الى صندوق النقد الدولي حيث يجب ان توافق عليه اداره الصندوق. وهناك قواعد معينة تفرض على صندوق النقد الدولي ان يُسمّي التفاهمات او الاتفاقيات المبدئية بإتفاق موظفين، وهذا لا يُلزم ادارة الصندوق لاحقًا بالموافقة عليه بشكلٍ حتمي.
اما بالنسبه الى البنود:
لماذا إقرار قانون الكابيتال كونترول هو مهم جدًا بالنسبه لصندوق النقد الدولي؟ والجواب هو لأن ضخ ٣ او ٤ مليارات دولار في لبنان من طرف الصندوق يجب ان تُصرف في لبنان عبر برامج ومشاريع معينه يُشرف عليها صندوق النقد مباشرة. وبالتالي يُشدّد الصندوق على عدم خروج هذه الاموال مره ثانيه من لبنان. ويُؤكّد على انّ الاموال التي ستدخل الى لبنان يجب ان تصرف في لبنان ولا تُهرّب او تخرج من لبنان بالطريقة نفسها التي اخرجت فيها مليارات الدولارات كما هو معروف من المصارف اللبنانية. وهذه النقطة عالقة وبحاجة الى حلّ سريع من الحكومة اللبنانية ومن مجلس النواب اللبناني. ونحن نعرف ان السلطة تباطأت كثيرًا وعجزت حتى اليوم في إقرار قانون الكابيتال كونترول العادل والمتوزان الذي يحظى بموافقه الحكومه ومجلس النواب. و مازال يشهد هذا البند الكثير من الأخذ والرد والإرتجال احيانًا. ولا بد لنا ان ننتظر الى ما يمكن ان تؤول اليه الأمور حول هذه الركيزه الأساسية المطلوب وضعها منذ اكثر من سنتين والتي تشهد صراع مصالح قوى ومحاولات مماطلة وتأجيل متكرر بين المستفيدين وغير المستفيدين من إقرارها.
اما الركيزة الثانية يتابع شومان ردوده “اي اصلاح وهيكلة القطاع المصرفي فالقيام بهذه الخطوة يعني الاعتراف الضمني من القوى السياسية اللبنانيه، والقوى المالية والاقتصادية ان هناك تعثّرا في القطاع المصرفي.
وهذا اعتراف رسمي وبالوقت ذاته هذا اقرار من المجتمع الدولي وخصوصًا الجانب المالي منه أيضًا أن المصارف اللبنانية مُتعثّرة. وفي هذا الإطار يوجد مجموعة من الطروحات، الطرح الأول هو دمج المصارف، والطرح الثاني هو بيع بعض المصارف وطروحات اخرى.
وهنا تكمن أيضًا عقده حقيقيه في إعادة هيكلة القطاع المصرفي. وعلى رأس إعادة الهيكلة يرد بند خفض عدد المصارف وهذا يعني ان هناك الكثير من القوى المُسستفيدة من هذا القطاع ستُنحّى جانبًا بشكل حتمي.
وبالتالي يجب الاتفاق على قوى جديده تدير القطاع المصرفي الجديد. والسؤال الذي يبرز هنا : من هي الفئات والجهات التي تستفيد من اعادة هذه الهيكله؟ وهل يُمكن ان تتوافق القوى السياسية اللبنانية على اعادة الهيكله وبالتالي يتمّ توزيع القطاع المصرفي الجديد بناء على محاصصة طائفيه ومذهبيه وماليه واقتصاديه جديدة؟ وفي الحقيقه هذه ايضًا نقطة عالقه ولا يمكن التنبؤ ابدًا بها لأسباب واضحة ومعروفة للجميع. وبالتالي قد نشهد حربا سياسية، إقتصادية، واعلامية بين القوى التي تسعى الى الإستفادة من اعادة الهيكلة. ولذلك تبقى هذه النقطة معلقة ايضًا في الوقت الحالي وسوف تحاول جمعية المصارف واصحاب المصارف المحسوبون بشكل او بآخر على قوى سياسية وشخصيات نافذة في البلد عرقلتها كما بدأنا نسمع بعد مرور ايام على الإعلان عن هذا التفاهم.
وبالتالي يبقى صندوق النقد الدولي ينتظر كيف ستتوافق القوى النافذة في لبنان على هيكلة القطاع المصرفي وإعادة تنظيفه وترتيب وضعه. لذلك حتى هذه الركيزة، الموجودة بالتفاهم تبقى عالقة وهي بحاجه الى حسم وجزم.”
المسأله الثالثة بالنسبة إلى شومان “هي السرية المصرفية التي تعني كشف الحسابات. وهذه السرية تطال ايضًا العمليات المالية المشبوهة والغير اخلاقية للبعض على الأقل اذا ما سلّمنا جدلًا بقانونيتها والتي حوّلت وهرّبت الكثير من الأموال والرساميل الى الخارج. وهنا ايضًا نحن نعرف ان غالبيه القوى السياسية اللبنانية او القوى المستفيدة التي هربت اموالًا بالبليارات يفترض عليها في هذه الحالة ان تكشف حساباتها، وبالتالي ان يتمّ التوصّل الى الطرق والسبل التي من خلالها تمّ تهريب هذه الاموال.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ايضًا هل ان القوى النافذه مستعدة للكشف عن حساباتها والكشف عن الطرق والسبل التي أدت الى إخراج الأموال من لبنان؟ وبالتالي ايقاع لبنان في حاله كارثيه لم يسبق لها مثيل لا في التاريخ القديم ولا في تاريخه الحديث، خاصةً وان الازمة اللبنانية كما تقول كل التقارير الدولية هي ثالث ازمة في العالم على هذا المستوى الكارثي منذ منتصف القرن التاسع عشر. أنا شخصيًا اشك بأن القوى السياسية النافذه يمكن أن ترفع الغطاء عن حساباتها المالية وتنكشف وبالتالي استبعد ان تخطو هذه الخطوة لأنها ستبدو كأنها تحاسب نفسها وهذا مستحيل”!
النقطه الرابعة يقول شومان هي إصلاح قطاع الكهرباء. “فقد لاحظنا في الفترة الاخيرة انه تمّ التوافق على اصلاح هذا القطاع. وكانت مشكلة “معمل سلعاتا” نقطه عالقه منذ حكومه الرئيس حسان دياب. وأعيد مؤخرًا اقرار الخطة بدون معمل سلعاتا على ان يبنى معمل على الساحل ولكن دون توقيت زمني له. والكل يعرف ان قطاع الكهرباء يستنزف ميزانية الخزينة بعجز تتراوح قيمته بين مليار ومليار ونصف المليار دولار اميركي سنويًا تقريبًا. بمعنى آخر انه لو توافقت القوى السياسية على اصلاح قطاع الكهرباء منذ ٥ سنوات كنا قد وفّرنا ما يقارب الـ ٥ مليار دولار، وبالتالي لم نكن بحاجه للإستدانة من صندوق النقد الدولي، ولكن التجاذب الحادّ والصراع السياسي المقيت الذي عصف بالقوى السياسية اللبنانية ادّى الى مزيد من الاهتراء في القطاع الكهربائي والى مزيد من العجز المالي في الخزينة اللبنانية، وحدث ما حدث وبالتالي لسنا بصدد شرح التفاصيل التي اصبح الكل في فضائها واجوائها. واليوم اصبح اصلاح قطاع الكهرباء مطروحًا انطلاقًا من خطه الحكومه اللبنانية، ولكن ايضًا من ضمن الاسئله التي يمكن توجيهها الى القوى السياسية اللبنانية، هل هي فعلًا يمكن ان تلبّي مثل هذا الشرط وتنطلق بعمليه بناء المعملين في الزهراني ودير عمار وبالتالي تضع خلافاتها جانبًا، وجوابي الأولي أن إمكانية حصول ذلك مستبعدة ايضًا”.
يستدرك شومان بالقول “لكن هذا البند (الكهرباء) وضعه صندوق النقد الدولي، وهو يصرّ عليه. فهل الصندوق لديه الثقه في القوى السياسية اللبنانية التي ستكون طيلة هذا الوقت تحت الاختبار وتحت الامتحان”؟.
ويكمل شومان، “نأتي ايضًا الى نقطه أساسية هي الموازنة. والمطلوب هو موازنه شفافة، فيها خفض للعجز بنسبة كبيرة وفيها معايير محددة للموازنات التي يفُترض ان يكشف عليها صندوق النقد الدولي وبالتالي يجب ألا يكون فيها اي أرقام وهمية ولا ارقام دفتريه وما الى ذلك بل أرقام حقيقية. والمؤسف أنه لغاية اليوم الجميع يعرف ما هي حال الخطط الموضوعة للموازنة. وفي الوقت ذاته ان الموازنه المطلوبة يجب ان تحتوي على مشروع انقاذي حقيقي وخطط استثمارية واسعة وبنود إصلاحية جذرية والا فستبقى الموازنة اللبنانية تحت عجز دائم وهائل.
وهذا ما لم تلحظه كل الموازنات الوهمية السابقة. ولكن في هذا المرّة يُطالب صندوق النقد بموازنة شفافة وحقيقية، وهذا يعني مره اخرى ايضًا ان الصندوق يلقي الكرة في ملعب القوى السياسية اللبنانية التي تعوّدت على عدم لحظ هكذا أمور. والسؤال هنا يضاف أيضًا الى مجموعة الاسئلة السابقة فإلى أي حد يمكن ايضًا ان يصار الى تقديم موازنة لبنانية شفافة، حقيقية وذات مصداقية، هنا بيت القصيد، ذات مصداقية وليست ارقام دفترية وهمية. شخصيًا أنا اشك بذلك أيضًا”.
وحول تحديد الخسائر الماليه وتوزيعها، يقول شومان “هناك رقم رسمي تم اطلاقه والاعلان عنه منذ فترة بأن الخسائر المالية تبلغ ٦٩ مليار دولار.
في حين ان ارقامًا اخرى تتحدث عن ان الخسائر المالية الحقيقيه تتجاوز هذا المبلغ، لنتوقف عن ما له علاقه بالرقم المفترض اي ٦٩ ونزيد عليه مليار دولار اي ٧٠ مليار دولار. فهناك خلاف حقيقي بين المجموعات السياسية والمالية والاقتصادية التي تدير عملية تحديد الخسائر وكيفية توزيعها. وهناك أربع جهات من المفترض ان تتحمل هذه الخسائر، اولًا الدولة اللبنانية، لأنها صاحبه القرار وهي التي كانت تقترض من مصرف لبنان ومن جهات دولية وهي تصرف، الجهة الثانية هي مصرف لبنان وهو المعني أيضا بعملية الاقراض، وهو الذي كان يعطي أموالًا للدولة اللبنانية، الجهه الثالثة هي المصارف اللبنانية التي كانت تقرض مصرف لبنان وتستفيد ايضًا من مصرف لبنان، والجهة الرابعة هي المودعين.
كان هناك اتجاه غالب لدى مكوّنات السلطة السياسية والمالية وبضغط من جمعية المصارف على تحميل المودعين النسبة الأكبر من الخسائر.
والمفارقة الكبيرة في هذا الأمر بأن صندوق النقد الدولي يطلب كما سمعنا وعلمنا من خلال عدة تصريحات لمسؤولية عدم تحميل الجزء الاكبر من الخسائر الماليه للمودعين، ويبدو للجميع وكأنه أكثر رحمة من القوى السياسية اللبنانية ومن القوى النافذة في لبنان. ولغاية الآن لا يوجد اتفاق على كيفية توزيع الخسائر ومن يتحمّل النسبة الأكبر من الخسائر، هل المودعون، هل المصارف هل المصرف المركزي او الدولة اللبنانية؟
ولكن الاتجاه الغالب والسائد والشائع الذي تسوّق له قوى السلطة وحاكم المركزي والمصارف بأن المودعين هم الذين سيتحمّلون النسبة الاكبر من هذه الخسائر. لكن صندوق النقد يرفض ذلك لانه سيؤدي الى اضطرابات اجتماعيه ويعتبر حتى الآن ان هذا الحلّ ليس عادلًا؟!
ويشير شومان إلى بند التدقيق في حسابات مصرف لبنان، فيقول “الكل يعرف لغايه الآن انه لا يوجد تدقيق حقيقي وكشف حقيقي ومعمّق وشفاف في حسابات مصرف لبنان. كيف خرجت الاموال من مصرف لبنان؟ كيف تم اقراض الدوله اللبنانية وكيف تمت الهندسات المالية؟
وكيف تمت ايضًا استفاده القطاع المصرفي اللبناني من الاموال الموجودة في مصرف لبنان او من مالية الدولة؟ وهناك الكثير من الاسئلة التي طالبت بها شركات التدقيق المالي التي اتت الى لبنان والتي لم تصل اليها مما اضطرها للإنسحاب دون إكمال المهمة! اما صندوق النقد الدولي فيقول انه لا بد من تدقيق شفّاف في حسابات مصرف لبنان. فهل يصار الى توافق بين القوى السياسية اللبنانية من اجل ان نصل الى تدقيق نهائي لنعرف كيف أخرجت الاموال من لبنان وكيف سرقت الأموال في لبنان؟
وما هي المشاريع التي تم تنفيذها وصرف هذه الاموال عليها؟ كل هذا غير معروف، وصندوق النقد الدولي مصرّ ان يعرف كل هذه الحقائق. ولكن هل ستتجاوب معه القوى السياسية ام لا؟ ولكن ضمن السياق العام، تبرز مجموعه كبيرة من الشكوك. وعلى قاعدة انه لو كان هناك رغبات حقيقية ونوايا حقيقية للتدقيق المالي كان المركزي كشف حساباته وسجلّاته وكان قد تمّ التوصل الى نتائج معينه منذ فتره طويلة. ولكننا لم نصل لغاية الآن الى اية نتيجة، وهذا امر مشكوك به ان تصل الامور الى النتائج الاخيرة، وهذه أيضًا عقدة كبيرة”.
لماذا تمّ الإعلان عن التفاهم بهذا التوقيت تحديدًا؟ يجيب شومان “هناك وجهه نظر تقول ان القوى الدولية التي تقف وراء صندوق النقد الدولي تعطي جرعه للقوى السياسية اللبنانية قبل الانتخابات النيابية، علمًا انها كانت يائسة ومُحبطة من هذه القوى وربما كانت تعمل على اسقاطها، او اعاقتها او ايجاد موازين قوى سياسية جديدة في لبنان في فترات سابقة.
اذا لماذا تم التوصل الى هذا التفاهم قبل الإنتخابات النيابية؟ حقيقة هناك أكثر من إجابة على هذا السؤال، الاجابة الاولى ان صندوق النقد الدولي عندما تطلب منه دولة معينة لا يمكن ان يقول لها انه يرفض اقراضها.
وهذه من قواعد الصندوق، ولبنان بنظامه السياسي الحالي وبقواه السياسيه هو دوله مُعترف بها اقليميًا وعالميًا. وبالتالي إن طلبت الدولة اللبنانيه قرضًا او مساعدة مالية لا يستطيع الصندوق أن يرفض هكذا طلب. ولكن ومع موافقته المبدئية فهو له شروطه ومطالبة وقيوده التي ذكرتها سابقًا. وحقيقه نعم ربما من جانب مُعيّن يمكن ألا نستبعد هذه الابعاد السياسيه عن هذا التفاهم والذي يمكن ان يساعد القوى السياسية اللبنانية والتي من الممكن لها ان تستخدم هذه الورقة بمرحله ما قبل الانتخابات النيابية للتحشيد والتجييش وكسب الرأي العام. وهذه وجهه نظر صائبه ولكن هناك وجهه نظر صائبه اخرى، فطالما نحن لسنا امام اتفاق نهائي، نحن امام اعلان نوايا وتفاهم مبدئي، فإذا لا يمكن ان نتوقع قرضًا عاجلًا من صندوق النقد الدولي الى لبنان بإنتظار امرين. الامر الاول مصادقه اداره صندوق النقد الدولي على هذا التفاهم والثاني مدى قدرة ورغبه القوى السياسيه اللبنانيه على اجراء هذه الرزمة من الشروط والاصلاحات التي ذكرناها. وهذان شرطان ضروريان لتقديم المساعدات الماليه والقروض الماليه الى لبنان.
وينهى شومان حديثه بالقول “نحن امام حاله اختبار وفق كل البنود التي ذكرتها والتي تتشعب من التدقيق المالي والحسابي والجنائي في مصرف لبنان الى اصلاح قطاع الكهرباء، مرورًا بإقرار قانون الكابيتال كونترول واعاده هيكله القطاع المصرفي والموازنة العامة وتحرير سعر صرف الليرة اللبنانية. ونحن امام اختبار، فإذا نفّذت القوى السياسية هذه المطالب وهذه الشروط تكون قد نجحت بنيل ثقه صندوق النقد الدولي. ولذلك فالحكومة اللبنانية هي محلّ اختبار ثقه من صندوق النقد الدولي فإمّا تنفيذ هذه الاصلاحات واما لا قروض ولا مال ولا من يحزنون”.